بعد حل البرلمان التونسي... قوى سياسية تطالب بانتخابات مبكرة وسعيد يرفض

بعد قرار الرئيس التونسي القاضي بحل البرلمان، صوّبت الأنظار نحو الانتخابات التشريعية القادمة، وما إذا كان سيتم الإبقاء على موعدها في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل أم تقديمها إلى موعد لا يتجاوز 90 يوما.
Sputnik
وعلى الرغم من أن قرار حل البرلمان كان مطلبا مشتركا لعدد من القوى السياسية، إلا أن معظمها اعتبره إجراء منقوصا ما لم يعقبه إعلان عن انتخابات برلمانية جديدة سابقة لأوانها، وهو ما يرفضه رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي اعتبر أمس هذا المطلب "فتوى لا أثر لها في الدستور".
ويستند المطالبون بتقديم موعد الانتخابات إلى الفصل 99 من الدستور التونسي الذي ينص في البند الثاني منه على أنه "في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما".
وطالب الحزب الدستوري الحر الذي تقوده عبير موسي، (ممثل في البرلمان بـ17 مقعدا) رئيس الجمهورية بالدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة في أجل لا يتجاوز 90 يوما والتسريع في "إرساء مؤسسة تشريعية منتخبة قادرة على الشروع في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتوفير الموارد المالية الضرورية لإبعاد شبح الإفلاس والمجاعة".
فيما وجّه حزب التيار الديمقراطي (ممثل في البرلمان)، دعوة إلى التونسيين "للانتفاض بكل الأشكال السلمية والقانونية" ضد قرار حل البرلمان، داعيا إلى إجراء حوار وطني حول خارطة طريق "تحترم الشرعية الدستورية وتفضي إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة".
الرئيس التونسي يؤكد أنه لن يجري انتخابات مبكرة بعد حل البرلمان

قرار جاء متأخرا

وقال المدير التنفيذي لحزب "الشعب يريد" نجد الخلفاوي، لـ"سبوتنيك"، إن حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية سابقة لأوانها كان مطلب الحزب قبل حتى موعد 25 يوليو/ تموز.
وأضاف: "بالرغم من أن هذا القرار جاء متأخرا إلا أننا نسانده فيه، لأن هذا البرلمان لم يقدم شيئا للشعب التونسي، بل وتحول إلى مساحة للشجار والمناكفات السياسية".
واعتبر الخلفاوي أن قرار حل البرلمان يبقى منقوصا، مشيرا إلى أن الدستور ينص على الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة في ظرف زمني لا يتجاوز 90 يوما منذ تاريخ حل مجلس نواب الشعب.
وتابع: "احترام الدستور يقتضي المرور إلى انتخابات برلمانية في حدود 3 أشهر، ونحن مازلنا نتطلع إلى دعوة رئيس الجمهورية إلى هذه الانتخابات مثلما نص على ذلك منطوق الدستور".
وشدد الخلفاوي على ضرورة تحقيق الاستقرار السياسي، نظرا للوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي تمر به البلاد ولذي يستوجب توحيد الجهود والتحاور مع المنظمات الوطنية الفاعلة للخروج من الأزمة.
وقال إن المسار الصحيح يتمثل في العودة إلى الصندوق وللشعب التونسي الذي سيقول كلمته بعيدا عن الخيارات الخاطئة التي اتخذها في السنوات الأخيرة.
الغنوشي: شرطة مكافحة الإرهاب وجهت إلي استدعاء للتحقيق

انتخابات مبكرة دون استفتاء

بدورها، طالبت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، في مؤتمر صحفي واكبته "سبوتنيك"، بتطبيق القانون والامتناع عن الخروج عنه و"تحقيق الرغبات الشخصية واغتصاب إرادة التونسيين وتدليس المسار الانتخابي"، وفقا لقولها.
وقالت: "بعد حل البرلمان، خرجنا رسميا من تطبيق الفصل 80 الذي يفترض عدم امكانية حل البرلمان وبقائه في حالة انعقاد دائم، وبالتالي صدور أمر حل البرلمان يتعارض مع الفصل 80، لذلك لا بد من إصدار بيان رئاسي لإعلام الشعب بانتهاء الفترة الاستثنائية بعد انتفاء الخطر الداهم المتمثل في البرلمان".
وأضافت عبير موسي أن المرحلة تقتضي المرور إلى تطبيق الفصل 70 من الدستور، والذي ينص بطريقة واضحة أنه بعد حل البرلمان يمكن لرئيس الجمهورية أن يحكم بالمراسيم بالاتفاق مع رئيسة الحكومة ثم تعرض هذه المراسيم على البرلمان الموالي.
وشددت موسي على "ضرورة تخلي رئيس الجمهورية على رزنامته الانتخابية التي لا سند قانوني ودستوري لها"، والتخلي عن فكرة الاستفتاء الذي لا يسمح به الدستور في ظل غياب البرلمان وغياب أحزاب سياسية مشاركة فيه، وفقا لقولها.
وأضافت موسي: "يجب المرور إلى انتخابات برلمانية مبكرة يتم التنصيص عليها بالرائد الرسمي ودعوة الناخبين إليها في موعد لا يتجاوز الآجال التي نص عليها الدستور والمحددة بـ 90 يوما".
واعتبرت موسي أن تمديد هذه المدة سيعرض الأمن الوطني ووحدة الدولة لمزيد من المخاطر والشعب التونسي لمزيد من "المجاعة والإفلاس"، مشيرة إلى أن خزينة الدولة لا تحتمل تمديد فترة الاستثناء أكثر من 8 أشهر، مؤكدة موسي أن حزبها سيتجه إلى جميع عمليات التصعيد القانوني من أجل الوقوف ضد تجاوز القانون.

تمسك رئاسي بموعد 17 ديسمبر

يتمسك الرئيس التونسي قيس سعيد، بموعد 17 ديسمبر كموعد للانتخابات البرلمانية القادمة، الذي أعلن عنه ضمن خارطة الطريق السياسية للمرحلة القادمة.
وقال سعيّد خلال اجتماعه مساء أمس برئيسة الحكومة نجلاء بودن، في تعليق على مطالب الدعوة لانتخابات مبكرة: "لا أعرف من أين أتوا بهذه الفتوى ومن نصّب نفسه مفتيا للديار التونسية في القانون الدستوري".
وفي الإطار، أكد الخبير في القانون الدستوري، الصغير الزكراوي، في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن إجراء انتخابات مبكرة في ظرف 90 يوما هو قراءة خاطئة لنص الدستور
الاتحاد العام التونسي للشغل يرحب بقرار حل البرلمان
وأوضح: "الذهاب إلى انتخابات في ظرف 3 أشهر يكون في الظروف العادية، ولكن نحن الآن أمام فترة استثنائية.. وتلك الآجال تستوجب وجود برلمان وحكومة لم تنل الثقة أو لم يقع تشكيلها في الآجال المحددة وهو ما ليس متوفرا حاليا. جل أحكام الدستور وقع تعليقها بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 117".
ويرى الزكراوي أن قرار حل البرلمان يدخل ضمن صلاحيات رئيس الدولة، خاصة في ظل التطورات الأخيرة التي جدّت في البرلمان المجمدة أشغاله، معتبرا أن عقد جلسة عامة هو تمرد على الدولة ومحاولة للنيل من الأمن القومي وتغيير نظام الحكم، ومشيرا إلى أن "هذه الجرائم تقع تحت طائلة القانون وتستوجب تتبعات جزائية".
وشدد الزكراوي على ضرورة أن يمثل حل البرلمان منعرجا فنيا للخروج من النفق المظلم الذي تعيشه البلاد، داعيا رئيس الجمهورية إلى تغيير طريقة إدارته لمسار ما بعد 25 يوليو بالذهاب مباشرة إلى حوار وطني والدخول في إصلاحات عاجلة.
مناقشة