الصراع الأمريكي الإيراني في العراق .. من سيملك زمام المشهد السياسي في بغداد

تعتبر الحالة التي يعيشها العراق تعبيرا واضحا عن الصراع الإقليمي والدولي، ممثلا في أزرع الجانبين من القوى السياسية الداخلية والتي تسيطر على المشهد، لذا لا يمكن الحديث عن صراع أو رؤية مستقلة في التغيير يمتلكها الصدر دون الإطار التنسيقي.
Sputnik
ومن هنا فإن تقدم أي طرف على الآخر هو شهادة لطرف خارجي دون سواه.
والسؤال المطروح الآن.. هل يملك الصدر المقومات التي تؤهله لتجاوز عقبات المالكي في قيادة البلاد؟
بداية يقول، قحطان الخفاجي، نائب رئيس لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات، الأوضاع العراقية ببعدها الإقليمي وحجم التأثير الإقليمي والدولي على الشأن العراقي، لا يمكن قراءتها من خلال الأطراف العملية السياسية الحالية، الذين هم في الأساس بيادق لقوى خارجية.
الصدر يبحث مع بارزاني تشكيل حكومة أغلبية وطنية
الصدر وأمريكا
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، لذا لا يمكن تقييم الوضع الراهن بانتصار الصدر أو الإطار التنسيقي، نظرا لأنا لأمر يتعلق بالإرادة في طهران وواشنطن وأيهما تستطيع لي ذراع الآخر، أرى أن الإرادة الأمريكية ذاهبة باتجاه تثبيت الصدر لإحتواء المليشيات، وبالتالي سوف يدعمه البيت الأبيض بكل ما يملك وإن كان بصورة مباشرة عن طريق الحكومة العراقية، وبالتالي يستطيع الصدر تكسير أو إضعاف عزم التنسيق، والتنسيق يتطاير والإطار ينفجر ويمضي الصدر في طريقه.
وتابع الخفاجي، لكن الدعم الأمريكي وتفوق الصدر لايعني أنه امتلك رؤية معينة للتغيير أو التعديل أو الانتصار، بقدر ما أدركت الإرادة الدولية أنه لا احتواء حقيقي وفعال للمليشيات "الشيعية" غلاب قوة شيعية، وهذا ما يجعل الصدر الآن هو الأنسب، واعتقد أن هناك برنامج أمريكي آخر ضد الصدر، ومع هذا قد يكون هناك مجال الآن لكي نرى سطوة معينة للصدر في العراق، وهذا لا يعني نصرا أو صالحا للعراق بقدر ما هو صالح للإرادة الأمريكية والقوى السياسية التي انتفعت وسرقت ونهبت، والصدر أحد أطراف تلك العملية التي لا جدوى ولا نفع منها إلى للقوى الخارجية وأذنابهم في الداخل.
الكتلة الصدرية في العراق تعلن تجميد مفاوضات تشكيل الحكومة وتقرر مقاطعة جلسة انتخابات رئيس البلاد
تغيير الأوضاع
وأكد نائب رئيس لجنة العلوم السياسية، أن "تغيير الأوضاع العراقية بالاتجاه السليم الذي يخدم البلاد، لن يكون من وراء تلك القوى، لكن أي تغيير يحدث سيكون بما يخدم الإرادة الأمريكية بفاعلية أكبر لاحتواء الوجود الإيراني بالعراق، تمهيدا لاحتواء تأثير طهران في الإقليم عموما سواء في سوريا أو سواها، وهذا قد ينفع العراق إلى وقت معين، باعتبار أن إيران قد أساءت كثيرا للعراق باعتبار أنها دولة احتلال كأمريكا، لذا يستشعر الكثير من العراقيون خيرا بانكسار شوكة إيران في بلادهم، لعلهم ينعمون بشيء من الحرية والاستقلالية".
من جانبه يقول عضو الميثاق الوطني العراقي، عبدالقادر النايل، إن الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في العراق تدهورت بشكل كبير وكارثي، وألقت بظلالها على المشهد العراقي بسبب رهن أحزاب السلطة ومليشياتها مقدرات العراق لدول الجوار، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وإيران اللذين لعبوا دورا سيئًا تفاقمت معه الظروف المحيطة للشعب العراقي، الذي أصبح لايأمل من أي حزب أو تيار سياسي يشكل الحكومة بأنه سيخفف على العراقيين معاناتهم ومأساتهم.
الظهير الشعبي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أما من الناحية الشعبية، فلا يمكن أن يكون هناك دعم شعبي لطرف دون آخر، لأن جميعهم يتحملون المسؤولية الكاملة في تدمير العراق، لذلك لن يكون هناك أي مفاضلة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي من الناحية الشعبية لترجيح كفة على كفة أخرى والطرفان يمتلكان مليشيات مسلحة، لذا تتكافأ فرصهم في التنافس الصفري، مع رجحان كفة مليشيات الصدر بسبب انتشاره ومعرفته بتفاصيل مليشيات الإطار التنسيقي، المنشق أغلبها من جيش المهدي، بدعم من المالكي أثناء حكمه، لذلك التنافس بين الإطار التنسيقي والصدر ينحصر مع نوري المالكي وحزب الدولة، اللذان يسيطران على الدولة العميقة، والصدر يريد انتزاعها لصالحه بالكامل، وهنا نأتي على أن الطرفان يعتمدان على الدعم الإقليمي والدولي.
رئاسة العراق هل تعصف بالتفاهمات السابقة بين الأحزاب الكردية
وأشار النايل إلى أن هناك رغبة دولية لتغير قواعد لعبة العناية السياسية، فبعد أن كان حزب الدعوة يمثل المكون الشيعي حسب توزيع العملية السياسية إبان حكم بول بريمر مسؤول سلطة الاحتلال وبتوافق إيراني.
وأوضح عضو الميثاق الوطني، أن الحزب الاسلامي يمثل المكون السني، والاتحاد الكردستاني يمثل المكون الكوردي، والآن هناك رغبة دولية لا تعارضها إيران بأن يكون التيار الصدري ممثلا المكون الشيعي داخل العملية السياسية، والحلبوسي والخنجر يمثلون المكون السني والديمقراطي الكردستاني يمثل المكون الكوردي، وهي بالتأكيد انقلاب بارد على الدولة العميقة التي أسسها المالكي وحزب الدعوة، ويعتبرون أن الصدر يمثل الضد النوعي الذي يستطيع انتزاعها، لذلك حدثت بينهما الصراعات على الزعامة والمناصب، وقد استعان الإطار التنسيقي بالحرس الثوري الإيراني، وكانت زيارات قآاني متعددة وتوصل رسائل للسياسيين المحسوبين على السنة والكورد، تلك الرسائل وصلت إلى حد التهديد لعدم التحالف مع الصدر، نظرا لأن طهران ترغب وتدعم في بقاء الحال على ما هو عليه ويكون تشكيل الحكومة شكلي توافقي، وهو ما يرفضه الصدر وداعميه، لأن الصدر يعتبر أنه سيفشل إذا بقي المالكي والدعوة في السيطرة على الدولة ومؤسساتها، ولذلك جاء إصرار الصدر بأنه إذا استمر ستكون له الغلبة في ذلك، لأنه أيضا مقرب من إيران.
واستطرد: كما أن خطاب عمار الحكيم الذي أراد أن يصدر نفسه بأنه متزن بخطابه السياسي، وفي أول اهتزاز، كشر عن أنياب هو أشار بصريح العبارة إلى سياسي السنة والكورد، واتهمهم بأنهم يحاولون دعم طرف شيعي على آخر، والذي قد يتسبب فيما وصفه بالاقتتال الداخلي، وهذا ما يعكس الضغط الذي يمارسه الإطار التنسيقي، للتدخل الخارجية الإيراني في تغليب كفتهم على الصدر، ولذا رأينا أن تدخل خامنئي بعد فشل قآاني كان واضحا، وهو من أجبر الصدر اليوم على تعليق مفاوضات تشكيل الحكومة.
الصدر يوجه دعوة عاجلة إلى نوابه بشأن التصويت على منصب الرئيس العراقي الجديد
التبعية السياسية
ولفت النايل إلى أن انتصار الصدر على الإطار التنسيقي أو العكس ليس داخليا إنما خارجيا، وهذا يكشف تبعية العملية السياسية للخارج وليس للشعب العراقي، الذي يفترض أن يكون مصدر القرار فيها، ومهما وصلوا إلى تسوية، فإن العملية السياسية وصلت إلى مرحلة الانفجار بسبب بنائها الخاطئ الذي اعتمد على مصالح الدول المحتلة للعراق وليس مصالح العراق.
وأعلن الصدر في أكثر من مناسبة تمسكه بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، داعيا قوى الإطار التنسيقي إلى المشاركة فيها شريطة استبعاد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
فيما يرفض الإطار التنسيقي (تحالف شيعي يضم قوى بينها ائتلاف دولة القانون وتحالف الفتح)، هذا الطرح، ويطالب بدلا عن ذلك بحكومة توافقية بمشاركة كافة القوى السياسية داخل مجلس النواب كما جرت العادة خلال الدورات السابقة.
مناقشة