بعد تخصيص 15 مليون دولار من الحكومة... إلى أين تصل أزمة الخبز في لبنان؟

وسط الأزمات المستعصية التي تلاحق كل القطاعات، تفاقمت أزمة الخبز في لبنان، مع استمرار مشكلة شح الطحين التي تعاني منها المخابز، واقتصار بيع الخبز داخل صالات الأفران وعدم توزيعه على المحال التجارية.
Sputnik
وحذر اتحاد نقابات المخابز والأفران في لبنان، من أزمة نقص خبز على الأبواب قبل أيام، نتيجة توقف العديد من المطاحن عن العمل، من جراء عدم تسديد مصرف لبنان ثمن القمح المدعوم المستورد من الخارج، وفقا لـ"سكاي نيوز".
ووقع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف خليل، قراراً يقضي بسحب 15 مليون دولار بشكل استثنائي من حسابات السحب الخاصة بلبنان لتأمين حاجة السوق الطارئة من القمح.
وقال الاتحاد في بيان، أمس الأربعاء، إنه "للأسبوع الثاني على التوالي، تشهد الأفران والمخابز في كل المناطق اللبنانية، نقصا في تسليم الطحين من المطاحن لأسباب عديدة".
وأكد أن "هذا الأمر أدى إلى توقف عدد من الأفران عن إنتاج الخبز، مما زاد الطلب على هذه السلعة الرئيسة لدى الأفران الأخرى، التي تعمل وما زال لديها كمية قليلة من الطحين لا تكفي لأكثر من يوم واحد".
وقال إن "مصرف لبنان يؤخر تسديد ثمن القمح المستورد لأسباب مجهولة، نأمل ألا تكون تصفية حسابات سياسية على حساب المطاحن والأفران والشعب اللبناني برمته".
مصرف لبنان يفتح الباب أمام أول اعتماد لحل أزمة الخبز

حلول مؤقتة

اعتبر الخبير الاقتصادي اللبناني، الدكتور عماد عكوش، إعلان الحكومة اللبنانية بصرف 15 مليون دولار لمواجهة أزمة الخبر، "حل ترقيعي"، مؤكدًا أن الحكومة لا تستطيع إلا أن تقوم به قبل الانتخابات البرلمانية، وإلا فإنها ستعرض العملية الانتخابية لانهيار محتوم، فاللبنانيون لا يستطيعون تحمل هذا الارتفاع والأزمة في الخبز دون النزول إلى الشارع والتعبير عن غضبهم.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، في المقابل، مصرف لبنان وعلى رأسه الحاكم، لم يعد يستطيع تمويل هذه العملية دون تغطية قانونية، لأن هذا التمويل وبهذه الطريقة التي اعتمدها الحاكم مخالفة لقانون النقد والتسليف، لناحية استعمال الاحتياطي الإلزامي، ومخالف لناحية استعمال حقوق السحب الخاصة، والتي من المفترض عدم استعمالها إلا لأهداف استثمارية، وليست استهلاكية، وبموافقة الحكومة ومجلس النواب.
وتابع: "هي بكل الأحوال خارج الموازنة وهذا يعني أن الحكومة تصرف من خارج الأصول، أي من خارج الموازنة مما يعرضها للمساءلة أمام مجلس النواب في أي لحظة، لذلك فإن هذه العملية من المستبعد أن تتكرر في المستقبل لما لها من تداعيات قانونية".
ويعتقد عكوش أن "رفع الدعم ولو بشكل جزئي بعد الانتخابات مباشرة وخاصة عن الطحين المستخدم في إنتاج غير الخبز العربي، وفي النهاية المعالجات لا تزال تعتمد على الحلول الجزئية بدون أي خطة للخروج من الأزمة، وهذا من المتوقع أن يستمر لستة أشهر قادمة".
طوابير الخبز تنافس طوابير الوقود في لبنان

انفجار اجتماعي

بدوره اعتبر الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، أن الأزمة الحالي تشبه كل الأزمات التي يعاني منها لبنان على كل المستويات، لكنها حساسة لأنها ترتبط برغيف الخبر وهذا ما تبقى للفقراء، ولم يكن ليتخيل أحد أن لبنان سيصل ليوم لا يجد فيه المواطن ربطة خبز في المخابز والأفران.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا المؤشر كارثي، ويدل على أن لبنان ذاهب لمناطق خطيرة جدًا، والحل الذي أقدمت عليه الحكومة حل ترقيعي كالعادة، كل هذه الأزمات لا يمكن أن تحل إلا من خلال استراتيجية وخطة إصلاحات كما أصبح معروفا وكما يطلب صندوق النقد.
وتابع: "كل الحلول الترقيعية يمكنها تسيير أمور المواطنين لمدة زمنية قصيرة جدًا لكنها لا تزيل القلق والخوف على المستقبل والخوف على مستقبل العائلات اللبنانية".
وأكد أن هناك محاولات من قبل السلطة للحد من الأزمات القائمة حتى انتهاء العملية الانتخابية، وبعد انتهاء مارثون الانتخابات من المتوقع أن يشهد لبنان المزيد من الانهيارات ومن الأزمات المستعصية، وهو ما قد يدفع إلى انفجار اجتماعي كبير، لأن الوضع لم يعد يحتمل.
وقال وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، إن الحكومة اللبنانية وافقت على صرف 15 مليون دولار كحل مؤقت لأزمة النقص المتزايد في الخبز بالبلاد.
وأضاف سلام لـ"رويترز" أن الحكومة ستصرف 15.3 مليون دولار كائتمان لاستيراد القمح كحل لمشكلة الخبز المدعوم.
وتابع: "الآن اعتماد 15.3 مليون دولار الذي فتحه مصرف لبنان سيمنحنا فترة تترواح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع حتى يتم فتح الاعتماد الثاني الذي طلبناه بمبلغ 21 مليون دولار".
وأكد سلام أن الحكومة لا تدرس حاليا رفع دعم الخبز وستسعى بدلا من ذلك إلى إبرام اتفاق بقيمة 150 مليون دولار مع البنك الدولي لتحسين الأمن الغذائي. وأضاف: "لكن على المدى الطويل نحن دولة في وضع مالي فقير وصعب لا تستطيع أن تدعم لا الخبز ولا غير الخبز".
ومنذ عامين، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وتراجع حاد في القدرة الشرائية.
مناقشة