بعد زيارة الرئيس الإسرائيلي لأنقرة... فلسطينيون يحذرون من خطورة التقارب التركي مع تل أبيب

الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ
في خطوة وصفها المراقبون بـ "المخيبة للآمال"، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، في قصره بالعاصمة أنقرة، ‏الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، في أول زيارة من نوعها منذ 14 عاما.‏
Sputnik
ورحب الرئيسان بـ"تحول" العلاقات بين البلدين بعد توتر شديد على مدى السنوات العشر الماضية، وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده تسعى إلى رفع إجمالي التبادل التجاري مع إسرائيل إلى 10 مليار دولار.
وحذر فلسطينيون من خطورة التحركات الإسرائيلية في المنطقة، لا سيما بعد حفاوة الاستقبال التركية، بعد أن كانت أنقرة تعارض التطبيع العربي مع إسرائيل، مؤكدين أن تل أبيب استطاعت النجاح في أن تكون لاعبًا أساسيًا في المصالح الاقتصادية للشرق الأوسط.
أردوغان عقب لقاء هرتسوغ: "زيارة تاريخية" و"نقطة تحول" في العلاقات بين تركيا وإسرائيل... فيديو
زيارة تاريخية
وأوضح أردوغان أن تركيا تهدف لإحياء العلاقات السياسية مع إسرائيل على أساس المصالح المشتركة، وأعرب عن استعداده للتعاون في مجال الطاقة.
وجاءت تصريحات أردوغان خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، والتي أكد من خلالها أن أنقرة تريد رفع التبادل التجاري الإجمالي مع تل أبيب إلى 10 مليار دولار.
وتابع الرئيس التركي: "المستقبل سيكون مليء بالفرص التي تتيح تطوير العلاقات بين الجانبين، ووزير خارجيتنا سيذهب لإسرائيل وفلسطين، وهذه زيارة مهمة".
ومن ناحيته، أوضح الرئيس الإسرائيلي، أن "العلاقات بين البلدين الآن تشهد تطورا، وتستمد قوتها من الماضي، ولديها جذور حقيقة ضاربة في التاريخ، ومرت العلاقات مؤخرا بمرحلة فتور ولكن الآن سنعيد النظر فيها، وسنواجه التحديات الدولية جنبا إلى جنب".
وكان هرتسوغ قد ذكر قبيل مغادرته تل أبيب متوجها إلى أنقرة، أن العلاقات الإسرائيلية التركية مهمة لكلا الطرفين وللمنطقة بأسرها، والعلاقة بين بلاده وتركيا شهدت تقلبات غير بسيطة في السنوات الماضية، وقد لا يتم التوافق على كل القضايا بين الجانبين، لكن ينبغي العمل على استئناف العلاقات بشكل مدروس وحذر مع احترام متبادل بين الدول.
وفتح هرتسوغ قناة اتصال مع أردوغان، بعد توليه منصب الرئيس الإسرائيلي مباشرة، حيث تحدث مع نظيره التركي أربع مرات عبر الهاتف، وتلقى هرتسوغ في المرة الأولى اتصالا من أردوغان، الذي هنأه بانتخابه للمنصب. وفي المرة الثانية، تحدثا في أعقاب اعتقال زوجين إسرائيليين واشتباه تركيا بأنهما جاسوسين، فيما أجرى أردوغان في المرة الثالثة محادثة مع هرتسوغ لتعزيته بوفاة والدته.
ومن ناحيته، اتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بأردوغان ليشكره على جهوده في الإفراج عن الزوجين الإسرائيليين، وهي أول محادثة بين رئيس حكومة إسرائيلي والرئيس التركي، منذ العام 2013.
احتفاء مخيب للآمال
اعتبر زيد الأيوبي، المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة "فتح"، أن "زيارة الرئيس الإسرائيلي لتركيا وحفاوة الاستقبال من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يمثل خيانة كبرى للقدس وطعنة في ظهر فلسطين".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فقد "جاءت حفاوة الاستقبال التركي مخيبة لآمال الفلسطينيين، الذين اقتنعوا من خلال هذه الزيارة بأن أردوغان يتاجر بالقضية الفلسطينية، ومعاناة الفلسطينيين، وهو من ضمن من يمهدون لطموحات إسرائيل".
وتابع: "أردوغان خدع الفلسطينيين بخطابه الشعبي العاطفي، ومضمونه الذي كان دائمًا يدافع عن القدس ويرفض الاحتلال، كما اعترض وانتقد تطبيع الدول العربية مع إسرائيل، لكنه أثبت من خلال هذا الاستقبال حجم الخداع الذي مارسه على الفلسطينيين، بشأن علاقته مع إسرائلي وفلسطين".
واستطرد: "الشعب الفلسطيني لن ينسى هذا الموقف المخيب للآمال من قبل الرئيس التركي أردوغان كونه عرف جيدا من عدوه ومن صديقه"، وفقا لقوله.
مصالح اقتصادية
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، مصباح أبو كرش، إن "تركيا كانت أول دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بإسرائيل في مارس من العام 1949، وقد جمعهما تعاون عسكري واستراتيجي ودبلوماسي عالي المستوى، وكل ما هو مرتبط بمخاوفهما المشتركة من حالة عدم الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فقد "مرت العلاقات التركية الإسرائيلية منذ العام 1996 (تاريخ توقيع شراكة استراتيجية تتيح لقواتها الجوية تبادل التدريبات في هذا المجال)، وحتى تاريخ اليوم، بمحطات عديدة شهدت الكثير من عمليات المد والجزر وخاصة في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لكن هذه العلاقات لم تصل في يوم من الأيام لحالة القطيعة الكاملة".
ويرى أبو كرش أن "الزيارة الأخيرة لتركيا التي قام بها إسحاق هرتسوغ وهي الأولى منذ عام 2007 أكدت بأن المصالح الاقتصادية لدول الشرق الأسط أصبحت مرتبطة بشكل وثيق بإسرائيل وهو الجانب الذي ركزت الأخيرة على أن تكون لاعبا متقدما ومؤثرا فيه إلى جانب الإعلام ولقد نجحت في ذلك بشكل كبير تجاوز حدود منطقة الشرق الأوسط ليصل إلى العالمية وبأشكال مازال البعض غير قادر على تصور حجم تأثيرها في هذا العالم".
وأشار إلى أن "التطبيع مع إسرائيل هو خيانة للقضية الفلسطينية العادلة، ولا يوجد وجهان لتفسير وتبرير أسباب حدوث مثل هذه الجرائم العظمى التي تؤثر بالسلب الكبير على القضية الفلسطينية، وخاصة عندما تقوم بها دول إسلامية وعربية المفترض أنها صاحبة قضية مقدسة منتهكة في فلسطين".
وتكتسب زيارة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ إلى أنقرة أهمية كونها الأولى لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، منذ عام 2008.
مناقشة