‏15 ألف لاجئ شهريا... ما إمكانية تنفيذ خطة لبنان لإعادة اللاجئين السوريين؟

عودة النازحين السوريين من لبنان
في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي يعيشها لبنان، برز ملف إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وكثف ‏مسؤولون لبنانيون من حديثهم حول خطط لإعادتهم مرة أخرى.‏
Sputnik
وكشف وزير المهجّرين اللبناني،عصام شرف الدين،عن خطة لبنانية تقوم على إعادة 15 ألف نازح سوري شهريا إلى بلادهم، مؤكدا أن بلاده تقدم بالمقترحات للمدير الإقليمي لمفوضية اللاجئين للأمم المتحدة، أياكي إيتو، بهذا الشأن.
وسبق وأن أثارت تصريحات مشابهة لرئيس الحكومة اللبناني، نجيب ميقاتي، ضجة عارمة، إذ تتهم منظمات حقوقية دولية لبنان بالسعي لإعادة النازحين السوريين قسرا وتعريض حياتهم للخطر.
وطرح البعض تساؤلات بشأن خطة لبنان لإعادة النازحين السوريين، ومدى فاعليتها واستجابة المجتمع الدولي لها، لا سيما في ظل ترحيب رسمي سوري باستقبال السوريين.
لبنان يرفض التعاون مع الأوروبيين في قضية اللاجئين السوريين
عودة آمنة
أكد المحلل السياسي اللبناني، سركيس أبو زيد أن "مسألة إعادة النازحين السوريين قصرا إلى بلادهم غير مطروحة، ولا يوجد أي موقف رسمي جدي لبناني يدعو إلى هذه المسألة، لكن الآن ازدادت الدعوات لحل هذه المسألة وإيجاد حل لإعادتهم بطريقة تدريجية، بأعداد شهرية أو غيرها، حيث يوجد عدة خطط حول هذا الموضوع".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "لبنان يعاني من أزمة اقتصادية مالية اجتماعية حادة، ولم يعد يستطيع أن يتحمل هذه الأعباء التي تضغط على وضعه الاقتصادي والأمني، وهناك أشخاص أو فئات تحاول أن تستغل هذا الوضع، والضغط عليه من جهة الحكومة اللبنانية، والحكومة السورية".
وأوضح أنه "في الفترة الأخيرة ارتفعت أصوات لبنانية تطالب بإيجاد حل عادل وعودة كريمة وآمنة للنازحين السوريين لبلادهم، وذلك يتطلب التواصل مع الحكومة السورية لإيجاد حل مشترك يوفر الأمن والأمان لهؤلاء بطريقة عادلة وكريمة تحافظ على حقوقهم الإنسانية بشكل أساسي".
وفيما يخص الانتقادات التي تصدر من بعض منظمات التي تطالب بحقوق الإنسان أو الأمم المتحدة، قال إن "البعض يطلق بعض المواقف استباقًا لحصول تجاوزات لحقوق الإنسان، لكن الضمانة الفعلية أن ترعى الأمم المتحدة إيجاد حل سياسي في سوريا، وتساعد على إيجاد صيغة مشتركة تجمع الأمم المتحدة ولبنان وسوريا من أجل توفير عملية الإعادة".
وشدد على ضرورة "إنشاء لجنة مشتركة بين هذه الدول، لوضع خطة تتضمن هذه المسألة، لأن المساعدات التي تأتي للنازحين من قبل الأمم المتحدة، ومن بعض الدول لو تتوافر لهؤلاء داخل المناطق الآمنة في سوريا، لكانت حلت الأزمة بطريقة إنسانية، لكن بعض الجهات تتاجر وتستغل الأوضاع الإنسانية من أجل حسابات سياسية".
وأكد سركيس أبو زيد أن "وجود عدد كبير من النازحين في بلد يعاني من كل هذه المآسي، من الطبيعي أن يؤدي لتوترات، وبعض هذه الأصوات هي جزء من اللعبة السياسية وتصفية الحسابات السياسية، ولذلك مطلوب أن يكون هناك تعاون لبنان سوري دولي لإيجاد حل إنساني وعادل لهذه المسألة التي باتت ملحة وتهدد بممارسات تمس بأمن واستقرار لبنان وتحرم المواطنين من العودة الكريمة لأرضهم ووطنهم".
لبنان: لم نعد قادرين على تحمل ملف اللاجئين السوريين
فشل حكومي
من جانبه، قال المحلل السياسي اللبناني، أسامة وهبي، إن "الحكومة اللبنانية غير قادرة على إعادة النازحين السوريين، وليس هناك قرارًا سياسيًا بإعادتهم، هناك متاجرة بالقضية، وسعي للتخفيف من الغضب الشعبي اللبناني، الذي يرى أن النازح السوري ينافسه على حقوقه اليومية كالخبز والمازوت والكهرباء، نتيجة للانهيار الكامل والشامل الذي حصل في لبنان".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "هذه الخطة لذر الرماد في العيون والقول إن الحكومة تعمل على إعادة النازحين لبلادهم، لكن هذه قضية سياسية، وترحيل 15 ألف نازح شهريًا، لا يعيد النازحين السوريين إلا بعد عشرات السنين، لأن هناك آلاف الأطفال يولدون في لبنان دون أن يسجلوا في الدوائر الرسمية السورية أو اللبنانية، وبالتالي إذا ذهب هذا الرقم شهريًا سيولد أكثر منهم في لبنان، وبالتالي سيبقى العدد في ازدياد دائم".
وتابع: "لا يعيد النازح السوري لبلاده إلا قرار السياسي وعبر تسوية سياسية تضمن لهؤلاء عودة آمنة، والقلق الدولي والحقوقي من إعادة النازحين قسرًا مبرر،فهناك تخوف من إعادتهم قسرا وتعريض حياتهم للخطر، وهذا مناف لحقوق الإنسان والقرارات الدولية التي تحفظ للنازح حقه بالعيش في أماكن آمنة إلى أن تنتهي الحرب".
وقال وزير المهجرين اللبناني، في تصريحات سابقة لإذاعة "سبوتنيك"، إن "موضوع إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، هو موضوع إنساني ووجداني، وكان من المفترض تحريك هذا الملف من قبل،وذلك لأنه مؤثر جدا ويشكل عبئا اقتصاديا على لبنان، من حيث وجود مليون ونصف مليون نازح سوري يحتاجون إلى الغذاء والماء والكهرباء والدواء والطبابة وما إلى هنالك".
وأشار شرف الدين إلى أنه "تم تحريك الملف من قبله بصفته وزير شؤون المهجرين، كما تم تفعيل لجنة النازحين عبر تشكيل لجنة وزارية من سبعة وزراء فاعلين لمتابعة هذا الموضوع، وكان هناك زيارة لفخامة رئيس الجمهورية، أثنى فيها الرئيس ميشال عون على المشروع الذي اقترحته، والذي يمكن تفعيله،وكذلك أثنى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على المشروع، وبالتال يتم تفويضي رسميا المتابعة بهذا الإطار".
وسبق وأعلن نجيب ميقاتي عن إمكانية إخراج النازحين السوريين من بلاده، في حال فشل المجتمع الدولي في التعاون من أجل إعادتهم لسوريا.
يذكر أن عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان يبلغ 1.5 مليون تقريبا، نحو 900 ألف منهم مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويعاني معظمهم أوضاعا معيشية صعبة.
ويعيش لبنان أزمة غير مسبوقة، مع نقص الوقود والطعام والمواد الضرورية الأخرى نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وانخفاض قيمة العملة، ووصف البنكا لدولي هذه الأزمة بأنها "الأسوأ على المستوى العالمي منذ قرن ونصف".
مناقشة