في ظل محاولات تأمين التدفق السياحي.. ما إمكانية انضمام مصر للنظام المصرفي الروسي "مير"؟

في ظل العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على روسيا، بدأت العديد من الدول تتجه نحو الانضمام إلى النظام المصرفي الروسي "مير".
Sputnik
وفي ظل التدفق السياحي الروسي الكبير لمصر في الفترة الأخيرة، واعتماد مصر عليها بشكل كبير في تعزيز قطاع السياحة والاقتصاد، طرح البعض تساؤلات بشأن مدى إمكانية انضمام القاهرة لنظام "مير"، لتسهيل التعاملات البنكية على السائحين الروس.
الاتحاد الأوروبي يفصل ثلاثة بنوك بيلاروسية عن نظام سويفت
وأوصى قطاع السياحة والطيران المدني بجمعية رجال الأعمال، في المذكرة التي أرسلتها لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي للتعامل مع الأزمة الروسية الأوكرانية، بإيجاد بدائل لعودة السياحة الروسية، مثل دراسة إمكانية إعادة احياء الصفقات المتبادلة بين مصر وروسيا فيما يتعلق بتبادل السياحة مقابل القمح مع مراعاة الأوضاع العالمية اللازمة الراهنة.

مصالح مصرية

قال أحمد سمير عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ المصري، إن السياحة الروسية تعد من أكبر مصادر السياحة في مصر، وقطاع السياحة يمثل جزءًا هامًا جدًا من زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي، وانتعاش قطاع السياحة يمثل انتعاشة كبيرة للاقتصاد المصري بشكل عام.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك" فإن الأزمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها على قدوم السياحة الروسية إلى مصر تمثل مشكلة ضخمة خاصة فيما يتعلق بالتعاملات المالية للسائح الروسي، وعدم قدرته التعامل بالبطاقات البنكية لكون هذا النظام تم وضعه تحت بند من بنود العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على روسيا.

وتابع: "هذا الوضع يدفع مصر للبحث عن مصالحها فيما يتعلق بالاستفادة من السياحة الروسية، وبحث إمكانية التعامل معهم بالنظام النقدي الروسي للبطاقات البنكية للبنوك (مير)، وهذا يتعلق بوزارة السياحة ووزارة المالية المصرية، بوضع خطة سواء بالموافقة على الاندماج بالنظام النقدي الروسي، أم وضع نظام جديد للتعامل مع السائح الروسي في مصر".

ويرى النائب المصري أنه من الضروري أن تفكر وزارة السياحة بالمشاركة مع المالية والحكومة بشكل عام في كيفية الاستفادة من السياحة الروسية، في هذه المرحلة، لا سيما فيما يتعلق بالتعاملات المالية للسائح الروسي من إقامة وحجز فنادق وغيرها من الخدمات.
وبشأن إمكانية اندماج مصر في النظام المالي الروسي، قال إن مصر تنتهج سياسة مالية ونقدية تتعلق بمعاهدات البنوك بشكل محدد، لكن في النهاية ما يخدم مصالح الدولة ستتعامل معه الحكومة بشكل كبير، بما يخدم الوضع في قطاع السياحي، باعتباره أحد القطاعات الهامة والروافد الأساسية للعملة الصعبة، وللاقتصاد المصري، مؤكدًا أن هناك إمكانية للتفكير في الاندماج مع النظام المالي الروسي (مير) أو على الأقل استحداث أحد النظم التي تساعد السائح الروسي للعيش والإقامة في مصر.

مزايا وتحديات

بدوره اعتبر الدكتور هاني أبوالفتوح، الخبير المصرفي المصري، أن مشاركة مصر في النظام الدفع النقدي الروسي (مير) من أجل الحفاظ على تدفق السياحة الروسية، في ظل العقوبات الاقتصادية وصعوبة استخدام السياح الروس للبطاقات البنكية، ليس مستحيلًا، لكنه يعتمد على صانع القرار المصري.
مصر تعلن بقاء السياح الأوكرانيين والروس على أراضيها إلى حين عودتهم بأمان إلى بلادهم
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، صانع القرار يوازن دائمًا بين المصالح الدولية الاقتصادية والسياسية وعلاقتها مع الشركاء الآخرين في الخارج، وهذا الأمر يرجع إلى تقييم متخدي القرار في مصر، والذين يوازنون ما بين الفوائد والمزايا من جانب، والتحديات من جانب آخر.
وأكد أبوالفتوح أن السياحة الروسية والأوكرانية يمثلان 30% من إجمالي السياحة الوافدة لمصر، خاصة السياحة الشاطئية، وكانت مصر قبل الأزمة تستعد لاستقبال السياحة الروسية بعد استئناف حركة الطيران.
ويرى أن السياحة الروسية مورد هام وحيوي لقطاع السياحة، مؤكدًا أن أي مجهودات تقوم بها الحكومة وقطاعات الأعمال لاستعادة تدفق السياحة الروسية مرحب بها.

سياسة نقدية مصرية

من جانبه اعتبر الدكتور عاطف عبد اللطيف رئيس جمعية "مسافرون" للسياحة والسفر، عضو جمعيتي مستثمري مرسى علم وجنوب سيناء، أن استمرار تدفق السياحة الروسية إلى مصر في ظل الأزمة القائمة مع أوكرانيا مهم جدًا، باعتبار أن السياحة الروسية تحتل المرتبة الأولى في مصر، فهناك 3 مليون و200 ألف سائح روسي يزورون مصر سنويًا، وكان متوقعًا زيادة هذا العدد قبل اندلاع الأزمة، في ظل الحجم الهائل لحجوزات الطيران من روسيا لمصر.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أظهرت الأزمة بجانب العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على موسكو، أن روسيا دولة كبرى ولا يمكن الاستغناء عنها، في شتى المجالات، سواء في الغاز والبترول أو القمح والذرة، والمعادن، متوقعًا رفع العقوبات في وقت قريب بعدما عانت أمريكا وأوروبا من تضخم كبير، وبات هناك أزمة مالية واقتصادية في العالم بأسره.
وبشأن إمكانية دخول مصر في نظام "مير" النقدي الروسي، أكد أن القاهرة تتبع سياسة متوازنة، وليس مستبعدًا أن تشارك بهذا النظام مستقبلًا، لا سيما وأن هناك الكثير من الدول التي تتعامل به، ورغم العقوبات لا تزال بعض الدول الأوروبية تتعامل مع روسيا لا سيما فيما يتعلق بالغاز.
وأوضح أن الحديث الأخير عن إيجاد آلية لتبادل القمح مع روسيا مقابل السياحة أمر فعال في الوقت الراهن، ويناسب ظروف الأزمة العالمية، ولا يمكن لأي دولة الاعتراض في ظل أهمية القمح باعتباره عنصرًا أساسيًا واستراتيجيًا لمصر، ويمكن من خلاله التبادل التجاري مع روسيا.
وأكد أن هذا الأمر أكثر فاعلية في الوقت الراهن من الاندماج في نظام "مير" الروسي، لكنه قال في الوقت نفسه إن هناك إمكانية كبيرة بالمشاركة في هذا النظام الروسي في حال كانت الشروط جيدة لمصر، لا سيما وأن هناك الكثير من الدول الكبرى التي تتعامل بهذا النظام، ولديها تبادل تجاري مع روسيا ضخم.
روسيا تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تقييم الوجود الأمريكي في سوريا
ويعتقد عبداللطيف أن العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على روسيا لن تستمر طويلًا، في ظل ارتدادها بشكل سلبي على هذه البلدان وباقي دول العالم، فهناك خسائر فادحة للشركات الأوروبية التي اضطرت إلى إغلاق نشاطها في روسيا، التي تعتبر سوقًا ضخمًا لجميع الشركات في العالم.
وأعلن ​البنك المركزي الروسي​ أن بطاقات فيزا وماستر كارد الصادرة عن البنوك الروسية ستظل تعمل في روسيا بفضل نظام الحوالات المالية الروسي البديل، وأن العقوبات لن تؤثر على ذلك، لكنها لن تكون متاحة خارج روسيا بما في ذلك المتاجر الإلكترونية الأجنبية، مؤكدًا أنه في حالة السفر للخارج يوصى باستخدام بطاقات نظام الدفع الوطني "مير".
وتُقبل بطاقة "مير" بالإضافة إلى روسيا، في دول أخرى من الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، أرمينيا وبيلاروس وقرغيزستان وكازاخستان، وكذلك في أوزبكستان وطاجيكستان وتركيا وفيتنام.
يذكر أن روسيا سارعت في إنشاء منظومة دفع وطنية عقب مواجهة عدد من المصارف الروسية لمشكلات مع شركتي "فيزا" و"ماستركارد" على خلفية العقوبات الأمريكية. وفي تموز/يوليو 2014، تم تأسيس شركة "المنظومة الوطنية لبطاقات الدفع"، ويملك المصرف المركزي الروسي 100 بالمئة من أسهمها. في الوقت الحالي، تم إصدار 26 مليون بطاقة "مير". وتقوم المنظومة الوطنية لبطاقات الدفع بتعزيز نظام دفعها في الدول الأخرى، ولا سيما في إيران والصين، وفي الدول الآسيوية والأوروبية.
مناقشة