ورقة المعابر والحصار الاقتصادي... ما تداعيات سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها إسرائيل في غزة

تتبع إسرائيل دائمًا ما يعرف بسياسة "العقاب الجماعي"، عند التعامل مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تبدأ بإغلاق المعابر والتضييق والخنق الاقتصادي على القطاع، ووقف حركة الصيد البحري والتنقل والعمل.
Sputnik
ومنذ توتر الأجواء بين إسرائيل وفلسطين في خضم الانتهاكات الإسرائيلية في القدس واقتحام المسجد الأقصى، عمدت إسرائيل على إغلاق معبر بين حانون مع غزة، وذلك قبل أن تعيد فتحه مجددًا منذ ساعات قليلة.
ورغم فتح المعابر، لا يزال الحصار الاقتصادي الإسرائيلي مفروضًا على قطاع غزة، الأمر الذي سيكون له تداعيات خطيرة على كافة الصعد السياسية والعسكرية، ومن شأنه أن يزيد حدة المواجهات، وسط تخوفات من انفجار أكبر للأوضاع في القطاع.
إصابة 3 فلسطينيين إحداها خطيرة بعد اقتحام قوة إسرائيلية لمخيم عقبة جبر في الضفة الغربية
سياسة الحصار
صرحت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن إسرائيل تتبع بإغلاق المعابر وحصار المدن، سياسة الخنق والتضييقات على أهالي قطاع غزة، وهو الأمر الذي يندرج في إطار العقوبات الجماعية المفروضة على القطاع، لتكريس عزله تمامًا عن جسد الدولة الفلسطينية.
وأكدت الوزارة رفضها التام للإجراءات والتدابير التي تتخذها إسرائيل، ومن شأنها أن تكرس لاحتلال الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك حلولها المؤقتة مثل "الاقتصاد مقابل الهدوء" وغيرها.
وحملت الوزارة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه القرارات ونتائجها وتداعياتها، وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والعاجل لرفع الحصار الظالم على قطاع غزة.
أعلنت إسرائيل، أنها ستسمح مجددا لفلسطينيي قطاع غزة بالعمل في أراضيها اعتبارا من اليوم الثلاثاء بعد توقف إطلاق الصواريخ من هذه المنطقة الفلسطينية.
وأُغلق معبر إيريز أو بيت حانون، وهو الوحيد لتنقل الأفراد بين قطاع غزة والأراضي الإسرائيلية، الأحد ردا على إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل على خلفية توتر شديد.
إسرائيل تعلن إغلاق معبر "إيريز" بعد إطلاق صواريخ من قطاع غزة
جريمة حرب
اعتبر زيد الأيوبي، المحلل السياسي الفلسطيني وعضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن الحكومة الإسرائيلية ومن خلال إغلاق المعابر والحدود في وجه الفلسطينيين، تمارس سياسة العقاب الجماعي بحق الشعب الفلسطيني.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الحكومة الإسرائيلية لا تميز في إغلاقها للمعابر بين الحالات الإنسانية خاصة المرضى الذين يحتاجون للتنقل بين غزة والضفة أو القدس وبين الحالات الاعتيادية، حيث تمنع الجميع من التنقل والتحرك وهو ما أدى في كثير من الأحيان إلى وفاة عشرات المرضى بسبب منعهم من الوصول للمستشفيات لتلقي العلاج.
وأضاف الأيوبي أن سياسة إغلاق المعابر التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية تستخدمها هذه الحكومة عندما تسعى للتصعيد الميداني مع الشعب الفلسطيني وتوتير الأجواء للهروب من أزمات داخلية، حيث تصدر حكومة إسرائيل أزماتها ومشاكلها الداخلية نحو الفلسطينيين.
وأكد القيادي في حركة فتح أن سياسة إغلاق المعابر تعتبر جريمة حرب موصوفة في معاهدة جنيف وميثاق روما كونها تعتدي على حقوق الفلسطينيين في الحركة بحرية، مشيرًا إلى أن هذه السياسات الإسرائيلية لن تثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة النضال بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
تستر اقتصادي
بدوره اعتبر مصباح أبو كرش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أن السياسات الاقتصادية الضاغطة على الفلسطينيين من أهم وأقدم الركائز التي تعتمد عليها في حربها المتواصلة على الفلسطينيين بشكل عام.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، عندما تقوم إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر بمنح الفلسطينيين بعض التسهيلات المرتبطة بالجانب الاقتصادي تحاول التستر خلف البعد الإنساني له؛ في الوقت الذي تتكشف حقيقة أهداف إسرائيل من هذا الجانب عندما تواجه مقاومة الفلسطينيين لهم؛ بغض النظر عن شكل وطبيعة هذه المقاومة المشروعة.
غانتس يعلن استمرار إغلاق معبر ايرز لمنع دخول العمال والتجار من قطاع غزة إلى إسرائيل
وتابع: "تعتبر المعابر الحدودية التي يحتاجها الفلسطينيون لتسيير الكثير من أمورهم الحياتية والمعيشية والتجارية من أهم أدوات إسرائيل لتنفيذ الكثير من سياسات عقابها الجماعي ضد الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال؛ وهو الأمر الذي يتجاوز أدنى درجات حقوق الإنسان في العيش بشكل طبيعي".
ويرى أبو كرش، أن هذه السياسات تعيش حالة يمكن أن نطلق عليها اسم "مرحلة المحرقة" فلقد أصبح الصغير قبل الكبير من أبناء الشعب الفلسطيني يدركون حقيقة مخططات وآلاعيب إسرائيل من خلال استخدام الملف الاقتصادي وأدواته؛ فلقد أصبح هذا الملعب مكشوف بشكل كبير وسقطت الكثير من أقنعة لاعبيه.
وأكد أن قيادة المقاومة الفلسطينية في غزة تجد نفسها مضطرة للتعامل مع هذا الملف بقليل من التغافل؛ لكن يدها على الزناد ولقد نجحت في إدارة الكثير من تفاصيله وهي تعلم جيدا أن انتصارها الحقيقي يكمن في إسقاط هذه الورقة الضاغطة على الفلسطينيين من يد الإسرائيليين بشكل نهائي؛ وهذا ما يحتاج للمزيد من العمل المقاوم الذي سيؤدي إلى حدوث حل سياسي حاسم يتجاوز تلك الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية التي أدت إلى وقوع الكل الفلسطيني في هذه الورطة الكبيرة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس قبل يومين، خلال جلسة تقييم للوضع مع قادة الجيش، إن الاستمرار في تقديم التسهيلات المدنية والاقتصادية لقطاع غزة مرهون بالاستقرار الأمني.
وذكر غانتس أن قوات الأمن ستستمر في وضعها ونشاطها بشكل عام لحماية المواطنين الإسرائيليين، محملا حركة حماس التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007 مسؤولية إطلاق الصواريخ.
الجيش الإسرائيلي: "حماس" حاولت تنفيذ عمليات تسلل وأسر جنود
ومثل إغلاق المعبر أمام نحو 12 ألف تاجر وعامل يدخلون إلى إسرائيل خطوة مفاجئة لسكان القطاع الذين يعيشون وضعا اقتصاديا صعبا، بحسب مراقبين فلسطينيين. ويعد قرار وقف دخول العمال من غزة "خطوة غير مسبوقة" بالرد اقتصاديا بدلا من توجيه ضربة عسكرية ضد أهداف لحماس.
وتصاعد التوتر في مدينة القدس بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية في الأيام الماضية خلال شهر رمضان المبارك الذي تزامن مع احتفال الإسرائيليين بعيد الفصح اليهودي.
وامتد التوتر إلى قطاع غزة، حيث أطلق نشطاء فلسطينيون الأيام الماضية قذائف صاروخية محلية الصنع من القطاع تجاه إسرائيل بعد عدة أشهر من الهدوء، فيما رد الجيش الإسرائيلي بقصف مواقع تتبع للجناح العسكري لحماس.
مناقشة