ما الذي يحمله خبير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في زيارته إلى السودان؟

تأتي الزيارة الثانية للمبعوث السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أداما ديانغ، إلى السودان متزامنة مع استمرار ارتكاب قوى الأمن والشرطة انتهاكات جسيمة تجاه المتظاهرين الرافضين للحكم العسكري، كان آخرها السبت الماضي.
Sputnik
فما الذي يحمله ديانغ للسودان بعد أن تدهورت الأوضاع بصورة كبيرة عما كانت عليه خلال زيارته الأولى في فبراير الماضي؟
قال السياسي والحقوقي السوداني، الدكتور محمد الزين، "بعد الثورة السودانية كانت هناك ترتيبات لفتح مكتب متابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الخرطوم، بعد التطورات الأخيرة في هذا المجال وخروج البلاد من الحصار الذي كان مفروضا عليها تحت الفصل السادس والسابع للمجلس طوال ثلاثة عقود".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في السودان كانت ولا تزال تمثل الشاغل الأكبر للمنظمات الدولية، خاصة تلك الانتهاكات التي تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بشكل عام، وبصفة خاصة في مسألة حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
وتابع الزين، "مؤخرا بعد ثورة ديسمبر/ كانون أول تم فتح مكتب متابعة تابع للأمم المتحدة ويتعلق بحقوق الإنسان وإيفاء السودان بالتزاماته وتحسين موقفه فيما يتعلق بهذا الجانب، لذا فإن تلك الزيارة التي يقوم بها المندوب السامي لمجلس حقوق الإنسان الأممي، هى زيارة طبيعية وغير مستغربة".
وأشار إلى أن "القرارات التي صدرت عن الفريق البرهان مؤخرا والمتعلقة برفع حالة الطوارئ التي كان قد أقرها بعد 25 أكتوبر الماضي وإطلاق سراح المعتقلين، وتأتي تلك الإجراءات في إطارين أولهما ماذهب له المبعوث الأممي للسودان "فولكر"، وهو محاولة تهيئة المناخ السياسي للحوار، والإطار الثاني يتعلق بالبرهان ذاته ورغبته في أن تكون هناك انتخابات عامة والتي يجب أن تسبقها عملية الاتفاق حول تشكيل حكومة انتقالية، وهنا نجد أن الأشياء تزامنت مع بعضها البعض."
البرهان يصدر مرسوما برفع حالة الطوارئ في جميع أنحاء السودان
وأوضح الزين أن "تلك الزيارة للمندوب السامي لمجلس حقوق الإنسان إلى الخرطوم "أداما ديانغ"، ليس بالضرورة أن يكون لها تأثير كبير على الوضع المتأزم في البلاد، لأن الإشكاليات التي تتفاعل في السودان الآن تكاد تكون كلها بسبب العوامل الداخلية أكثر منها عوامل خارجية، حيث أن حقوق الإنسان في السودان مربوط بمناخ أي تحول سياسي".
مناورة سياسية
من جانبه، أكد الحقوقي السوداني، عامر حسبو، أن "ما يقوم به البرهان من إجراءات الآن، والتي تتعلق برفع الطوارىء وإخراج بعض المعتقلين، ما هى إلا مناورة سياسية لإرضاء المجتمع الدولي بعد أن ضاق الخناق على نظامه".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، "نظام البرهان لم يقم بتنفيذ أي من الوعود التي أطلقها بعد قرار الإنقلاب على الثورة، الأمر الذي أوصل البلاد إلى حالة من الانهيار في كل المجالات سياسية واقتصادية واجتماعية، والتي جعلت الشارع ينتفض منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لم ينقطع الحراك اليومي ولم تنقطع أيضا عمليات القمع المقرونة بسقوط الضحايا بشكل شبه يومي".
قناعات الشارع
وتابع حسبو، هذه الإجراءات لن تجدي شيئا مع القناعات التي أطلقها المحتجين من البداية والمتمثلة في اللاءات الثلاث، ولا شك أن إرسال الأمم المتحدة أحد خبرائها إلى السودان، هو لتأكيد ما لديهم من تقارير وشكاوى حول حقوق الإنسان والانتهاكات المستمرة في الكثير من المناطق والتي كان آخرها ما حدث في دارفور ومقتل المئات إثر نزاعات قبلية، الوضع في السودان أصبح ظاهرا للجميع ولا يستطيع البهان أو غيره إخفاء الحقائق عن العالم.
هذا وعين المفوض السامي لحقوق الإنسان في نوفمبر 2021، ديانغ خبيرا أمميا لرصد حالة حقوق الإنسان في السودان منذ 25 أكتوبر/ تشرين أول 2021، وهو اليوم الذي أعلن فيه عبد الفتاح البرهان انقلابه العسكري.
واستبق الجنرال البرهان زيارة الخبيرة الأممي بقرارات أصدرها ليلة الأحد الماضي، تتعلق برفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين، لكن محامو الطوارئ وهو كيان يدافع عن الحقوق قال إنه لا يزال هناك 34 محتجزا في مركز شرطة جنوبي الخرطوم.
بعد رفع الطوارئ... هل يقبل الشارع السوداني "حوار العسكر"؟
وقالت الأمم المتحدة وفق البيان الذي نشرته صحيفة "سودان تربيون" أن الزيارة ستسهم نتائجها في الحوار التفاعلي المعزز بشأن السودان، الذي سيعقد في منتصف يونيو/ حزيران الجاري، خلال الدورة الـ 50 لمجلس حقوق الإنسان.
وكان ديانغ قد طالب، عقب زيارته الأولى، برفع حالة الطوارئ ووقف استخدام العنف ضد المتظاهرين والتحقيق في مزاعم الاغتصاب.
أصدر رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، مساء الأحد الماضي، مرسوما برفع حالة الطوارئ في أنحاء البلاد.
وقال مجلس السيادة السوداني، في بيان له، إنه "في إطار تهيئة المناخ وتنقية الأجواء لحوار مثمر وهادف، يحقق الاستقرار للفترة الانتقالية، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مرسوما برفع حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد".
مناقشة