مشروع القطار الطائر... لماذا تصر إسرائيل على تنفيذه وما خطورته على مدينة القدس؟

في خطوة جديدة لتعزيز عمليات "الاستيطان والتهويد"، التي تقوم به إسرائيل في مدينة المقدسة، توقع مسؤولون إسرائيليون أن تنفذ تل أبيب مشروع القطار الهوائي (التلفريك) في مدينة القدس قريبا.
Sputnik
ويأتي القرار بعد أن صادقت المحكمة الإسرائيلية العليا، أمس الأحد، على المشروع بعد ردها 4 التماسات قدمتها منظمات إسرائيلية يسارية ضده ما يعني إزالة جميع العوائق التي تحول دون تنفيذه.
وكانت الحكومة الإسرائيلية السابقة وافقت على خطة بناء القطار الهوائي في يناير/ كانون الثاني عام 2019، الذي سيربط جبل الزيتون في غرب القدس بساحة البراق/ حائط المبكى في شرق القدس، حيث من المتوقع أن تبلغ تكلفة المرحلة الأولى منه 200 مليون شيكل (الدولار يساوي 3.41 شيكل).
وبحسب الخطة يبلغ مسار القطار 1.4 كيلومتر، بقدرة استيعابية تصل إلى ثلاثة آلاف شخص في ساعة الذروة.

تنديد فلسطيني

وقال وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية فادي الهدمي، إن المصادقة على المشروع بمثابة "تصعيد خطير للاستيطان في القدس الشرقية ويعمق من مساعي إسرائيل، لتهويد المدينة".
إسرائيل تعتزم الربط بين مستوطنات القدس بـ"القطار الخفيف"
وأكد في بيان له، أن المشروع يحمل انعكاسات خطيرة على القدس الشرقية وسكانها، مشيرا إلى أن تنفيذه سيكون على حساب هدم عقارات والاستيلاء على أراض فلسطينية في محاولة لتشويه المشهد العربي والفلسطيني العام بالمدينة المحتلة وتغيير معالمها الأصيلة.
وتابع أن المشروع يضرب بعرض الحائط جميع القرارات الدولية ذات العلاقة بالقدس الشرقية بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، داعيا المجتمع الدولي للضغط على الحكومة الإسرائيلية لمنع تنفيذ المشروع.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان، أمس الأحد، إن خط القطار جزء لا يتجزأ من حملات تهويد القدس وبلدتها القديمة وتشويه هويتها الحضارية الفلسطينية، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.
كما اعتبرت الوزارة هذا المشروع جزءا من حملات تغيير الواقع التاريخي والقانوني والديمغرافي القائم في القدس.
وأكدت أن قرار المحكمة الإسرائيلية دليل آخر على أن منظومة القضاء والمحاكم في إسرائيل "جزء من منظومة الاحتلال نفسه وتعمل لخدمة مخططاته الاستعمارية التهويدية".
مئات اليهود المتشددين يتظاهرون بالقدس ضد "القطار الخفيف"... فيديو
وحملت وزارة الخارجية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن إقامة "هذه المشاريع الاستعمارية التهويدية" واعتبرت أن إقرارها وتنفيذها يمثل تصعيدا إسرائيليا خطيرا يهدد ساحة الصراع بانفجارات كبرى يصعب السيطرة عليها.
وطالبت الوزارة المجتمع الدولي والولايات المتحدة بسرعة التحرك والضغط على إسرائيل لوقف تنفيذ هذا المشروع على الفور، كما طالبت المنظمات الدولية المختصة وفي مقدمتها اليونسكو بتحمل مسؤولياتها في توفير الحماية للقدس ومقدساتها.

دعم الحكومة الإسرائيلية

اعتبر المحلل السياسي والقيادي في حركة فتح زيد الأيوبي أن إصرار حكومة إسرائيل على مشروع القطار الهوائي في القدس الشرقية ومحاولة شرعنة هذا الأمر من خلال قرار قضائي إسرائيلي يدل على أن حكومة بينيت غير ناضجة لفكرة السلام القائم على أساس قرارات الشرعية الدولية.
الخارجية الفلسطينية تطالب أمريكا بالضغط على إسرائيل لمنع إقامة قطار هوائي في القدس
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن الحكومة الإسرائيلية من خلال هذا المشروع ومشاريع أخرى مرتبطة ببناء آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية تدفع بالأوضاع نحو التصعيد الميداني لغايات انتخابية ترتبط بمحاولة تشكيل رأي عام إسرائيلي داخلي داعم للائتلاف الحكومي الإسرائيلي.
ونوه الأيوبي إلى أن السلطات الإسرائيلية تسعى لاستغلال الحرب الروسية الأوكرانية وانشغال العالم بها لتكريس الاحتلال بهدف تقويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف وفقا لرؤية حل الدولتين.
وأكد أن الشعب الفلسطيني لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الجرائم الاستيطانية الإسرائيلية وسيواجه هذه المشاريع بكل الوسائل التي أتاحها له القانون الدولي، لا سيما في ظل بدء القيادة الفلسطينية تحركا سياسيا ودبلوماسيا لحشد المجتمع الدولي للضغط على حكومة إسرائيل لإرغامها على التراجع عن مشاريعها الاستيطانية في القدس.
الأردن يدين موافقة إسرائيل على مد قطار بين تل أبيب والقدس
وتابع: "الشعب الفلسطيني يشعر بالخذلان تجاه مواقف الدول الكبرى تجاه القضية الفلسطينية خصوصا وأن هذه الدول لديها ازدواجية المعايير فهي تتحرك بقوتها في أماكن من العالم وتغض النظر عن ما يحدث في القدس من جرائم احتلالية باستثناء موقف موسكو ممثلا بموقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي رفض بصراحة هذه المشاريع ودعا الحكومة الإسرائيلية بشكل واضح وصارم لوقف ممارساتها الاستيطانية في القدس والضفة الغربية وهو ما كان له أثر كبير وعظيم في نفوس الكل الفلسطيني".

تهويد وتشويه متعمد

بدوره اعتبر مصباح أبوكرش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن مصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية على إقامة خط للقطار الهوائي في البلدة القديمة بالقدس المحتلة لن تجري محاولة إدخالها لحيز التنفيذ الفعلي في المستقبل القريب، حيث سيضاف هذا القرار إلى مجموعة من القرارات السابقة التي تكشف حقيقة النوايا الإسرائيلية الاستعمارية والتي تهدف بالدرجة الأولى إلى تهويد القدس وتشويه معالمها الحضارية التاريخية الإسلامية والمسيحية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن هناك أمل في أن يكون لمثل هذه القرارات أثرها على التوجه السياسي للسلطة الفلسطينية، لتعود إلى الاصطفاف العملي، إلى جانب إرادة الشعب الفلسطيني الثائر في وجه إسرائيل.
ويرى أبوكرش أن فصائل المقاومة الفلسطينية أعلنتها وبكل وضوح أن محاولات المساس بالقدس من قبل إسرائيل سيعني الرد الفلسطيني المقاوم على هذه الجرائم من خلال كل الجبهات المقاومة بطرق وأساليب تتجاوز كل الخطوط والاعتبارات، مضيفا: "لا نبالغ عندما نقول بإن هذه التهديدات جعلت الكثير من القرارات الإسرائيلية حبرا على ورق… فما بالكم وهي اليوم موجهة من قبل محور القدس بأكمله".
الإفتاء المصرية تطالب بتدخل المجتمع الدولي بوقف تهويد القدس
واعتبر أن توقيت إصدار هذا القرار ليس صدفة، لأن حكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت تحاول كسب بعض النقاط أمام أحزاب المعارضة في إسرائيل في ظل حالة عدم الرضا على أدائها وهذا ليس أمرا جديدا على طبيعة التنافس الداخلي في إسرائيل حيث يتنافسون على إبراز قدرتهم على انتهاك المزيد من الحق الفلسطيني الثابت.
وتقع في القدس الشرقية الأماكن المقدسة الرئيسية للمسيحية والإسلام واليهودية وتشكل البلدة القديمة جوهر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وسيطرت إسرائيل على القدس الشرقية في حرب العام 1967 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
مناقشة