التحالفات السودانية بين القوى السياسية... هل تحل الأزمة الراهنة في البلاد؟

لا يزال الوضع السياسي يعيش حالة من التأزم والضبابية وغياب أفق الحل، في ظل حراك داخلي وتشكيل تحالفات جديدة بين الأحزاب والقوى السياسية.
Sputnik
هل تعمل التحالفات على حل الأزمة في السودان أم تزيد من تعقيدها؟
بداية يقول المحلل السياسي السوداني، بكري المدني، إن التحالفات السياسية الكبرى بكل تأكيد هي الأفضل من القوى السياسية والحركات والأحزاب الصغيرة، حيث يمكن التوصل إلى حلول واتفاقات مع الكتل الكبرى لحل الأزمات المتفاقمة في البلاد.

تحالفات كبرى

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن أهمية تجمع القوى والأحزاب في تحالفات كبرى تكمن في تحديد الكتل السياسية في عدد معين بدلا من تلك الأعداد الكبرى من القوى والحركات والأحزاب التي لا نسمع عنها سوى في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تمتلك أي ثقل على الأرض، فمثلا التعامل مع تحالف أو إثنين بالتأكيد أفضل من 200 حزب سياسي موجود في السودان، كما أنه من الأفضل تجمع القوى والأحزاب السياسية المتشابهة أو القريبة في التوجهات في تحالفات كبيرة.
وأشار المدني، إن التحالف الأخير الذي تم الإعلان عنه بين حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد النور والجبهة الوطنية العريضة، هو تحالف بين المكونات المتشابهة، حيث أن الجبهة الوطنية هى عبارة عن تكتل يساري اشتراكي.

الاستقطابات السياسية

وأوضح المحلل السياسي، أن الوضع في السودان وحل الأزمة ربما يتأثر ببعض الاستقطابات السياسية الخارجية وهو أمر وارد في كل السياسات، سواء كانت الكتل السياسية في تحالفات كبيرة أم في أحزاب صغيرة ومتعددة، وبعملية رياضية بسيطة نرى أن التحالفات الكبرى أفضل بكثير من الشراذم من القوى والأحزاب والحركات المتناثرة التي قد لا تعبر عن أي من قطاعات الشعب، حتى في المناطق التي تعيش فيها، ولو كان لكل توجه سياسي تحالف واحد لكان الحل للأزمة الحالية أفضل مما يعيشه الآن من صراعات، ولا أرى أن الحل السياسي في السودان قريب في الوقت الراهن نظرا للتباعد الكبير في المواقف بين القوى السياسية، علاوة على التباعد الكبير بين المكونين المدني والعسكري.

السير نحو الهاوية

ويختلف عضو لجان المقاومة السودانية، حيدر عبد الصادق، مع الرأي السابق حيث يرى أن كثرة التحالفات ستذهب بالسودان إلى الهاوية، نظرا لموافقة البعض على بعض القضايا ورفض الآخر، والتحالفات التي يرى البعض أنها تجمع القوى والأحزاب السياسية في تكتل واحد يسهل التعامل معه، هذا الكلام غير منطقي، لأن غالبية الحركات والكتل تمثل جانب قبلي قبل الجانب السياسي.
الأمم المتحدة تدعو إلى زيادة المساعدات للسودان وتحذر من تفشي الجوع
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، غالبية الحركات المسلحة المنضوية في تحالفات لو بحثنا في جذورها قليلا، نجد أنها عبارة عن مسلحي قبائل أو فئات، فيمكن لي أن أذهب إلى قبيلتي وأجمع عدد من المسلحين بالقبيلة وأعلن تشكيل حركة مسلحة قد لا يتجاوز عددها 100 شخص.

مشكلة القبلية

وقال عبد الصادق، لو نظرنا إلى تحالف التيار الإسلامي العريض الذي تم الإعلان عنه قبل عدة أسابيع نجده يضم حوالي ثمانية أحزاب قد لا تتفق توجهات تلك المكون سويا في حال اتخاذ قرار، هنا قد لا يستطيع هذا التحالف أن يتخذ قرار حول أزمة أو موضوع معين، القبلية هى المشكلة الرئيسية في السودان، فمثلا لو نظرنا إلى قبيلة النوبة على سبيل المثال نجدها مقسمة إلى 88 قبيلة فرعية، وفي السودان على وجه العموم توجد 387 قبيلة.
وحول عملية الحل في السودان يقول عبد الصادق:، الحل يكمن في فترة انتقالية برئاسة المجلس العسكري ونخبة من الوطنيين السودانيين بعيدا عن الأحزاب، ويتم اختيار تلك النخبة عن طريق التشاور، وهناك قطاع كبير من الشباب السوداني يرفض كل الأحزاب، هذا الأمر يخدم المرحلة الراهنة، إذا أقدم المجلس العسكري على تشكيل حكومة كفاءات وطنية، وأغلب لجان المقاومة يريدون الجلوس والتفاوض لكي تصل البلاد إلى بر الأمان.
أعلن متحدث باسم حركة تحرير السودان، التوقيع على تحالف "من أجل التغيير" مع الجبهة الوطنية العريضة، للعمل على إنهاء الانقلاب.
وتجري القوى السياسية والحركات المسلحة والحكم العسكري، مشاورات مكثفة، في مساع دعم متبادلة كل لتحقيق أهداف تتباين بين استمرار سلطة قادة الجيش وإسقاطها بحسب "سودان تربيون".
وقال المتحدث باسم الحركة، محمد عبد الرحمن الناير أمس السبت، إن الحركة التي يقودها عبد الواحد محمد نور بـ "وقعت على تحالف "من أجل التغيير" مع الجبهة التي أسسها الراحل علي محمود حسنين، والذي نشط لسنوات في مقاومة حكومة الرئيس المعزول عمر البشير.
بعد إجراءات "نادي باريس"...هل يستخدم الغرب "الديون" ورقة ابتزاز للسودان؟
وأشار الناير إلى أن التوقيع يأتي في إطار الجهود التي تبذلها الحركة من أجل إسقاط الإنقلاب وتحقيق التغيير الجذري الشامل، مضيفا "نسعى لبناء تحالف استراتيجي يحقق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة التي مهرها الشعب السوداني بالدماء والدموع”.
وفي 22 مايو/ أيار الماضي، كشف الحزب الشيوعي عن اقتراب تأسيس ما أسماه " تحالف الأقوياء" لإسقاط الانقلاب، في أعقاب مشاورات أجراها مع الحركة الشعبية ــ شمال، وحركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد نور.
وأفاد الناير بأن الحركة عقدت الفترة الماضية عدة لقاءات ومشاورات مع كثير من القوى السياسية والمدنية والشعبية التي تؤمن بالتغيير الجذري الشامل وإسقاط الانقلاب وترفض الاعتراف والتحاور مع الحكم العسكري، وأثمرت هذه الجهود عن تفاهمات مهمة في إطار تكوين تحالف استراتيجي لإسقاط الانقلاب وتحقيق أهداف الثورة".
وأوضح أن توقيع تحالف "من أجل التغيير" مع الجبهة الوطنية العريضة هو تتويج لتلك الجهود لإنهاء الانقلاب، مؤكدا على عزمهم إجراء المزيد من اللقاءات والمشاورات من أجل تحقيق الأهداف التي ينشدها الشعب السوداني.
كانت حركة تحرير السودان قد أعلنت عن رفضها مبادرة الآلية الثلاثية المؤلفة من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، المتعلقة بتسيير عملية سياسية تهدف إلى استعادة الانتقال المدني.
مناقشة