لماذا انهار الريال اليمني رغم الوعود الخليجية بدعمه؟... خبراء يجيبون

منذ سبع سنوات لم تغادر الأزمات المعيشية والخدمية المحافظات الجنوبية الواقعة تحت مظلة الشرعية اليمنية، حيث عجزت الحكومات المتتالية عن تحقيق أي تقدم اقتصادي، بل ازدادت الأزمات وانهارت العملة إلى مستويات تاريخية، الأمر الذي انعكس سلبا على كل مناحي الحياة، وتخطى سعر الدولار الواحد 1500 ريال يمني.
Sputnik
ورغم الاستقرار المؤقت الذي تحقق بعد هيكلة البنك المركزي اليمني بعدن، والإجراءات التي تم إقرارها من جانب الحكومة، إلا أن الأمر لم يدم طويلا، حيث عاود الريال الانهيار بصورة كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، ما طرح الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى تلك الموجة الجديدة من التراجع، بعد الإعلان عن ودائع ومنح وقروض لدعم الاقتصاد.
الرئيس اليمنى يعين محافظا جديدا للبنك المركزي على خلفية تدهور الريال

لماذا عاود الريال اليمني الانهيار مجددا أمام العملات الأجنبية؟

بداية، يقول شلال العفيف، الباحث اليمني في العلوم المالية والمصرفية، إن معاودة انهيار أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، ناتج عن تأكد المضاربين بالعملة من عدم حصول البنك المركزي على الوديعة النقدية التي كان من المتوقع الإعلان عنها خلال الأشهر القليلة الماضية.
أسباب الانهيار
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "بالإضافة إلى عدم وجود أي إصلاحات مالية أو إدارية من قبل الحكومة ووزارة المالية، وعدم الالتزام بتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي، وكذا استمرار توقف صادرات البلد النفطية والغير نفطية، مع استمرار استنزاف وتجريف العملة من قبل المستوردين للسلع الأساسية والكمالية في ظل عدم وجود تنظيم للاستيراد بالإضافة إلى عدم قدرة البنك على توفير مرتبات موظفي الدولة، وبالأخص السلك العسكري بشكل منتظم أدى إلى عدم ثقة الجمهور بالبنك المركزي، وهذا من أسباب انهيار أسعار الصرف".
وتابع العفيف، بالرغم من الإجراءات الحثيثة والمكثفة التي يقوم بها البنك المركزي، بالرقابة على شركات ومنشآت الصرافة في الوقت الحالي، إلا أن هذه الإجراءات لا تستطيع بمفردها كبح انهيار أسعار الصرف، وذلك نتيجة للأساليب التحايلية التي يقوم بها المضاربون بالعملة.
البنك المركزي
وأوضح الباحث اليمني، أن تغير أسعار صرف المزاد الذي يقوم به البنك المركزي نحو الارتفاع نتيجة مواكبة لتغير أسعار الصرف في السوق، شجع المضاربين بالعملة إلى رفع أسعار صرف العملة المحلية مقابل العملات الأخرى بشكل أكبر.
تحسن كبير لقيمة الريال اليمني أمام الدولار
وشدد على أن البنك المركزي بمفرده لا يستطيع المحافظة على استقرار سعر صرف العملة في ظل تخلي الحكومة ووزارة المالية عن القيام بمهامها.
انقسام البلاد
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي اليمني، إبراهيم محمد، إن الوضع الراهن هو أن البلاد تمر بحرب في أكثر من جهه، منذ فترات طويلة، ما أدى إلى تدهور وانهيار الجانب الاقتصادي، وهذا يعود إلى العديد من الأسباب.
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، من بين الأسباب التي ساهمت في الوضع الراهن بالمناطق المحررة، أولها انقسام البلاد إلى قسمين، أحدهما تحت مظلة الحكومة الشرعية والمعترف بها دوليا، وقسم تحت مظلة المليشيات الحوثية، والتي تعمل جاهدة إلى شل ما تبقى من مقومات الدولة شيئا فشيئا.
تدهور تاريخي
ونوه الخبير الاقتصادي إلى أن، الريال اليمني كما عهدناه من فترات سابقة متتالية، كان في مرحلة تدهور وانهيار غير مسبوق إلى أنه وصل إلى مستوى مخيف من التدهور حينها، وعند تعيين الإدارة الجديدة للبنك ساعدت على وقف التدهور، وعملت جاهدة على وضع حد لهذا التدهور، بل إنها عملت على وضع الحلول وتقليص حجم المضاربات بالعملات، حتى وصلت إلى مرحلة أنها عملت على وقف أسعار الصرف عند مستوى معقول نسبيا، نظرا للوضع الذي تمر به البلاد، من عدم وجود أي صادرات في ظل وجود الطلب المرتفع هذه الأيام على العملات الأجنبية، بسبب قدوم موسم شهر رمضان، والذي يزداد فيه حجم الطلب على السلع بمختلف أنواعها، ويعمل على استنزاف العملة الأجنبية خلال هذه الفترة والأيام الأخيرة وهذا يعد من الأسباب الرئيسية للتدهور الأخير.
واختتم بقوله، أن ارتفاع أسعار النفط عالميا بسبب الأزمة الحاصلة في شمال شرق أوروبا، هذه الأمور أثرت بالسلب على الأوضاع الاقتصادية في معظم الأسواق، إضافة إلى عدة أمور سياسية واقتصادية.
لماذا تراجع "الريال اليمني" عن المكاسب التي حققها أمام الدولار؟
وشهد الجانب الاقتصادي انفراجة بعد تعيين إدارة جديدة للبنك المركزي، وبعد الحديث عن وديعة مقدمة من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، واستعاد الريال اليمني القليل من قيمته، لكن ذلك لم يدم طويلا نتيجة فشل السياسات الحكومية.
وتقول مصادر إن قيادة ‏التحالف وضعت شروطا على إدارة البنك المركزي الجديدة وحكومة المناصفة، قبل تقديم الوديعة، أهمها وقف عمليات الفساد وإقالة المتورطين بالتلاعب والمضاربين بالعملة وإيداع إيرادات جميع المحافظات المحررة إلى البنك المركزي.
ويبدو أن نفوذ الشرعية يمثل العائق الذي يقف أمام أي إصلاحات اقتصادية، وهومن يؤخر وصول الوديعة إلى البنك المركزي، حيث لم يستكمل بعد الإجراءات القانونية المتعلقة بفساد الشرعية الخاصة بالوديعة.
وتقود السعودية، منذ 26 مارس/آذار 2015، تحالفاً عسكرياً من دول عربية وإسلامية، دعماً للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في اليمن، سيطرت عليها جماعة "أنصار الله" أواخر 2014.
مناقشة