هل تعود القرصنة إلى المياه الصومالية بعد انتهاء تفويض الأمم المتحدة؟

شهدت الصومال قبل 4 سنوات من الآن حالة من الفوضى وعمليات قرصنة على السفن التجارية وسفن الصيد وغيرها، الأمر الذي وصل إلى حد تهديد التجارة العالمية، ما دفع مجلس الأمن إلى تفويض السفن الحربية الدولية بمراقبة المياه والسواحل الصومالية، ما نتج عنه اختفاء القرصنة تماما.
Sputnik
ورأت الصومال في هذا التفويض الأممي تعديا على سيادتها، نظرا لأنه يسمح للسفن الأجنبية بالدخول إلى المياه الإقليمية للبلاد دون استئذان، وقد تم التمديد لهذا التفويض نهاية العام الماضي حتى مارس/آذار الجاري، ولم يصدر عن المنظمة الدولية ما يفيد التمديد أو الإلغاء حتى الآن.
بداية يرى المحلل السياسي الصومالي، عمر محمد معلم، أن مسألة عودة القراصنة إلى المياه الصومالية وعدم عودتهم مرتبطة بقدر كبير بمدى فعالية الحلول المقدمة لعلاج هذه المشكلة والأسباب الأساسية لانطلاقها.
القراصنة الصوماليون
وأضاف في حديث لـ"سبوتنيك"، أن القرصنة في الصومال كانت نتيجة لردة فعل من تصرفات السفن الأجنبية المدججة بالسلاح التي ضايقت الصيادين الصوماليين وعرقلت ممارسة مهمة الصيد في سواحلهم، ما دفعهم إلى حمل السلاح أول الأمر للدفاع عن أنفسهم وعن عملهم في البحر، ثم تطور الأمر لاحقا إلى القرصنة بحيث بدؤوا في احتجاز السفن سواء كانت تجارية مرخصة أو سفن صيد غير شرعية، وبالتالي أخذ الفدية مقابل الإفراج عن السفينة وطاقمها.
وأكد معلم، على أن أي حل لا يقضي على جذور المشكلة فلن يكون ناجعا، مضيفا "ثم إن غياب قوة بحرية صومالية فعالة ومكتملة التجهيز، من شأنه أن يرجح كفة احتمالات عودة القراصنة، إذا لم يأمن الصيادون على ممارسة مهنتهم في السواحل الصومالية".
بعد أعوام من السكون...القراصنة يعودون إلى سواحل الصومال
السفن الأجنبية
وأشار إلى أن مستقبل القرصنة في البلد الواقع بالقرن الأفريقي يتوقف على قدرة الصومال أو المجتمع الدولي على ضمان الأمان للصيادين الصوماليين، وعدم تعرضهم للهجوم من السفن الأجنبية التي تمارس الصيد غير المشروع في المياه الصومالية.
وحول رغبة مقديشو في عدم تجديد التفويض الدولي يقول المحلل السياسي، إن ذلك قد يكون جزءا من سعيها نحو استعادة سيطرتها على مياهها الإقليمية، ولعل ما يحفزها بذلك تقلص الهجمات التي يشنها القراصنة، حيث لم يسجل منذ مارس/ آذار 2017 وحتى الآن أي حالة اختطاف واحدة، مما يعني انحسار عمليات القراصنة، وبالتالي لا حاجة إلى وجود هذه القوات الدولية قبالة السواحل الصومالية، بهذا الشكل، وإنما في إطار تعاون عسكري ثنائي مع الصومال.
وقال إن تصريحات بهذا المعنى أطلقها أبو بكر طاهر عثمان مبعوث الصومال لدى الأمم المتحدة، في ديسمبر/ كانون الأول 2021، عندما قرر مجلس الأمن الدولي بالإجماع تمديد التفويض لمدة 3 أشهر تنتهي في مارس الجاري.
المجلس الأوروبي يمدد عملية أتلانتا في الصومال
إلغاء التفويض
بدوره يقول رئيس مركز مقديشو للدراسات بالصومال، عبد الرحمن إبراهيم عبدي: "في تقديري أن الصومال خلال السنوات الماضية فقدت جزءا من سيادتها الجوية والبحرية بسبب الحروب الأهلية والأزمات السياسية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن سعي الصومال لإنهاء تفويض مجلس الأمن بشأن القرصنة في المياه الإقليمية، يهدف إلى استعادۃ كامل أراضيها ولا سيما مياهها الإقليمية، وأن يتسنى استغلال ثرواتها البحرية كما أنها تهدف من وراء إنهاء هذا التفويض، أن يتم تحويل إمكانيات وطاقات المجتمع الدولي لبناء القوات البحرية الصومالية، ورفع قدرتها على حماية مياهها.
وأوضح عبدي، أنه في ذات الوقت يجب ألا ننسى أن الصومال ما زالت دولة ضعيفة، وأن عودۃ القرصنة لسواحلها أمر ممكن، وهذا الأمر له تداعياته على السلم والأمن الإقليمي والتجارۃ التي تمر عبر مضيق باب المندب.
وكانت وكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب"، قد أفادت في وقت سابق بأن مجلس الأمن الدولي لم يجدد في بداية مارس/آذار الجاري صلاحية تفويضه لمكافحة القرصنة في المياه الصومالية، ما سيكون له تداعيات على العملية الجوية البحرية الأوروبية "أتلانتا"، بحسب دبلوماسيين.
كان المجلس قد تبنى بالإجماع في 3 ديسمبر/ كانون الأول قرارا اقترحته الولايات المتحدة يمدد التفويض لمدة ثلاثة أشهر فقط بعد أن كان يجدد سنويا.
وفي 3 مارس/آذار الجاري، لم يتبن مجلس الأمن قرارا جديدا من دون الإعلان عن التخلي عن التفويض.
ولطالما أبدت الصومال بوضوح معارضتها لتمديد التفويض الذي يسمح للسفن الحربية الأجنبية بالمرور في مياهها الوطنية.
وبفضل تفويض الأمم المتحدة، لم يسجل أي هجوم لقراصنة منذ أربع سنوات، وكانت دول معينة مثل فرنسا قد دعت، بدعم من دول أوروبية أخرى، في ديسمبر إلى تمديد التفويض لتجنب حصول "فراغ أمني".
لكن الصومال اعتبر أن غياب الهجمات يبرر وضع حد للتفويض الأممي.
وانطلقت العملية الجوية البحرية الأوروبية "أتلانتا" في عام 2008 ومددها المجلس الأوروبي حتى ديسمبر 2021 بموجب تفويض من مجلس الأمن.
ونظرا لعدم تمديد التفويض الأممي، ستكون هذه السفن والطائرات قادرة على مواصلة مكافحة القرصنة في المياه الدولية ولكن من دون دخول المجال الجوي للصومال أو مياهه الوطنية.
مناقشة