نقص التربة العالمي... تهديد عام للبشرية ينذر بنقص الغذاء والدواء وتدهور المناخ

ينظر العلماء على نحو متزايد إلى التربة – التي دوما ما اعتبرت الذهب الأسود للبشرية جنبا إلى جنب مع النفط – باعتبارها تهديد للعالم في ظل نقصانها وتوقع سيناريوهات كارثية مرتبطة بنفادها من الأرض.
Sputnik
أعلنت الأمم المتحدة بالفعل أن التربة محدودة وتوقعت خسائر فادحة في غضون 60 عاما. يحتاج العالم إلى التربة للزراعة، وتنقية المياه، والتخفيف من حدة المناخ، وخدمات النظام البيئي، والرعاية الصحية وغيرها، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي".
يمكن أن يصل تأثير تدهور التربة إلى 23 تريليون دولار من الخسائر في الغذاء وخدمات النظم البيئية والدخل في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2050، وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
تشمل الأسباب الرئيسية لتدهور التربة الممارسات الزراعية غير المستدامة والرعي الجائر وإزالة الغابات والاستخدام غير السليم للأراضي. ووفقا للأمم المتحدة، قد يؤدي تآكل التربة إلى تقليل ما يصل إلى 10% من غلات المحاصيل بحلول عام 2050، وهذا يشبه إزالة ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية.
من جانبه قال جو هاندلسمان، مؤلف كتاب "عالم بلا تربة" وأستاذ في جامعة ويسكونسن ماديسون: "هناك أماكن فقدت بالفعل تربتها السطحية بالكامل".
الفاو: الجراد الصحراوي يقضي على المحاصيل الزراعية في اليمن
فيما قال رونالد فارغاس، سكرتير الشراكة العالمية من أجل التربة ومسؤول الأراضي والمياه في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة: "حددنا 10 تهديدات للتربة في تقريرنا العالمي؛ تآكل التربة هو رقم واحد لأنه يحدث في كل مكان".
عندما يفقد العالم التربة، تتعرض الإمدادات الغذائية ومياه الشرب النظيفة والتنوع البيولوجي للخطر. علاوة على ذلك، تلعب التربة دورا مهما في التخفيف من تغير المناخ.
تحتوي التربة على أكثر من ثلاثة أضعاف كمية الكربون في الغلاف الجوي للأرض وأربعة أضعاف في جميع النباتات والحيوانات الحية مجتمعة، وفقا لكلية كولومبيا للمناخ.
كبير العلماء في وحدة أبحاث الزراعة المتجددة في معهد رودال، رضا أفشار، قال: "التربة هي موطن لأكثر من ربع التنوع البيولوجي للكوكب، وكل غرام من التربة يحتوي على ملايين الخلايا من البكتيريا والفطريات التي تلعب دورا مهما للغاية في جميع خدمات النظام البيئي".
يُعرف معهد رودال في كوتزتاون بولاية بنسلفانيا بأنه مسقط رأس الزراعة العضوية الحديثة. وفقا لأفشار تتمحور المشاريع التي يقوم بها المعهد حول تحسين وإعادة بناء صحة التربة.
مجتمع
انعدام خصوبة الرجال... علماء يحذرون من تهديد يلحق البشرية بحلول عام 2045
وقال الخبير الزراعي: "لدينا تجربة نظام زراعي تجري منذ 42 عاما. إنها أطول مقارنة بين أنظمة زراعة الحبوب العضوية والتقليدية في أمريكا الشمالية".
وجدت أبحاثه أن الزراعة العضوية المتجددة تنتج غلات تصل إلى 40% أعلى خلال فترات الجفاف، ويمكن أن تحقق أرباحا أكبر للمزارعين وتطلق انبعاثات كربونية أقل بنسبة 40% مقارنة بالممارسات الزراعية التقليدية.
لكن كيف يمكن ذلك؟ يبدأ بالتربة. ويقول أفشار: "عندما نتحدث عن التربة الصحية، فإننا نتحدث عن جميع جوانب التربة، الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية التي يجب أن تكون في وضع مثالي لتكون قادرة على إنتاج غذاء صحي لنا".
إنه أمر بالغ الأهمية بالطبع لأن العالم يعتمد على التربة في 95% من إنتاجه الغذائي، ورغم التوقعات السلبية، تقول ديانا باجنال، عالمة التربة البحثية في معهد صحة التربة، إن "الخبر السار هو أن العلماء يعرفون ما يكفي لبدء العمل".
مناقشة