استراتيجية موحدة لاستخراج الطاقة.. ما أهمية دعوة "حزب الله" للحوار في لبنان ومدى قبولها سياسيا؟

في ظل ما أفرزته نتائج الانتخابات النيابية في لبنان، وفقدان كافة القوى السياسية الوازنة للأكثرية البرلمانية، ووسط توقعات بالدخول في أزمة فراغ سياسية نتيجة الخلافات بين القوى، طرح "حزب الله" مبادرة جديدة للحوار.
Sputnik
ووجه أمين عام الحزب حسن نصر الله دعوة للقوى السياسية اللبنانية للحوار حول استراتيجية تتيح استخراج الطاقة من المياه الإقليمية اللبنانية، وأعربت بعض القوى السياسية رفضها لهذه المبادرة، حيث وجدها البعض لا تراعي أولوية المرحلة، فيما وجدها آخرون بأنها مجرد "مضيعة" للوقت كما حدث في المرات السابقة.
لبنان: مصر تطالب بضمانات أمريكية لنقل الغاز إلينا
وقال نصر الله في خطاب له مؤخرًا: "لدى لبنان كنز وثروة هائلة من النفط والغاز نقف مكتوفي الأيدي أمامها، بينما العدو يُبرم عقوداً مع الاتحاد الأوروبي بالغاز كبديل عن الغاز الروسي".
وأضاف: "لا يحلّ مشكلة لبنان إلا النفط والغاز في المياه الإقليمية، فتفضلوا لنرى كيف نستخرجها ونحميها، وهذا يحتاج إلى القليل من الجرأة"، وفقا للشرق الأوسط.
وأضاف نصر الله أن "المقاومة تؤمن حماية لبنان رغم الانقسام"، مجددًا الدعوة إلى الشراكة والتعاون من موقع الاقتدار والقوة.
وطرح البعض تساؤلات بشأن أهمية دعوة حزب الله، ومدى إمكانية تطبيقها في الوقت الراهن، لا سيما في ظل الحاجة الملحة إلى توافق سياسي وبرلماني، من أجل تشكيل أكثرية يمكنها قيادة البلاد للخروج من كبوتها.
استراتيجية موحدة
اعتبر سركيس أبوزيد، المحلل السياسي اللبناني، أن هناك ضرورة ملحة للتوافق على استراتيجية موحدة من أجل استخراج الطاقة وحماية الثروة الوطنية، ومن أجل الحوار السياسي والوطني لتشكيل أكثرية نيابية تستطيع أن تدير شؤون الحكم في البلاد.
رياض سلامة يدعو مصارف لبنان لإبقاء فروعها وصناديقها مفتوحة لمدة 3 أيام
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تبقى هذه الضروريات مجرد أمنيات، ولا يوجد أي خطوات جدية من أجل التفاهم على خطة موحدة للطاقة، أو على خطة لإدارة الحياة السياسية وإجراء حوار عميق بين القوى، لأنه كما يبدو الحياة السياسية محكومة بنوع من العصبيات الفئوية الصغيرة، لا يوجد وعي بالشأن العام والمصلحة الوطنية العامة، وهناك نوع من الأنانية السياسية والانطواء على عصبيات فئوية لا تغلب الشأن الوطني.

وتابع: "غياب البرنامج السياسي والوطني والصراع في لبنان ليس مرهونًأ بأفكار وبرامج وخطط بقدر ما هو صراع بين قوى ذات طابع شخصي وفردي، ما يغلب الذاتية والفئوية والمظاهر على العمق السياسي، فحتى الآن من المستبعد التوافق على استراتيجية وطنية واحدة وأن يكون هناك حوار جدي ما يهدد تشكيل أكثرية نيابية تستطيع أن تدير شؤون البلاد".

وأكد أن الوضع الحالي يهدد عملية انتخاب رئيس الجمهورية، في ظل استبعاد اللجوء إلى حوار أو توافق بين القوى السياسية، ولا نزال في انتظار التطورات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على لبنان.
أولويات ملحة
بدوره اعتبر الناشط المدني اللبناني أسامة وهبي، حديث "رئيس حزب الله عن حوار سياسي واستراتيجية لاستخراج الطاقة، مجرد ذر الرماد في العيون، مؤكدًا أن الحزب لا يزال يمسك بزمام الأمور، ويتحكم بالرئاسات الثلاث، والحكومة ومجلس النواب رغم خسارته للأغلبية".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، العجز السياسي الذي يُبديه حزب الله في إدارة الدولة رغم سيطرته على لبنان لم يستطيع على مدى 3 سنوات من تقديم أي حلول للأزمات المتلاحقة، ولا يزال حتى الآن قادرًا على التعطيل لكنه غير قادر على إصدار أي حل للأزمة.
سائقو المركبات العمومية يقطعون طرق بيروت "احتجاجا على الأوضاع المعيشية"
وتابع: "هذه العناوين الكبيرة التي يطرحها حزب الله الآن، لا تتناسب مع الوضع في لبنان، في ظل أزمة الرغيف والكهرباء والمياه، فالشعب اللبناني يعاني من الجوع والعطش ولا يستطيع أن يحصل على المواد الأساسية التي يحتاجها بشكل يومي".
وأكد أن الاستراتيجات المطروحة تحتاج إلى 4 سنوات على الأقل لإنهاء الإجراءات وسن القوانين وتأليف المجالس، وهذا ليس في متناول لبنان، نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية والنقدية، لا يوجد إمكانية لتعديل أو الاتفاق على أي شيء يمكنه خدمة الشارع اللبناني.
وأضاف أن: "حزب الله وبدلا من الذهاب لتأليف حكومة قادرة وإنتاج أكثرية منسجمة يطرح عناوين كبرى لا حاجة لها الآن".
وخسر "حزب الله" أغلبيته الائتلافية البرلمانية في انتخابات أسفرت عن مكاسب كبيرة لخصومه، حسبما أظهرت النتائج النهائية.
وتنافست في الانتخابات التشريعية 103 قوائم انتخابية تضم 718 مرشحا موزعين على 15 دائرة انتخابية، لاختيار 128 نائبا في البرلمان.
وينتظر أن ينتخب المجلس الجديد رئيسا جديدا للبلاد، خلفا لميشال عون، الذي يشغل هذا المنصب، منذ عام 2016، والذي تنتهي ولايته، في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
مناقشة