لماذا عاد الريال اليمني للانخفاض بعد المكاسب التي حققها عقب تشكيل المجلس الرئاسي؟

شهدت العملة اليمنية "الريال" حالة من عدم الاستقرار عقب الإعلان عن تغييرات سياسية في جانب الشرعية بتشكيل مجلس رئاسي لإدارة البلاد، بالإضافة إلى وعود خليجية بوديعة عاجلة قيمتها 3 مليارات دولار.
Sputnik
ساهمت تلك الحالة في ارتفاع كبير للريال اليمني أمام العملات الأجنبية الأخرى وبصورة غير طبيعية، أرجعها بعض الخبراء إلى عوامل نفسية أكثر منها اقتصادية، لم يدم الأمر طويلا حتى عاود الريال الانخفاض مجددا أمام العملات الأخرى.
الأمر الذي طرح الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى ذلك وإلى أي مستوى من الارتفاع سوف يصل إليه ومتى يستقر عند سعر عادل؟
حكومة "أنصار الله" توجه اتهاما إلى مجلس التعاون الخليجي: لا تضحكوا علی الشعب اليمني
بداية يقول الباحث اليمني في المالية والمصرفية، شلال العفيف، إن الإعلان الرسمي عن الوديعة السعودية لدعم احتياطي البنك المركزي اليمني من العملة الأجنبية والتفاؤل بشأن المستقبل، كان له أثر في تحسن أسعار صرف العملة المحلية بشكل سريع ومفاجئ خلال الأيام الماضية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن هذا التحسن لم يستمر طويلاً حتى عاودت قيمة العملة المحلية بالتراجع بشكل سريع، حيث اتخذ المضاربون في العملة "شركات ومنشآت الصرافة" سياسة هجومية مضادة ورفعوا أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية لتجنب أي خسائر تلحق بهم.

وأوضح أنه على الرغم من قلة الطلب على العملات الأجنبية في السوق، بالإضافة إلى شح السيولة من الريال اليمني في السوق، إلا أن مؤشرات أسعار صرف العملة المحلية تسير في اتجاه معاكس وتستمر في الانهيار يوما بعد يوم في ظل صمت البنك المركزي اليمني.

وذكر العفيف أنه كان بمقدور البنك المركزي اليمني الاستفادة من التحسن المفاجئ لسعر صرف العملة المحلية في السوق، والتدخل وإعلان سعر صرف رسمي من قبل البنك المركزي والذي بدوره يخفف أو على الأقل يبطئ من عملية الانهيار المتسارع الذي شهدته أسعار صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية خلال الأيام القليلة الماضية.
عوامل نفسية
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي اليمني، وحيد الفودعي، أنه عندما انخفضت أسعار العملات الأجنبية أمام الريال اليمني، قلنا في ذلك الوقت أن الانخفاض يجب أن يصل إلى حد معين، ما دون هذا الحد يجب الحذر منه، لأنه بمجرد الإعلان عن اتفاق سياسي في اليمن ونقل السلطة إلى مجلس رئاسي ودعم خليجي قيمته 3 مليار، كل هذه عوامل نفسية ساعدت على انخفاض سعر الصرف.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أنه كان يفترض أن يكون هناك وسائل من قبل الحكومة الشرعية اليمنية وبنكها المركزي تحد من تأثير العوامل النفسية على سعر الصرف، بحيث لا تجعله ينخفض عن السعر الذي يجب أن يكون عليه في السوق، وما حدث هو أن سعر صرف الريال انخفض إلى ما دون الطبيعي نظرا لتأثره بالعوامل النفسية.
وأشار إلى أن الريال السعودي انخفض من 360- 200 ريال يمني بفعل تلك العوامل في أقل من 48 ساعة، وهذا أمر غير طبيعي وغير صحي اقتصاديا، لأن المستفيد منه هم بعض اللاعبين الأساسيين المتحكمين في السوق.
وأوضح أن هذا الانخفاض أثر أيضا على المواطنين الذين يتلقون دعما من الخارج، حيث أن انخفاض سعر الصرف ساهم في تخفيض سعر الصرف وبالتالي على ما سوف يحصلون عليه من مقتنيات في شهر رمضان سواء من مواد غذائية وملابس، أما الآخرين فلم يستفيدوا من هذا الانخفاض، حيث ظلت أسعار السلع والخدمات كما هي رغم انخفاض سعر الدولار.
معاودة الارتفاع
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن معاودة الريال للانخفاض مجددا بعد أيام فقط من الارتفاع يرجع إلى أن الانخفاض لم يكن طبيعيا وإنما بفعل عوامل نفسية يتحكم بها كبار اللاعبين والمضاربين بالسوق كما قلنا، وسوف يعود مجددا إلى حالته الطبيعية وربما أعلى، نظرا لأن المضاربين سوف يحاولون بيع ما لديهم من عملات أجنبية كانوا قد اشتروها عندما انخفض سعرها، وبعدها قد يستقر سعر الصرف عند حد معين.
بعد التغييرات التي طالت معسكر "الشرعية"... هل تستمر الهدنة في اليمن؟
ورأى أنه يجب أن يكون هذا الحد المعين هو ما يستهدفه البنك المركزي والحكومة، أي أن يقترب من السعر الحقيقي أو السعر الذي يجب أن يكون عليه في السوق، غير ذلك سوف يظل السعر يتأرجح صعودا وهبوطا ويتحكم به أشخاص خارج المنظومة التي تدير السياسة النقدية والمالية في البلاد.

بدوره اعتبر المحلل المالي اليمني إبراهيم محمد، أن ما يحدث الآن هو عملية ارتداد، حيث يحاول بعض الصرافين تعويض خسائرهم منها، وصباح اليوم الدولار يعادل 912 ريالا يمنيا.

وأضاف لـ "سبوتنيك" أن هناك ذعر في أوساط مضاربي العملة، وهناك خسائر كبيرة قد تصل إلى إفلاس بعض شركات الصرافة، والإصلاحات الاقتصادية القادمة ستعمل على تعافي العملة بشكل كبير، حيث أن قيادة البنك المركزي والحكومة ستقوم باستغلال الدعم المقدم من دول التحالف بشكل حقيقي وفعال لدعم العملة المحلية واستعادة مكانتها.
وديعة عاجلة
أما مازن النوبي، مدير صرافة العروي بعدن، فقال لـ"سبوتنيك" إن "الموضوع كله تكهنات بوجود وديعة مستعجلة من عدمها، لذا تلاحظ أن سعر الصرف متغير في اليوم الواحد أكثر من مرة وبفارق كبير".
ويشهد اليمن منذ 7 أعوام معارك عنيفة بين جماعة "أنصار الله" وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا مدعوما بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة أخرى لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها الجماعة بينها العاصمة صنعاء وسط البلاد أواخر 2014.
وأودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة 377 ألف شخص، 40% منهم سقطوا بشكل مباشر، حسب تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي.
مناقشة