هل تتجه تونس للتقشف… ما خيارات الحكومة في ظل الأزمة الاقتصادية الداخلية

تعيش تونس فترة استثنائية منذ نحو عام على قرارات الرئيس قيس سعيد في يوليو/ تموز 2021، في ظل أزمة اقتصادية فاقمتها الأوضاع العالمية.
Sputnik
ويشكل الخلاف التونسي الداخلي وعدم التوافق مع العديد من المؤسسات خاصة "اتحاد الشغل" إحدى الإشكاليات الهامة أمام أي اقتراض خارجي في الوقت الراهن.
مع استمرار الأزمة السياسية وطول الفترة يتأزم الوضع الاقتصادي في البلاد، خاصة في ظل ضعف عمليات الاستثمار الأجنبي وكذلك المحلي، بسبب الأزمة الداخلية، في حين أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لم يصل إلى نتائج هامة.
إضراب ثان ينتظر تونس وخبراء يحذرون من تداعيات اقتصادية وخيمة

نتائج غير إيجابية

ويرى الصندوق أن النقاشات التي جرت غير كافية لمنح دعم مالي للبلد لتونس، حسب آخر بيان في مارس/ آذار الماضي.
بحسب الخبراء فإن الوضع الاقتصادي في تونس يواجه تحديات كبيرة في الوقت الراهن، خاصة مع استبعاد التوافق مع صندوق النقد الدولي نظرا للأزمة الداخلية، وصعوبة تطبيق أي إصلاحات في الوقت الراهن.
وكانت التوقعات الأولية لعجز الموازنة في مستوى 6,7% للعام 2022 فيما ستصبح "في مستوى 9,7% من الناتج الداخلي الخام".
من ناحيته قال الخبير الاقتصادي التونسي عز الدين سعيدان، إن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد أصبح غير ممكن في الوقت الراهن، خاصة في ظل الأزمة مع اتحاد الشغل، حيث كان يشترط الصندوق التوافق بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن عدم التوافق المسبق بين السلطة واتحاد الشغل فإن الحكومة لن تكون قادرة على الإصلاحات.
الاتحاد التونسي للشغل: البلاد تعيش على حافة كارثة اقتصادية

عجز مالي

وأشار إلى أن الميزانية الخاصة بعام 2022، تنص على الحاجة إلى قروض بنحو 20 مليار دينار تونسي (1 دولار مقابل 3.11 دينار تونسي)، إلا أن الرقم وصل إلى ما يقرب من 25 مليار دينار تونسي في الوقت الراهن.
وأوضح أن الدولة استطاعت تسديد مستحقات الدين الأجنبي، إلا أنها لم تستطع إيجاد مستحقات الدين الداخلي التي تم جدولتها.
وبشأن إمكانية تمويل عجز الميزانية من البنك المركزي التونسي عبر طريقة مباشرة أو من خلال البنوك التونسية، يراه الخبير بأنه يحدث خللا في التوازنات الاقتصادية، وتزيد نسبة التضخم بدرجة كبيرة إضافة لانخفاض قيمة العملة التونسية.
ويرى أن هناك ضرورة لإعادة مراجعة نفقات الدولة، والتخفيض منها، وهي خطوة صعبة على المستوى الاقتصادي، إلا أن الخيار الوحيد الممكن في الوقت الراهن هو عبر الحل الداخلي فقط.
وأشار إلى أنه من المحتمل أن تمر الدولة إلى وضع التقشف، وأنه يعد السيناريو الأخطر، إذ أنه يعمق الأزمة بشكل أكبر.
من ناحيته قال حاتم المليكي، عضو البرلمان التونسي (المنحل)، إن الأزمة العالمية أثرت بشكل مباشر على الوضع في تونس، خاصة فيما يتعلق بتوريد الغاز والنفط والمواد الأساسية الغذائية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن عجز الميزان التجاري يتوقع أن يصل إلى مستويات قياسية خلال العام الحالي.
وزير الاقتصاد التونسي: لسنا في وضع يسمح لنا برفع الأجور... فيديو

أزمة مستمرة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الأزمة الاقتصادية في تونس هيكلية تدوم منذ سنوات، وترتبط بضعف نسب الاستثمار وديناميكية اليد العاملة خاصة من خريجي الجامعات، الأمر الذي يفسر النسبة الكبيرة للفقر والبطالة.
ولفت إلى أن الأزمة السياسية تؤثر بدرجة كبيرة على الوضع الاقتصادي، خاصة في ظل الوضع الذي أسسه الرئيس، والذي لا يلائم الاستثمار الخارجي، حسب قوله.
ولفت إلى أن الاستثمار يحتاج لبيئة مستقرة من كافة النواحي الاقتصادية والسياسية، وأن الوضع الراهن يزيد من عمق الأزمة في تونس، وأنه الأمر يحتاج للتسريع بشأن الخروج من الوضع السياسي الراهن.
وبشأن عمليات الاقتراض من المؤسسات الدولية أو الدول الأخرى، أوضح أن التمويل عبر المؤسسات الدولية يحتاج لاتفاق مع مؤسسات النقد الدولي لكي يسمح للمؤسسات الأخرى بإقراض تونس، وهو ما يتطلب إجراء إصلاحات يجب أن تلتزم بها الحكومة، وهي خطوة صعب القيام في الفترات الاستثنائية.
وأشار إلى أن الوضع الحالي لا يشجع على الاتفاق مع صندوق النقد لغياب الحكومة والبرلمان وكذلك فيما يرتبط بمسار الاستفتاء.
ولفت إلى أن التمويل عبر الدول بشكل ثنائي يواجه صعوبة أيضا في الوقت الراهن، نظرا لترقب الجميع ما يمكن أن يؤول إليه الوضع السياسي في تونس
وفي العام 2020 انكمش الاقتصاد التونسي في مستوى 8.7% بسبب انتشار الجائحة وفي العام 2021 كانت عودة النمو "متواضعة" في حدود 3.1%، في حين كانت "بطيئة" مطلع العام 2022 في مستوى 2.6%، بحسب تصريحات سابقة لمحافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي.
وارتفع العجز في الميزان التجاري الطاقي من مليار دينار (333 مليون دولار)، نهاية مارس/آذار 2021، إلى 1.9 مليار دينار (633 مليون دولار)، نهاية مارس 2022، بارتفاع قدره 87%، طبقا للبيانات رسمية.
مناقشة