هل حققت المفاوضات بين السعودية وإيران تقدما على الأرض... وما هو الموقف الأمريكي؟

بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، حول التقدم في ملف التفاوض بين السعودية وإيران بوساطة العراق وعدد من الدول الخليجية.
Sputnik
إلى أي مدى وصلت المفاوضات ومتى يتم الإعلان عن لقاءات على مستويات عليا وخطوات ملموسة على الأرض، وعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الملف ومدى رضاها عنه؟
بداية، يقول الخبير في الشؤون الإيرانية، حكم أمهز، إنه إذا ما اعتمدنا على التصريحات التي أطلقت من قبل طهران والرياض وأيضا من جانب بغداد، يمكن أن نقول أن هناك تقدما في هذه المفاوضات، لكن يجب أن نلتفت في هذا الإطار إلى أن التعقيدات والإشكاليات الكبرى التي حكمت العلاقات فيما بين الطرفين خلال السنوات الست الماضية بعد قطع العلاقات بينهما، هذه الإشكاليات والعراقيل كبيرة جدا وتحتاج إلى الكثير من البحث والتدقيق حتى يتم بناء علاقات على أسس واقعية، حتى لا تفتح أبواب إشكاليات جديدة في المراحل المقبلة.
رئيس الوزراء العراقي: المباحثات الإيرانية السعودية وصلت إلى مراحل متقدمة
الإشكالية الكبرى
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أعتقد أن "الأمور تجري بين الجانبين وبمساعدة الوسطاء العراقيين والعمانيين والقطريين في إطار البحث والاتصال خلف الكواليس، من أجل حلحلة الإشكاليات القائمة، ومع ذلك فإن هناك إشكالية كبرى لا يمكن تجاوزها وهو الموقف الأمريكي من مساعي التطبيع بين السعودية وإيران، وبالتالي هل ستسمح واشنطن للسعودية بتطبيع علاقاتها مع طهران، في وقت لا تطبع فيه الرياض علنيا حتى الآن مع الكيان الصهيوني، والتساؤل الآخر، هل ستستخدم أمريكا العلاقات السعودية الإيرانية في إطار الضغوط القصوى على طهران من أجل تقديم تنازلات في الاتفاق النووي، وهناك أسئلة كثيرة تطرح في هذا الإطار ليس بمقدور أحد أن يجيب عليها سوى السعودية، ويتعلق الأمر بقدرات الرياض على اتخاذ قرارات فيما يتعلق بالعلاقات مع إيران بعيدا عن الضغوط الأمريكية، والإجابة على الأسئلة العالقة هى التي يمكنها تحديد مصير العلاقات بين السعودية وإيران".
ونفى الخبير في الشؤون الإيرانية أن تكون المحادثات بين الرياض وطهران لا تزال في المربع الأول بعد تلك الشهور من التباحث كما يقول البعض، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الأمور تم إنجازها، حيث توصل الطرفان إلى تسويات واتفاقيات حول الكثير من النقاط المتعلقة بالعلاقات الثنائية والقضايا الأمنية، وهناك بحث الآن في الموضوعات السياسية، واليوم كان هناك اجتماع لقائد الثورة الإسلامية في إيران، علي خامنئي بالمسؤولين الإيرانيين عن تنظيم الحج، وكان هناك موقف مهم له، حينما أكد على ضرورة التركيز على خطر "الكيان الصهيوني" المحتل على المسلمين، وأن لدى الشيعة والسنة إيمان بالعيش المشترك، لكن الإشكالية الكبرى هى على المستوى السياسي، لذا قد تكون العلاقات السعودية الإيرانية أحد أوراق الضغط الأمريكية على طهران فيما يتعلق بالملف النووي.
تفاؤل حذر
في المقابل يقول المحلل السياسي السعودي، عبد الله العساف، "كان هناك تفاؤل من قبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فيما يتعلق بسير المباحثات بين السعودية وإيران من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، وأرى أن هذا التفاؤل يجب أن يكون بحذر شديد جدا، لأن الرياض وطهران لا تزالا في المربع الأول لإعادة الثقة ومرحلة التفاوض ومستوى التمثيل، وأيضا بالنسبة للقضايا، حيث تريد إيران اليوم التفاهم على مستوى القضايا الثنائية، بينما تريد السعودية التفاوض على مستوى القضايا الإقليمية، وهذا ربما يمثل حجر عثرة بين الطرفين".
مسؤول سعودي: لا يوجد لقاء قريب بين وزيري خارجية السعودية وإيران
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المفاوضات مع إيران لا تزال ماراثونية طويلة جدا، لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالمفاوض الإيراني ونوعية الخلاف والمصالح وغيرها، علاوة على أن إيران ربما لا تتعامل بعقلية "الربح للجميع"، إنما هى تريد أن تربح فقط ولا يهمها أن يكسب أو يخسر الآخرين.
وأشار العساف إلى أن "المتغيرات الدولية لا شك أنها تلقي بظلالها على ما يحدث اليوم من تقارب سعودي - إيراني، وما يحدث في الملف النووي والحرب الأوكرانية، كما أن هناك شىء مهم جدا يحدث، حيث رأينا اليوم مزاجا أمريكيا مختلفا حول علاقة واشنطن بالرياض، هذا الأمر ربما يلقي بظلاله على تلك المفاوضات ويجعلها أكثر تسرعا أو حرصا من قبل إيران على أن تنجز هذا التفاوض مع السعودية، وبالتالي قد تأخذ الملفات منحنى جديد إذا ما تواجدت مصلحة مباشرة إما في الرياض أو في طهران أو على مستوى وزراء الخارجية".
جس النبض
وحول تغير لغة الخطاب الإعلامي بين طهران والرياض يقول العساف، إنه من خلال رصدنا للخطاب السياسي السعودي، رأينا إشارات من قبل ولي العهد ووزير الخارجية، في المقابل رأينا إشارات بسيطة جدا من قبل بعض المسؤولين الإيرانيين، وفي نفس الوقت وجدنا محاولات للتشويش على الخطاب السعودي، كوصف هذا الخطاب بأنه غير جاد، وبالتالي يعيدنا هذا للبحث مجددا عن مرحلة بناء الثقة وتهيئة الأجواء، والعمل على تقارب المزاج الإعلامي الذي لا يزال مختلفا بين الجانبين، رغم وجود بعض الرسائل الإيجابية من بعض وسائل الإعلام الرسمية إلى حد كبير، وعلى كل حال لا نزال في مرحلة جس النبض التي طالت كثيرا وربما تطول أكثر مع النظام الإيراني.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إن المباحثات الإيرانية السعودية التي جرت في بغداد وصلت إلى مراحل متقدمة.
وأوضح الكاظمي، خلال مؤتمر صحفي في القصر الحكومي، أن "هناك خمس محاولات لتصفية خلافات بين الدول حصلت في بغداد، وقد سمعتم بالحوار الإيراني السعودي، وهناك حوارات أخرى وجميعها نجحت ولم نعلن عنها في حينها احتراما لطبيعة الدور السري الذي يقوم به العراق".
العراق نقطة التقاء
وأضاف: "العراق أصبح نقطة للالتقاء، وتخفيف التوترات في المنطقة وهذه فيها انعكاسات على الوضع الاقتصادي العراقي وعلى استقرار الوضع الأمني"، مشيرا إلى أن "الجميع بدأ يثق بالعراق وبدوره لأنه يلعب دوراً في مساعدة بعض الدول بعبور المحن الموجودة فيها".
ولفت الكاظمي إلى أن "العراق لعب دوراً مهماً في تقريب وجهات النظر بين الدول الإقليمية من خلال استضافة الحوار بين السعودية وإيران".
وزير الخارجية السعودي يكشف تطورات المحادثات مع إيران
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قال، الخميس الماضي، إنه قد يجتمع بنظيره السعودي قريبا في دولة ثالثة، فيما قال مسؤول بوزارة الخارجية السعودية إنه لم يتم تحديد أي اجتماع بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني في المستقبل المنظور.
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أن "هناك تقدما وصفه بأنه غير كاف في المحادثات التي تجريها السعودية مع إيران"، مشيرا إلى أن هناك حقبة جديدة من التعاون تصب في مصلحة جميع الدول.
5 جولات تفاوضية
أجرت السعودية وإيران 5 جولات من المحادثات في بغداد حول تطبيع العلاقات المقطوعة وسبل حل الخلافات وسط توقعات لاستضافة العاصمة العراقية للجولة السادسة من هذا الحوار قريبا.
وانقطعت العلاقات بين البلدين في 2016، بعدما اقتحم محتجون السفارة والقنصلية السعودية في إيران، احتجاجا على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي نمر النمر بعد إدانته بتهمة الإرهاب.
وتسود خلافات عميقة بين طهران والرياض في العديد من الملفات بما في ذلك الملف اليمني، حيث تقود السعودية تحالفا عسكرية لدعم القوات الحكومية في مواجهة "أنصار الله" المدعومة من إيران، والتي تسيطر على العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
مناقشة