فوضى ومعارك سياسية... ماذا تعني خسارة ماكرون لأغلبية البرلمان؟

ربما شعر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنشوة النصر في الأسابيع الماضية، بعد إعادة انتخابه في أبريل/ نيسان الماضي لولاية ثانية تستمر 5 سنوات، لكن هذه الفترة أصبحت أكثر تعقيدا للتو، وقد تشهد تعثره في تحقيق وعوده وطموحاته.
Sputnik
يرجع ذلك إلى نتائج الانتخابات البرلمانية والتي جاءت مخيبة لآماله، بعدما جرى التصويت في جولة الإعادة بالأمس، وأظهرت خسارة تحالفه السياسي للأغلبية المطلقة، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي".
وقال مجتبى رحمن، العضو المنتدب في مجموعة "أوراسيا" الاستشارية لشؤون أوروبا، في مذكرة الأحد: "تواجه فرنسا الآن احتمالية مقلقة تتمثل في فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي، فيما تواجه أزمة دولية في أوكرانيا والتهديد المتزايد بحدوث انكماش اقتصادي في الداخل".
"بلومبيرغ": ماكرون يرفع شعار "أنا أو الفوضى"
تأكد صباح اليوم الاثنين أن تحالف ماكرون الوسطي حصل على 245 مقعدا، أي أقل من 289 مقعدا اللازمة للحفاظ على هيمنته في الجمعية الوطنية الفرنسية (المجلس التشريعي في البلاد).
الساعات القليلة القادمة – وربما الأيام - ستهيمن عليها المفاوضات السياسية مع تحالف "إنسيمبل"، والذي يحتاج إما إلى شريك دائم أو بناء تفاهمات لتمرير التشريعات. يمكن لمجموعة "الجمهوريون" من يمين الوسط أن تلعب دورا حاسما في هذا، بعد فوزها بـ65 مقعدا في البرلمان.
ومع ذلك، فإن التحالف - استثناء في فرنسا، التي عادة ما يقودها حزب واحد - مع اليمين يمكن أن يضغط على رئيسة الوزراء المعينة حديثا إليزابيث بورن، والتي يُنظر إليها على أنها ذات ميول يسارية للغاية من قبل الكثيرين في الجناح اليميني.
على اليسار، حصل تحالف بين حزب الخضر وجماعات يسارية أخرى، يُعرف باسم "نوبيس"، على 131 مقعدا في البرلمان، مما يجعله أكبر قوة معارضة في المجلس.
هذه المجموعة بقيادة جان لوك ميلينشون الذي يرأس حزبا يساريا متطرفا ويعارض مشاركة فرنسا في الناتو، كان أداؤها أفضل من المتوقع.
ومع ذلك، فإن الرأي القائل بأن فرنسا تتحول إلى اليسار كان موضع تساؤل من خلال أداء حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الذي زاد عدد مقاعده بستة مقاعد ليصبح المجموع 89.
آثار هزات اقتصادية واجتماعية تتبدى في فرنسا
قال رولاند ليسكور، المشرع والمتحدث باسم حزب ماكرون، يوم الأحد: "لا يمكننا القول إن الرئيس ماكرون هزم، ولكن هناك بعض التحذير بالتأكيد، وسيكون من الصعب التعامل معه".
وأضاف: "سيتعين علينا تعلم كيفية جعل البرلمان يعمل بشكل أفضل على الأرجح، سيتعين علينا التفاوض على كل حالة على حدة بشأن أجندة الإصلاح، سواء كان ذلك المعاشات، أو النمو، أو الدخل، فسنضطر إلى إيجاد أشخاص يمكنهم دعمنا".
انتخب ماكرون لأول مرة في عام 2017 على أجندة مؤيدة للإصلاح، لكن رؤيته لإصلاح نظام التقاعد تراجعت، بعد الاحتجاجات ووباء فيروس كورونا. وهذه أولوية بالنسبة لماكرون الآن في ولايته الثانية - لكن الدعم البرلماني سيكون حاسما في تمريرها.
قال هولغر شميدنغ، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في "بيرينبرغ"، في مذكرة يوم الاثنين: "من دون أغلبية خاصة به، سيجد ماكرون صعوبة أكبر في متابعة المزيد من الإصلاحات، بما في ذلك زيادة سن التقاعد من 62 إلى 64 أو 65 عاما".
وأضاف شميدنغ: "على الأقل، من المهم ألا يعكس البرلمان على الأرجح إصلاحاته الرئيسية؛ سوق العمل وضرائب الشركات واللوائح والتعليم، التي ساعدت في تحويل فرنسا إلى مكان أفضل للاستثمار وخلق فرص العمل".
فرنسا تفتح تحقيقا في تزايد نسبة الحجاب والعباءات والرموز الإسلامية في المدارس
تبنى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووكلاؤه "نبرة" وصفها نقاد بـ"المروعة" خلال الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية، قبل جولة الإعادة للانتخابات التشريعية، قائلين إن البلاد تواجه "حالة من الفوضى" إذا لم تمنحه الأغلبية المطلقة في تصويت اليوم الأحد.
وبحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ"، فإن السياسي الوسطي، البالغ من العمر 44 عاما، قطع من وقته قبل زيارة رسمية لأوروبا الشرقية لمناقشة التصويت وقال للصحفيين يوم الثلاثاء إنه "لا يوجد شيء أسوأ من إضافة الفوضى الفرنسية إلى الفوضى في العالم".
وبعد ثلاثة أيام حيث كان في زيارة إلى كييف، صور ماكرون خصومه اليساريين على أنهم "قوة خطيرة ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار وسط الحرب وارتفاع أسعار الطاقة". لكن على أي حال يبدو أنه سيكون مضطرا للتعامل مع حقيقة أنهم جزء من البرلمان الذي لا يهيمن عليه الرئيس.
مناقشة