تصريحات متضاربة.. أين وصلت مفاوضات فيينا بشأن الاتفاق النووي ومن يعطلها؟

تضاربت التصريحات الأمريكية والإيرانية بشأن التوصل لاتفاق نووي بمفاوضات فيينا، ففي وقت تعلن فيه المصادر الرسمية عن قرب نجاح المفاوضات، تعود لتؤكد وجود بعض العقبات في طريق الاتفاق.
Sputnik
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، في مؤتمر صحفي أمس الاثنين، أن إيران ستعود إلى فيينا فقط لإتمام الاتفاق النووي مع القوى العظمى.
وأضاف قائلًا: "لن نعود إلى فيينا لإجراء مفاوضات جديدة لكن لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي، يجب إذن انتظار ردّ واشنطن على القضايا العالقة"، وفقا لسكاي نيوز.
من جانبها حملت وزارة الخارجية الأمريكية طهران مسؤولية التقدم بطلبات لا صلة لها بالملف النووي في مفاوضات فيينا الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم في عام 2015.
عبد اللهيان: إذا كان هناك توقف في محادثات فيينا فذلك بسبب الإسراف الأمريكي
وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس الاثنين إن "جميع المعنيين بالمحادثات يعرفون بالضبط من الذي تقدم باقتراحات بناءة ومن تقدم بطلبات لا صلة لها بالاتفاق حول النووي، وكيف وصلنا إلى هنا".
في السياق قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إن بلاده اقتربت من التوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا النووية، مشيراً إلى أن الكرة باتت في ملعب الولايات المتحدة.
وقال عبد اللهيان في محادثة هاتفية مع أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: "لقد اقتربنا من التوصل إلى اتفاق في المفاوضات ونقلنا مقترحاتنا بشأن القضايا المتبقية إلى الولايات المتحدة من خلال كبير المفاوضين من الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، والكرة الآن في ملعب أمريكا"، وفقا للعربية.
استعجال أمريكي
اعتبر صادق الموسوي، المحلل السياسي الإيراني، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن هو من يبحث عن نجاح له في ظل تراجع شعبيته، في ظل عدم تقديمه أي إنجاز، إضافة إلى تورطه في الحرب بأوكرانيا، حيث يبحث حاليًا عن أي نصر، عبر إتمام الاتفاق النووي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، إيران لا تحتاج إلى إقرار الاتفاق سريعًا، بل إن التأخر في هذا الملف يعطيها المزيد من الوقت للاستمرار في نشاطها النووي، وللتوسع في تخصيب اليورانيوم وتطوير المجال النووي.
إيران: واشنطن ترهن القضايا العالقة في فيينا لشؤونها الداخلية
وتابع: "أمريكا هي الآن من تبحث عن طريقة لإقناع إيران حتى تعيد الاتفاق النووي للحياة، لذلك هذا التذرع الأمريكي يبدو أنه هو في المراحل النهائية، وإيران الآن ثابتة على مواقفها، وأمريكا هي التي يجب أن تخطو الخطوة الأخيرة، وهذا الأمر سيتم لا محالة".
وأكد أن أمريكا ليس لديها أي ورقة ضغط لطرحها، فالرئيس السابق دونالد ترامب فرض كل أنواع العقوبات، ولا يملك بايدن أي شيء إضافي لتقديمه في هذا الصدد، حيث وصل إلى نهاية المطاف، وأي عقوبات يتم إعلانها ليس جديدة بل مكررة.
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي، يرى موسوي أن إيران غير مستعجلة وأمريكا هي التي تبحث عن نجاح لبايدن يرفع أي شيء من شعبيته داخل الولايات المتحدة الأمريكية، لذا فعليها القبول بالشروط الإيرانية لتمرير الاتفاق.
انفراجة قريبة
بدوره اعتبر الدكتور محمد محسن أبوالنور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسيات الإيرانية (أفايب)، أن قضية رفع الحرس الثوري الإيراني من قوائم العقوبات الأمريكية دون تقديم أي تنازل من قبل إيران، فيما تريد أمريكا مقابل رفع هذه العقوبات إقرار طهران علنًا بخفض التصعيد في الشرق الأوسط، هي السبب الرئيسي في عرقلة التوصل لاتفاق في فيينا.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا المطلب الأمريكي لم يلق قبولًا في إيران، التي أعلنت أنها لن تذهب إلى فيينا إلا لتوقيع الاتفاق النووي، بمعنى أنها اتفقت مع أمريكا على كل الأمور وأنها لن تقبل المساومة على هذا المطلب المتعلق بالحرس الثوري.
المفوضية الأوروبية: النص النهائي لاتفاق فيينا بات جاهزا ومطروحا على الطاولة
وعن أسباب التمسك الإيراني بهذا المطلب دون القبول بالشرط الأمريكي، أكد أبو النور أن حكومة إبراهيم رئيسي ووزارة الخارجية الإيرانية تواجه ضغوطا داخلية لم يسبق لها مثيل، من جبهة تعرف باسم "جبهة ثبات الثورة الإسلامية"، وهذه الجبهة يقودها السياسي البارز سعيد جليلي، وهي جبهة لها أصوات كثيرة داخل البرلمان، وهم أصوليون وموالون للحرس الثوري وللمرشد خامنئي، وهي تمارس ضغوطًا على المفاوض الإيراني كي لا يقبل بتوقيع أي اتفاق ما لم يكن ضمنه رفع الحرس الثوري وقياداته من على قوائم الإرهاب، إذا كانت أمريكا بالفعل جادة في حل الأزمة.
ويرى أبو النور، أن المطالب الأمريكية في مقابلها الضغوط الداخلية الإيرانية هي السبب في هذا تعطيل التوصل لاتفاق رغم أن إيران وأمريكا في حاجة للتوقيع على الاتفاق بسرعة أكثر من أي وقت مضى، على اعتبار الحاجة الإيرانية الماسة لتحرير الأموال السائلة في البنوك الأمريكية والأوروبية، والانخراط في السوق النفطية الدولية، وإعادة الاندماج مع النظام المالي العالمي، فيما تحتاج أمريكا للتفرغ للأزمة الأوكرانية الروسية والأزمة الراكدة مع الصين.
وتوقع رئيس المنتدى العربي أن الأيام القليلة المقبلة قد تبشر بانفراجة في حال تعاطت الدولتان أو توصلتا لنقطة ما في منتصف الطريق بين المطلب الأمريكي والشرط الإيراني المتعلق بالحرس الثوري وآلية رفع العقوبات عنه.
وتجري إيران في العاصمة النمساوية مفاوضات مع الصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا لإعادة العمل بالاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي أتاح رفع عقوبات عن طهران مقابل قيود صارمة على برنامجها النووي. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات شديدة.
إيران: عدم اتخاذ أمريكا قرارها السياسي بخصوص رفع العقوبات هو العائق الحالي في محادثات فيينا
مناقشة