عاصمة ثالثة تغلق أبوابها بوجه واشنطن... الجزائر ترفض زيادة إمدادات الغاز نحو أوروبا

باب جديد أغلق في وجه واشنطن، بعد أن أغلقت في وجهها أبواب بعض دول الخليج في وقت سابق حين حاولت إقناع العواصم المنتجة للنفط بزيادة إنتاج الطاقة لتفادي ارتدادات الأزمة تجاه أوروبا.
Sputnik
قبل نحو 10 أيام قامت ويندي شيرمان، نائب وزير الخارجية الأمريكي، بجولة خارجية إلى العديد من الدول من بينها الجزائر دون الكشف عن تفاصيل كثيرة ما بعد اللقاء مع رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون.
رئيس الأركان الجزائري يزور الدوحة ويلتقي بنظيره القطري
بعض المعلومات المتداولة تشير إلى أن الجزائر رفضت طلب الجانب الأمريكي بتشغيل خط الغاز المغاربي المتوقف منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وهو ما أكده خبراء من الجانب الجزائري رغم عدم الإعلان الرسمي عن ذلك.
الموقف الغربي حسب وصف الخبراء من الجانب الجزائري، والذي تمثل في التغير الجذري لإسبانيا من قضية الصحراء الغربية، يعد ردا على رفض الجزائر زيادة كميات الغاز المصدرة باتجاه أوروبا.
في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك" قال الدكتور محمد سرور الصبان، كبير مستشاري وزير البترول السعودي سابقا، إن المساعي الأوروبية لزيادة إنتاج النفط من قبل الدول التي تمتلك طاقة إنتاجية فائضة مثل السعودية والإمارات قوبلت بتحفظ شديد من السعودية والإمارات.
من ناحيته قال الباحث الاستراتيجي الدكتور رشيد علوش، إن الجانب الأوروبي طرح ملف الغاز الجزائري كبديل محتمل قبل بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الزيارة الأخيرة لنائب وزير الخارجية الأمريكي لكل من إسبانيا ثم المغرب والجزائر تفسر مسعى واشنطن للبحث عن صيغة تشغيلية جديدة لخط الأنابيب الذي يمر عبر المغرب إلى إسبانيا الذي توقف العمل به في أكتوبر الماضي، ولكن الطلب الأمريكي قوبل بالرفض من طرف الجزائر، بحسب علوش.
وفند علوش أسباب رفض الجزائر، التي تتمثل في القدرات الإنتاجية للبلاد، حيث لا يمكنها الاستجابة للطلب المتزايد على الغاز بشكل عاجل.
أما السبب الآخر أرجعه علوش للعلاقات بين روسيا والجزائر، حيث لا تريد الأخيرة الإضرار بها خاصة مع الضغوطات التي تتعرض لها موسكو في هذا المجال.
الجزائر: إسبانيا خضعت لابتزازات خسيسة لتغيير موقفها إزاء الصحراء الغربية
ويرى أن الجزائر تنظر للأمر من وجهة نظر سيادية مرتبطة باستقلالية القرار السياسي، مع الارتكاز على مبدأ عدم الانحياز في فترات النزاعات الدولية.
وأشار إلى الجزائر في البيان المشترك الصادر أثناء زيارة وزير الخارجية الجزائري للصين في وقت سابق، عبر صراحة عن رفض وإدانة العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا من طرف الدول الغربية.
بشأن تداعيات الخطوة الجزائرية على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، رجح الخبير الجزائري أنه ترجم بشكل مباشر في التغيير الجذري في الموقف الإسباني تجاه الصحراء الغربية.
ولفت إلى أن الموقف الإسباني جاء نتيجة ضغط أمريكي وأوروبي للضغط على الجزائر، من أجل إعادة تشغيل خط الغاز.
وأضاف: رغم الضغوط التي سعت لها واشنطن يؤكد الخبير أن الأخيرة تعلم العلاقة الاستراتيجية بين موسكو والجزائر، وأنها لا يمكن أن تخضع لإملاءات أو ضغوطات بحكم استقلالية القرار السيادي الجزائري.
وشدد على أن الجزائر دائما تلتزم بكل المواثيق والاتفاقيات الموقعة مع الشركاء، ومن بينهم واشنطن، لكن من جهة أخرى تمتثل للسياسة الخارجية القائمة على عدم الانحياز.
في ذات الإطار قال الخبير الاقتصاد أحمد سواهلية، إن الجزائر رفضت مطالب واشنطن بتشغيل خط الغاز المار عبر المغرب، لكن هذا الرفض غير معلن.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن رفض الجزائر يتماشى مع رؤية الجزائر التي تبحث عن عقود طويلة الأجل واستمرار الإمدادات إلى أوروبا.
الجزائر تستدعي سفيرها بمدريد للتشاور على خلفية دعم إسباني لمنح الصحراء الغربية حكما ذاتيا
ويرجح أن الجزائر جادة في المشروعات ذات الثقة، ولا تتفاعل مع قضايا ظرفية، خاصة أنه تعويض الغاز الروسي غير ممكن في الوقت الراهن، نظرا لأن مد خطوط غاز جديدة يحتاج لسنوات.
وأشار إلى أن الجزائر تريد الحفاظ على علاقاتها مع الجانبين الروسي والأوروبي، وأنها ملتزمة بالعقود والاتفاقيات الموقعة.
ويرى أن موقف إسبانيا تجاه الجمهورية الصحراوية جاء كرد فعل على رفض الجزائر، لكن الأخيرة لن تستجيب للابتزازات من الطرف الغربي.
وقبل يومين أفادت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية، بأن هناك أزمة متصاعدة بين الرياض وواشنطن على خلفية مطالب إدارة جو بايدن للسعودية بزيادة إنتاج النفط.
جاء ذلك وفق ما نقله روعي كايس، محرر الشؤون العربية في القناة، عن مسؤولين سعوديين لم يكشف هويتهم.
وقال كايس: "هناك أزمة متواصلة بين إدارة الرئيس الأمريكي بايدن والسعودية، وهذه الأزمة تصاعدت في ظل الحرب في أوكرانيا، وفي ظل توقع أمريكي بأن يستجيب السعوديون لطلب زيادة إنتاج النفط، لكبح زمام الأسعار في الأسواق.
ومضى بقوله: "لكن السعوديين في الحقيقة غير راضين، وهاجم مسؤولون كبار في العائلة الحاكمة السعودية، تحدثوا إلينا، إدارة بايدن بشدة".
وأضاف: ليس هناك من حل على ما يبدو لأزمة الثقة بين الجانبين، وإن الحل الوحيد ربما يكمن في الانتظار حتى انتهاء ولاية بايدن.
مناقشة