تغيرات مهمة في العلاقات بين المغرب وإسبانيا… بعد تأييد مدريد لمقترح "الحكم الذاتي"

بعد توترات استمرت لنحو عام وأكثر بين الرباط ومدريد أعلنت الأخيرة دعم الطرح المغربي الخاص بـ"الحكم الذاتي" علنا وللمرة الأولى، ما يعد تغيرا جذريا في الموقف الإسباني.
Sputnik
وتعهدت الحكومة الإسبانية، وفقا لبيان صدر عن الديوان الملكي المغربي "بضمان سيادة المغرب ووحدته الترابية"، في إطار "المرحلة الجديدة" التي تم تدشينها بين البلدين.
غالي يعبر عن قلقه إزاء التطورات المتلاحقة والخطيرة في الصحراء الغربية
وقال رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، في رسالة وجهها للعاهل المغربي أنه "يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب".
وأضاف أن إسبانيا "تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف".
مرحلة التوترات
ودخلت العلاقات بين البلدين مرحلة من الفتور عقب استضافة إسبانيا رئيس جبهة البوليساريو، من أجل العلاج الطبي باستخدام وثائق جزائرية، ما أدى إلى إثارة غضب المغرب في أبريل/ نيسان 2021.
وخففت الرباط بعد ذلك القيود الحدودية مع جيب سبتة الإسباني في شمال المغرب في 17 مايو/ أيار 2021، ما أدى إلى تدفق ما لا يقل عن ثمانية آلاف مهاجر تمت إعادة معظمهم.
رسائل ودية
وفي يوليو/ تموز الماضي بعث وزير الخارجية الإسباني الجديد، خوسيه مانويل، برسالة ودية إلى الجانب المغربي.
ووصف وزير الخارجية الإسباني حينها المغرب بـ"الصديق الكبير"، مشدّدا "على ضرورة العمل مع شركاء وأصدقاء بلاده وتعزيز العلاقة معها، خاصة مع المغرب".
بحسب الخبراء فإن الخطوة الإسبانية تمثل نقطة مهمة في عمر الأزمة، وأنها قد تدفع الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف جماعي بدعم موقف المغرب بشأن الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب في وقت سابق.
وكثيرا ما أعلنت الرباط أن حل الأزمة يكمن في حكم ذاتي موسع للإقليم تحت سيادتها، وهو ما رفضته البوليساريو وطالبت بدلا عن ذلك بإجراء استفتاء في الإقليم لتقرير المصير.
إعادة تمركز
في البداية قال سمير بنيس المستشار الدبلوماسي المغربي، إن الخطوة الإسبانية تؤكد حكمة إسبانيا بشأن الحرص على مصالح البلدين.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الحكم الذاتي هو الخيار الأمثل والأكثر واقعية، وأن الخطوة الأخيرة تؤكد حرص مدريد على احترام التزاماتها مع المغرب.
إعلام: اتفاق بين المغرب وإسبانيا على إعادة تشغيل خط الغاز المغاربي الأوروبي
بحسب بنيس فإن إسبانيا لم تعترف صراحة بـ"مغربية الصحراء"، إلا أن الخطوة تعد إيجابية، خاصة أن الرأي العام الإسباني العام يحابي لجبهة البوليساريو.
دعم مقترح الحكم الذاتي
وأشار إلى أن مدريد دعمت مشروع الحكم الذاتي في وقت سابق، كما دعمت جهود المغرب، في حين أن الموقف الأخير يشير صراحة إلى أن الحكم الذاتي هو الأكثر نجاعة للحل السياسي للأزمة.
عوامل ثلاثة يشير لها المستشار المغربي دفعت مدريد لاتخاذ الموقف الحالي، أولها الموقف الصارم للمغرب في تعامله مع إسبانيا منذ بداية الأزمة، وتأكيده على أنه مستعد لإدارة الأزمة لأي مدى من الوقت ما لم توضح مدريد موقفها.
العامل الثاني يتعلق بالموقف الألماني تجاه "الصحراء"، خاصة أنها كانت الأكثر تشددا بشأن قضية الصحراء، إلا أن موقفها تغير مؤخرا عن المواقف السابقة، الأمر الذي دفع إسبانيا لإعادة حساباتها.
العامل الثالث يتمثل في قرار الجزائر بغلق أنبوب الغاز المار عبر المغرب، الأمر الذي ألحق الأذى بالاقتصاد الإسباني، والذي خلص مدريد من ضغوط ملف الغاز، بحسب بنيس.
في الإطار ذاته، قال سعيد الصديقي، إن الموقف الأخير لإسبانيا يعد خطوة للأمام، لكنه لا يعد تغيرا في الموقف.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المغرب رحب بالخطوة التي يمكن البناء عليها في إطار انتظار الاعتراف بمغربية الصحراء من قبل مدريد.
وشدد على أن الموقف الإسباني أشاد بمقترح المغرب الخاص بالحكم الذاتي ولم يشر بشكل صريح لمغربية الصحراء، إلا أن إسبانيا خرجت من منطقة الظل بشكل أوضح تجاه الأزمة.
يطوي الموقف الجديدة صفحة من التوترات التي سادت بين البلدين لعدة أشهر، فيما يتوقع الخبير المغربي، أن العلاقات تعود إلى سابق عهدها ما قبل الأزمة خلال الفترة المقبلة بعد الموقف الأخير لمدريد.
خبراء: المغرب لا تسعى لأي توترات مع إسبانيا... وأي تسليح هو حق سيادي
من ناحيته، قال نوفل البوعمري، الباحث المتخصص في شؤون الصحراء، إن إسبانيا فهمت، أن المغرب له ثوابت واضحة فيما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية وبالمحددات الأساسية التي تجمع شراكاته الاقتصادية والسياسية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذه المحددات تنطلق من ضرورة احترام وحدة الدول وسيادتها، وأن المغرب يعتبر أن قضية الصحراء ليست فقط حيوية بل ذات أولوية قصوى له و لم يعد مقبولا أن تكون موضوع ضغط عليه، أو أن تكون هناك مواقف غير واضحة تجاهها.
ويرى أن لإسبانيا مسؤولية تاريخية عن افتعال النزاع" حسب وصفه" وأنها حاولت زرع "كيان" تابع لها في مرحلة استكمال المغرب لوحدته الترابية، لكنها فشلت، حسب قوله.
وأشار إلى أن إسبانيا تتجاوز المرحلة، واختارت الاصطفاف في اتجاه بناء شراكة نحو المستقبل.
وبحسب الخبير المغربي، فإن الخطوة تنعكس إيجابا على المنطقة المتوسطية ككل، وعلى رهانات التنمية والتحديات الأمنية المطروحة أمنيا واقتصاديا، وعلى مستوى محاربة الهجرة غير النظامية.
من جهته، قال البرلماني المغربي السابق جمال بنشقرون، إن الخطوة تؤكد نجاح المغرب على المستوى الدبلوماسي بشأن إقناع العالم بمنطقية الحكم الذاتي للصحراء.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الخطوة تؤكد عزم المغرب التعاون مع الدول التي تتوافق مع نهجه الخاص المتوافق مع سيادته على كامل ترابه.
ويرى بنشقرون أن الموقف الأخير يمكن أن يزعج الجزائر بقدر كبير، خاصة بعد افتتاح العديد من القنصليات الأجنبية في المغرب.
موقف مرتقب
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يتجه إلى إصدار موقف جماعي في الوقت القريب بشأن ملف "الصحراء" للانتقال لمرحلة جديدة في عمر الأزمة تؤكد مشروعية الطرح المغربي.
وتقترح الرباط التي تسيطر على ما يقرب من 80 في المئة من هذه المنطقة، منحها حكماً ذاتياً تحت سيادتها، بينما تدعو بوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير.
البوليساريو ترفض الخطوة
في المقابل أكد سفير "الجمهورية الصحراوية" في الجزائر، رفض بلاده التام حكومة وشعبا للموقف الإسباني الأخير، الداعم للطرح المغربي في الأزمة الصحراوية المتمثل في مبادرة الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية، مشددا على المسؤولية السياسية والأخلاقية التي تقع على كاهل إسبانيا في هذا الملف.
مناقشة