بعد التصعيد الأخير..هل باتت الحرب وشيكة بين السودان وإثيوبيا

اعتبر البعض التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الإثيوبي حول العلاقات مع السودان، بأنها تمثل تمهيدا إعلاميا لشن ضربات عسكرية ضد الخرطوم من أجل استعادة إقليم "الفشقة"، وتوحيد الجبهة الداخلية في البلاد.
Sputnik
لماذا دقت إثيوبيا طبول الحرب ضد السودان؟
هل أصبحت الحرب وشيكة بين أديس أبابا والخرطوم، ولماذا انفجرت الأوضاع بتلك السرعة التي دعت وزير الخارجية و للمرة الأولى يصف العلاقات بين الجانبين بأنها ليست جيدة..هل هو رد على مطالبات سودانية بأرض "بني شنقول" المقام عليها سد النهضة، أم أنها قضايا منفصلة؟
ويعلق الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، على وصف وزير خارجية إثيوبيا علاقات بلاده بالخرطوم بأنها "ليست جيدة" بقوله: "يبدو أن الجانب الإثيوبي خلال الفترة الماضية وفي ظل وجود حرب في إقليم التيغراي، كان يحاول تجنب الدخول في صراع مع الحكومة السودانية، والآن بعد أن تم تجميد الحرب عمليا في الإقليم، عادت الحكومة الإثيوبية مجددا للتعامل مع إقليم الفشقة والذي أشار إليه الوزير في تصريحاته".
ضغوط داخلية
وأضاف ميرغني في حديثه لـ"سبوتنيك": "إثيوبيا تحاول مجددا فتح هذا الملف والتعامل معه باعتبار أن هناك الكثير من الضغوط الداخلية من جانب إقليم الأمهرة والحكومة المركزية نظرا لطبيعة إقليم الفشقة، لأن هذه المجموعات هى التي كانت قد استولت على تلك المنطقة خلال الـ25 سنة الماضية".
وحول ما إذا كانت التصريحات الإثيوبية كنوع من الرد على مطالبة بعض الأصوات السودانية بأراضي إقليم "بني شنقول" المقام عليه سد النهضة، صرح ميرغني: "لا أعتقد أنه ليس هناك ربط بين الفشقة وبني شنقول، الأمر يتعلق بالفشقة، حيث أن الحكومة البريطانية هى التي خططت منطقة الفشقة ويجب أن يشمل التخطيط منطقة بني شنقول".
جبهات داخلية
وأشار المحلل السياسي إلى أن "التصعيد الإثيوبي لن يكون في صالح السلطة الحالية في السودان، لأن السودان لديه الكثير من المشاكل الداخلية والخارجية بصورة تجعله ينأى بنفسه تماما عن فتح جبهة جديدة، كما أن تصريحات الوزير الإثيوبي تعبر عن "خلافات ووجود أجنحة" داخل حكومة أديس أبابا، والتي تعتقد أن لديها مصالح في منطقة الفشقة، حيث أن بعض القيادات الكبار داخل الحكومة كانت لهم مزارع في تلك المنطقة، وهذا من وجهة نظري يعبر عن تيارات داخل الحكومة الإثيوبية".
سد النهضة
ونفى ميرغني أن يكون هناك تأثير مباشر لتلك التصريحات على مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، لأن المشكلة التي تعاني منها مفاوضات سد النهضة، هو "التعنت الإثيوبي" بصورة عامة منذ عامين تقريبا، ومنذ آخر اجتماع تم في واشنطن في فبراير/شباط 2020، ولا تزال مفاوضات سد النهضة في مكانها، والأجندة المثارة من جانب مصر والسودان كما هى لم تتحرك حتى الآن.
تصعيد عسكري
ويرى المحلل السياسي السوداني، عبد الرحمن الأمين، أن "إعلان وزير الخارجية الإثيوبي أمام مجلس النواب في بلاده بمثابة تمهيد إعلامي لهجوم عسكري تنوي إثيوبيا شنه لاستعادة الفشقة السودانية، مستغله انشغال الساحة السياسية الداخلية بالصراعات داخل الفرقاء في البلاد".
"بكل تأكيد هناك تشابك في القضايا، خصوصا بعد تعالي بعض الأصوات التي تطالب بالأراضي السودانية المقام عليها سد النهضة الإثيوبي، هنا رأينا هذا التصعيد الإعلامي من جانب أديس أبابا حول العلاقات مع الخرطوم، ربما يكون مقدمة لتصعيد عسكري من جانب إثيوبيا للعمل على استعادة أراضي إقليم الفشقة التي تم تحريرها منذ أشهر مضت".
المرة الأولى
وأشار الأمين في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى أن "هذه هى المرة الأولى التي يخرج فيها مسؤول إثيوبي كبير إلى العلن ويقول إن العلاقات مع الخرطوم غير جيدة، ويتم اتهام السودان بأنها تدعم الجبهة الشعبية لإقليم التيغراي وأنه بات منطلقا لها للهجوم على الأراضي الإثيوبية، ومن ثم فإن تلك التصريحات هى تبرير إعلامي لأي هجمات إثيوبية على السودان، وبالتأكيد أن أي هجوم خارجي على البلاد سيوحد الجبهة الداخلية المتصارعة وربما يصطف الجميع مع السلطة الحالية، وكذلك الأمر بالنسبة لإثيوبيا التي قد تهدف إلى توحيد جبهتها الداخلية من خلال حربها ضد السودان".
وكان نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الخارجية دمقي مكونن، قد وصف علاقة بلاده بالسودان بأنها "غير جيدة"، خاصة بعد أن أصبحت الخرطوم "منطلقا لجبهة تحرير تيغراي" ضد بلاده بحسب قوله.
وأوضح مكونن خلال تقديم وزارته تقريرا أمام مجلس النواب أمس الثلاثاء، أن الخرطوم "استغلت الحرب في تيغراي وغزت الحدود، مشيرا إلى أن الوضع ازداد سوءا بعد أن أصبح السودان منطلقا لجبهة تحرير تيغراي".
واستدرك بعد ذلك قائلا: "إنه من الأفضل حل القضية سلميا وهناك آليات قائمة يمكنها حل الخلافات بين البلدين".
وفي فبراير/شباط الماضي، أقر البرلمان الإثيوبي رفع حالة الطوارئ التي فرضت في نوفمبر/تشرين ثاني 2021، في أعقاب تهديد متمردي تيغراي بالزحف نحو العاصمة أديس أبابا.
الحزب الشيوعي السوداني يستنكر احتجاز قيادته في دولة جنوب السودان
وكتبت وزارة الخارجية الإثيوبية في تغريدة أن "مجلس ممثلي شعب إثيوبيا وافق اليوم على رفع حالة الطوارئ التي فرضت قبل 6 أشهر".
وجاء تصويت النواب بعد مقترح لحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد الشهر الماضي، بتخفيف حالة الطوارئ التي أعلنت في الأساس لمدة 6 أشهر.
و ترافقت حالة الطوارئ مع حملة عسكرية واسعة شملت ضربات بطائرات مسيرة، تمكنت من صد مقاتلي الجبهة إلى داخل تيغراي، فيما أثار انسحاب المتمردين في ديسمبر/كانون أول الماضي الأمل في طي صفحة حرب مستمرة منذ 15 شهرا.
غير أن الجبهة أعلنت الشهر الماضي عن عملية عسكرية في منطقة عفر المجاورة، قالت إنها رد على هجمات لقوات موالية للحكومة، مما بدد الآمال بوقف لإطلاق النار
مناقشة