انخفاض تاريخي في منسوب نهر الفرات ينذر بكارثة إنسانية وبيئية خطيرة شرقي سوريا...صور

سجل مستوى تدفق نهر الفرات في الأرضي السورية رقماً قياسياً متدنياً هو الأول تاريخياً، وذلك نتيجة حبس السلطات التركية لمياه النهر ضمن السدود الضخمة المشيدة على طول الحدود (السورية- التركية) ما ينذر بكارثة بيئية وزراعية كبيرة شرقي سوريا.
Sputnik
ومنذ بداية شهر نيسان/أبريل إلى اليوم، قلّ الوارد المائي لنهر الفرات، ونتيجة لذلك تأثرت السدود الثلاثة المقامة على نهر الفرات، وهي (سد تشرين، سد الثورة، سد البعث)، مما يشكّل خطراً على جميع مناحِ الحياة الاقتصادية والاجتماعية، بسبب قلّة الوارد المائي، الذي يؤثر بشكل مباشر على مياه الشرب والري وتوليد الطاقّة الكهربائية.
وكشفت مصادر رسمية سورية تعمل في مجال الري والكهرباء لمراسل "سبوتنيك" شرقي سوريا، أن حبس مياه نهر الفرات بدأت فيها سلطات الدولة التركية منذ شهر كانون الثاني/ يناير من العام الماضي 2021، وهي مستمرة فيه حتى الآن وبشكل تدريجي وخطير يتهدد حياة الملايين من السوريين.
وأضافت المصادر بأنه بعد أن كان الوارد المائي يتراوح بين 200 و250 متراً مكعباً في الثانية منذ بداية العام الماضي، منخفضا من 500 متراً مكعباً في الثانية قبل سنوات الحرب، فقد أصبح الوارد المائي اليوم بين الـ 150والـ 190 متراً مكعباً في الثانية، وذلك في أوقات تعتبر الذروة في الحاجة إلى المياه للري والشرب وتوليد الطاقة الكهربائية في مناطق شرقي سوريا (الحسكة والرقة ودير الزور).
كما سجلت المناسيب الاستراتيجية الموجودة في البحيرات الطبيعة والصناعية على طول النهر ضمن الأراضي السورية انخفاضاً خطيراً إلى أدنى مستوى، حتى تحولت بحيرات سد تشرين بريف حلب إلى ممرات نهرية صغيرة جداً ، مانتج عنه مشاكل فنية ومشاكل في توليد الطاقة الكهربائية، حيث قل مردود العنفة من 105 و110ميغاواط في الساعة إلى نحو 70ميغاواط في الساعة فالسد يعمل حالياً من الساعة الرابعة عصراً حتى الـ 10ليلاً، بحسب المصادر.
انخفاض تاريخي في منسوب نهر الفرات ينذر بكارثة إنسانية وبيئية خطيرة شرقي سوريا
وفي مجال الزراعة، تأثرت بشكل كبير المحاصيل الزراعية الإستراتيجية نتيجة انخفاض منسوب النهر والذي يتزامن بشكل كبير مع قلة وشح الأمطار، ما اثر على المزارعين حيث أصبحت مياه البحيرة سد تشرين مثلاً بعيدة عنهم، أكثر من 2 كم، كل هذا يمكن تعويضه بمضخات ومحركات وخراطيم، لكن تكلفتها المادية هائلة، ما يؤثر على المحاصيل الشتوية.
وبينت المصادر أن انخفاض منسوب نهر الفرات انعكس سلباً على تأمين مياه الشرب حيث تعتمد أغلب المناطق على سرير نهر الفرات من ريف حلب مروراً بريف الرقة وصولاً إلى أرياف محافظة دير الزور على مياه النهر مباشرة في تأمين مياه الشرب، إما عن طريق محطات الضخ أو الغطاسات، وأصبحت أغلب هذه المحطات خارج الخدمة حالياً، حيث انخفضت مياه البحيرة شاقولياً ما يزيد عن الـ 4 أمتار ونصف المتر، ما أدى إلى انحسارها أفقياً، وأصبح اعتماد الأهالي على الصهاريج لنقل مياه الشرب.
وحذرت المصادر الرسمية عبر "سبوتنيك" في حال استمرار حبس المياه مع قدوم فصل الصيف سيزيد معدل التبخر وتزداد الحاجة إلى المياه، سواء للشرب أو الري، ما يعني دق ناقوس الخطر، لأن الوضع سيئ، إذ لم يبق إلا القليل، ونصل إلى المنسوب الميت في سد تشرين، أي توقف السد وتوقف إنتاج الطاقة الكهربائية وتوقف مضخات الري والشرب، وهذه كارثة إنسانية مقبلة.
وكان عدد من الخبراء السوريين في مجال الري والأنهار اتهموا عبر "سبوتنيك" الدولة التركية بتنفيذ الأوامر الأمريكية تطبيقاً لقانون "قيصر"، من خلال قطع وحصر حصة الدولة السورية من مياه نهر الفرات وفق الأنظمة والقوانين الدولية.
وذلك من خلال تعزيز قدرة "قيصر" الأمريكي على ضرب الاقتصاد السوري في عمقه الزراعي وتكريس تهديد خطير على الحياة البشرية والطبيعة في شرق سوريا، متذرعة لذلك بسيطرة ما يسمى "الإدارة الذاتية الكردية " المدعومة من الجيش الأمريكي على السدود ومنابع توليد الطاقة الكهربائية في المنطقة".
مبينين أن الدولة التركية تقوم بحبس المياه في ثلاث سدود عملاقة داخل الأراضي التركية وهي سدود "كمال أتاتورك"، الذي يبلغ تخزين المياه فيه 48 مليار متر مكعب من المياه و"سد كيبان" 30 مليار متر مكعب وسد "قرة قايا"، والذي يخزن فيه 9 ونص مليار متر مكعب".
انخفاض تاريخي في منسوب نهر الفرات ينذر بكارثة إنسانية وبيئية خطيرة شرقي سوريا
وأشار الخبراء إلى أن هذه الخطوات تأتي أيضا ضمن خطة الدولة التركية لتنفيذ ما يسمى مشروع "GAP"، الذي يضم ما يقارب مليون هكتار من الأراضي الزراعية والممتدة من ولاية أورفا غرباً حتى الأراضي المقابلة لمدينة المالكية في أقصى شمال شرق الحسكة، وهذه الإجراءات أدت إلى توقف جريان أنهار الجرجب والزركان وتل حلف وهي روافد أساسية لنهر الخابور، الذي جف بشكل شبه كامل قبل 25 عاما، كما أضعف جريان نهر الجغحغ المار في مدينة القامشلي.
وأوضح الخبراء أن الدولة السورية أقامت منذ سنوات طويلة بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي سابقاً، عدد من المشاريع والسدود المائية على نهر الفرات ومنها سد الثورة وبحيرة الأسد، التي تصل قدرتها التخزينية إلى 14 مليار متر مكعب، وسد تشرين بريف حلب، والذي تصل سعته التخزينية إلى 2 مليار متر مكعب من المياه، وسد البعث بريف الرقة، والذي تصل سعته التخزينية إلى 100 مليون متر مكعب.
حيث يضم سد الثورة 8 محطات لتوليد الطاقة الكهربائية يصل إنتاجها من الكهرباء إلى 800 ميغاواط ساعي وهي تشكل 45 % من نسبة الكهرباء الموالدة في سوريا، حيث يتم تشغيل خمسة منها بشكل طبيعي مع ترك عدد منها كاحتياط، إلا أن انخفاض منسوب المياه بشكل كبير إدى إلى خفض عددها إلى محطتين أو محطة واحدة فقط.
يشار إلى أن الاتفاقية السورية التركية 1987 هي اتفاقية مؤقتة لتقاسم مياه نهر الفرات بين سوريا وتركيا خلال فترة ملء حوض سد أتاتورك، والتي تمتد إلى 5 سنوات، أبرمت الاتفاقية في 17 تموز/يوليو 1987، وقد نصت على تعهد الجانب التركي بأن يوفر معدلاً سنوياً يزيد عن 500 متر مكعب في الثانية عند الحدود التركية السورية بشكل مؤقت إلى حين الاتفاق على التوزيع النهائي لمياه نهر الفرات بين البلدان الثلاثة الواقعة على ضفتيه.
سوريا تعيد بناء أول الجسور التي دمرتها الطائرات الأمريكية على الفرات... صور
مناقشة