خبير: سياسة العقوبات الغربية تجاه موسكو لن تجني ثمارها على المدى القصير أو البعيد

استبعد الخبير السوداني، الرشيد محمد إبراهيم، أن ينهار الاقتصاد الروسي على خلفية استمرار العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأمريكية تجاه موسكو بسبب العملية العسكرية الروسية الخاصة لحماية دونباس، مشيرا إلى أن سياسة العقوبات التي تنتهجها واشنطن والعواصم الأوروبية، قد جُربت في العديد من الدول، ولم تحقق أهدافها المرجوة على المدى القصير أو البعيد.
Sputnik
الخرطوم – سبوتنيك. وتحدث الرشيد محمد إبراهيم، أستاذ العلاقات الدولية ومتخصص في حلف شمال الأطلسي، اليوم الخميس، لوكالة "سبوتنيك"، حول جنون العقوبات الأمريكية والأوروبية نحو روسيا، قائلا: "العقوبات الدولية أو الغربية على روسيا هي قديمة، وقد طبقت من قبل مع ألمانيا عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكذلك العقوبات التي فرضتها أمريكا على هافانا، إبان الأزمة الكوبية الأمريكية من القرن المنصرم".
وتابع: "لذلك، تظل الفكرة المركزية لهذه العقوبات هي شل الاقتصاد الروسي". وتساءل الخبير، قائلا: "ولكن السؤال، هل الولايات المتحدة والغرب لها القدرة لشل الاقتصاد الروسي؟ أقول هناك شكوك كبيرة حول قدرتها على ذلك لأن روسيا ليست مثل دول إيران أو السودان أو مثل ليبيا التي فرضت عليها العقوبات".
العملية العسكرية الروسية لحماية دونباس
أمريكا: لا نسعى للصراع مع روسيا لكننا مستعدون له وسندافع عن كل شبر من أراضي الناتو
وأشار إلى العلاقات الروسية والصينية الوطيدة، وقال: "الآن من الواضح أن هناك تفاهمات روسية صينية، وشاهدنا كيف أصدر البنك المركزي الروسي البطاقات الذكية (يونيون) للتعامل البنكي بين البلدين، مما يدل على قدرتها امتصاص مثل هذه الصدمات كبير جدا"، كما هناك حديث ربما الدبلوماسية الأمريكية بالصين، ولكن الصين هي تظل حليف قوي جدا بالنسبة لروسيا وهي صديق معتمد وليس عدوا معتمدا، كما أن هذا الموقف أيضا يختلف في أمريكا على لسان ترامب في العام 2018، حين صنف الصين وروسيا على أنها عدو بالنسبة للاستراتيجية الأمريكية وتبقى حظوظ أمريكا في سياسة الاحتواء ضعيفة جدا والآن تستعين بكركاس والصين وهي ذات الدول التي فرضت عليها أمريكا عقوبات كبيرة".
كما بيّن الخبير أن "مستوى الوعي للقيادة الصينية، عن احتمالية يكونوا هدفا أو الضحية القادمة إذا ما نجحت العقوبات الأمريكية تجاه روسيا لذلك هناك وعي وإدراك بهذه الحقيقية لدى القيادة بالصين ويصعب احتواء الصين وفق هذه المعطيات ويبقى الموقف الصيني سوا في مجلس الأمن الدولي، أو الجمعية العامة للأمم المتحدة او مجلس حقوق الإنسان يظل يفهم في سياق نفهمه وإدراك الخطوة التي أقدمت عليها روسيا".

ويؤكد الخبير على فكرة أن أمريكا وسياستها الخارجية لا تعتمد على موقف مبدئي، ودلل بقوله، إن "أمريكا التي تفرض عقوبات على النفط الفنزويلي طول السنوات الماضية، الآن واشنطن تستنجد بكراكاس لتغطي حاجتها من النفط بعد أعلنت حظر النفط الروسي إلى أمريكا، إذن ليس هناك بعد مبدئي أو أخلاقي في العملية الدبلوماسية الأمريكية"، مضيفا: "كما أن الولايات المتحدة الأمريكية ربما تعول على اتفاق مع إيران لتعويض هذا النفط، ويبدو أن روسيا تعي ذلك ولا أظن أن هذه العقوبات بهذا الشكل إلا قانوني والذي شمل حتى الاستيلاء على أموال مواطنين روس لهم إقامات في دول أوروبا شمل حتى منع محاضرة أديب ومفكر روسي بإحدى جامعات لندن".

واستطرد إبراهيم: "أيضا تبقى هذه المسائل وفق القانون الدولي أم خروج عليها كمان أن منهج وقضية إدارة العقوبات ليس بضرورة أن يكون المعاقب هو الخاسر الأكبر، وبدا واضحا بسبب سياسات العقوبات التي تقودها واشنطن حصول انقسام داخل دول الاتحاد أوروبا بسبب تضارب المصالح لبعض الدول مثل ألمانيا لها موقف بناء على كمية استهلاكها من الطاقة، وكذلك رومانيا والمجر بناء على استيرادها مصادر الطاقة الروسية، تبقى أن الخطوة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة الأمريكية لمنع صادر النفط الروسي هي عملية رمزية ولا تشكل أي قيمة لذلك فإن أوروبا لن تنساق حول هذة العملية".
ومن زاوية أخرى، يوضح الخبير أن الهدف من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أنها "تفهم في سياق أن الوضع في أوكرانيا أصبح مهددا للأمن القومي الروسي، وأن روسيا تمددت نحو مجالها الحيوي من بعد أن فشلت الدبلوماسية خاصة اتفاقيات "مينسك" 2014 في تلبية الضمانات الروسية من أوكرانيا، وهذا سبب مبرر والدول الكبرى تفعل مثل هذه الخطوات، أمريكا عندما هُدد أمنها في أفغانستان ذهبت ومعها الناتو وضربت أفغانستان وفعلت ذلك مع العراق".
وأشار إلى أن " العملية العسكرية محدده بنطاق جغرافي محدد هو أوكرانيا ولم يتمدد مع مراعاة كل الترتيبات الخاصة لضمانة حقوق المدنيين ولذلك الآن نشهد فتح ممرات أمنه من أوكرانيا، ولأول مره في تاريخ الحروب والنزاعات أن يكون هناك ممر من الدولة المهاجمة، والآن روسيا تستقبل آلاف من اللاجئين الأوكران وهو ما لم يحدث في التاريخ الأوروبي الحديث، ولذلك هناك التزام حسب إعلان موسكو بالأمس دخول العمليات حيز التنفيذ وأن القانون الدولي الإنساني هو حاضر وأن حتى العمليات هناك استعمال لأسلحة ثقيلة بتنظيم حتى تقلل الخسائر وسط المدنيين".
العملية العسكرية الروسية لحماية دونباس
أنطونوف: خطاب أمريكا عن روسيا وصل إلى حد العبث وأصبح خطرا على الأمن الدولي
وبإشارة إلى إرسال الأوروبيين مقاتلين متطوعين نحو أوكرانيا للقتال ضد الروس، اعتبر الخبير السوداني أنه "خلل في تقديري وخلل استراتيجي في منهج إدارة أمريكا والغرب لهذة العملية"، لافتا إلى أن "هنالك حديث عن وصول عدد كبير من المرتزقة من جنسيات أوروبية وغير أوروبية إلى أوكرانيا هذة الخطوة ربما تدفع ثمنها أوروبا بعد أن تضع الحرب أوزارها لأن الهدف المعلن من روسيا إزالة النظام في كييف وإقامة منطقة آمنة بغرب أوروبا وتأمين المدن والبلدات في شرق أوكرانيا، ولكن على أروربا أن تستعد لدفع ثمن هؤلاء المرتزقه لأن الوجهة القادمة لهؤلاء المرتزقة لن تكون روسيا ولكن ستكون أوروبا بينما أمريكا ستكون بعيدة ويفصلها عنها المحيط الأطلسي".

وفي السياق، يقول الخبير إن "في حقيقة الأمر أن حوجة الغرب وأمريكا لأوكرانيا هي حوجة عسكرية وليست ثقافية، وبالتالي فهي مطلوبة من ناحية تكوينها بأن تكون قريبة من الاتحاد الأوروبي ونفس ما ينطبق على أوكرانيا ينطبق على تركيا بأن حوجة الغرب هي حوجة عسكرية وليس ثقافية".

واعتبر الخبير أن "حلف (الناتو) يعلن رفضه القيام بأدوار في أوكرانيا لأن المادة الخامسة من ميثاق الناتو لا تعطي أوكرانيا لأنها لا تتمتع بالعضوية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم يتذرع الناتو بالمادة الخامسة وتدخل في كوسوفو، ثم تدخل في العراق وأيضا في أفغانستان وفي ليبيا، والآن يقوم بعمليات خارج نطاق مسرح عملياته في البحر المتوسط وفي غرب أفريقيا، هذه أيضا تطفي تساؤلات جمة وتشكك في مصداقية وتوجهات الحلف التي استخدمت أوكرانيا وتقوية أوكرانيا لضرب العمق الروسي والآن روسيا تسيطر على كثير من المفاعلات واضح انها كانت تعزي أهداف كبيرة وكذلك أيضا المعامل البيولوجية؟".
وبدأت روسيا عمليات عسكرية روسية خاصة لحماية إقليم دونباس من جرائم القتل الممنهج منذ أعوام في 24 شباط/ فبراير الماضي، كما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الهدف من هذه العملية العسكرية هو نزع السلاح من القوميين الأوكرانيين وضمان حياد أوكرانيا.
مناقشة