بعد استقالة الحكومة وحل البرلمان... هل تهدأ العاصفة السياسية في الكويت أم تتجدد؟

تشهد الكويت منذ سنوات أزمات سياسية متكررة، وصدام دائم بين مجلس الأمة وبين أطراف من الحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة، وزادت حدة التوتر مؤخرا على وقع استقالة الحكومة، وتبعها قرار حل البرلمان.
Sputnik
وأعلن ولي العهد الكويتي، مشعل الأحمد الجابر الصباح، حل مجلس الأمة، والدعوة إلى انتخابات عامة، في ظل استمرار الأزمة السياسية القائمة في البلاد.
وقال في كلمة متلفزة: "لقد قررنا الاحتكام إلى الدستور واستنادا إلى حقنا الدستوري المنصوص عليه في المادة 107 أن نحل مجلس الأمة حلا دستوريا والدعوة إلى انتخابات عامة وفقا للإجراءات والمواعيد والضوابط الدستورية والقانونية".
الأزمات السياسية العاصفة في الكويت، أثارت تساؤلات عدة حول ماهيتها، والأسباب الحقيقية خلفها، وإمكانية دخول الكويت في مرحلة من عدم الاستقرار السياسي تشهد فيه استقالة حكومات جديدة وحل البرلمان مرة أخرى.
ولي العهد الكويتي يعلن حل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات عامة

أسباب الأزمة

اعتبر عبد العزيز سلطان، المحلل السياسي الكويتي، أن سبب حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعيش فيها الكويت، يعود لعام 2012، عندما أقر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر مرسوم "الصوت الواحد"، والذي استهدف تعديل قانون الأصوات الأربعة، حيث نص التعديل على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوت واحد في دائرته بدلا من 4 أصوات، وتقليص عدد الدوائر من 10 إلى 5 دوائر.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، جاء التعديل بقوة القانون، نتيجة لقوة المعارضة وسيطرتها على مجالس الأمة التي سبقت القانون، في 2008 و2009 و2012، ما دفع أمير الكويت لإرجاء هذا التعديل، وهو ما ترتب عليه اعتراض المعارضة والخروج في مظاهرات، وأفرزت سلبيات واضطرابات واقتحامات لمجلس الأمة، لأن القانون أنتج مجالس نيابية قبلية وطائفية "لا تمثل الشارع الكويتي".
وأضاف أن قوى المعارضة اعترضت على القانون وقاطعت انتخابات مجلس الأمة لفترتين متتاليتين، فيما قررت المشاركة في انتخابات عام 2016، بعد أن شعرت بسيطرة النواب المحسوبين على الحكومة.
وتابع: "منذ 2012 وحتى الآن، ظهرت الكثير من قضايا الفساد، حيث نهبت المليارات من أموال الدولة، وتورط الكثير من أبناء الأسرة الحاكمة في هذه القضايا، وهذا بفعل القانون الذي همش المعارضة وأنشأ مجلس أمة موالي وتابع للحكومة وللسلطة التنفيذية".
وأشار إلى أن ذلك دفع المعارضة للتحرك في انتخابات 2016، وبدأوا في متابعة قضايا الفساد، ما أدى في النهاية إلى استقالة الحكومة، وحتى حل مجلس الأمة، مؤكدًا أن المعارضة تستهدف الفترة القادمة تعديل قانون الصوت الواحد، والعودة إلى قانون الأربعة أصوات أو الصوتين.
أما المشكلة الثانية – والكلام لا يزال على لسان سلطان - تعود إلى التحالف الذي كان بين رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة، معتبرها "سابقة خطيرة" في تاريخ الكويت، لا سيما أن المجلس دوره المراقبة على السلطة التنفيذية، مطالبا بضرورة تسليم رئاسة مجلس الأمة للمعارضة "من أجل ضمان شفافية مراقبة الحكومة".
إعلام: قرار غير مسبوق في تاريخ الجيش الكويتي بشأن 1900 ضابط

خلل رئيسي

بدوره اعتبر المحلل السياسي وخبير إدارة الأزمات الكويتي، يوسف الملا، أن المشكلة السياسية المتفاقمة في الكويت، والتي ظهرت جلية في الصراع الدائر بين الحكومة ومجلس النواب، ما أدى في النهاية لحل المجلس، جاءت نتيجة خلل كبير في ركائز الحياة السياسية بالكويت.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فهناك جهات في الدولة تضع يدها جيدا على أسباب هذا الخلل، والمطلوب معالجته أولا، قبل انتخاب مجلس جديد، وتشكيل حكومة جديدة، لأن دون معالجة الأزمة الأساسية والخلل في الركائز ستظل الأزمات مستمرة، والصدامات موجودة، واستقالة الحكومات وحل البرلمانات.
وتابع: "الأزمة الحقيقية في هذا الصراع، أن الكل يرفع شعار الإصلاح، ويقول إن أفكاره هي الاتجاه الصحيح، وفي النهاية لا يوجد تطبيق، والمحصلة صفر، والأزمات الاقتصادية مستمرة، والفساد يزداد، ولا يوجد أي حلول جذرية".

خلفية الأزمة

يعد هذا أول حل للبرلمان في عهد أمير الكويت الحالي الشيخ نواف الأحمد الصباح، الذي تولى الحكم في سبتمبر/ أيلول 2020 بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد الصباح. وكانت آخر مرة تم حل البرلمان فيها عام 2016.
وكانت المعارضة الكويتية عزّزت موقعها في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول 2020 بفوز 24 نائبا محسوبا عليها بمقاعد في مجلس الأمة المؤلف من 50 مقعدا.
الكويت… سحب تراخيص 90 وسيلة إعلامية وإحالة 73 منها إلى النيابة
وبسبب الخلافات والصدامات والاستجوابات، استقالة الحكومة الكويتية في أبريل/ نيسان تفاديا لتصويت مجلس الأمة الكويتي على طلب عدم التعاون مع الحكومة الذي كان مقررا في اليوم التالي، بعد استجواب رئيس الوزراء في البرلمان.
من جانبه أشار ولي العهد الكويتي إلى أن قرار حل مجلس الأمة جاء بعدما استشعرت القيادة الكويتية أن الحكومة والبرلمان أثارا سخط المواطنين. وتابع قائلا: "سوف يصدر مرسوم الحل والدعوة إلى الانتخابات في الأشهر القادمة بعد إعداد الترتيبات القانونية لذلك".
وأردف بقوله: "نود أن نبين أننا لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه أو اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه أو رؤساء لجانه ليكون المجلس سيد قراره. لن ندعم فئة على حساب فئة أخرى بهدف فتح صفحة جديدة مشرقة لصالح الوطن والمواطنين".
مناقشة