سوق الميدان الدمشقي.. مرآة للحرب والحصار وشظف عيش السوريين

بأشكالها الزاهية وروائحها الأخاذة، تتربع أطباق حلويات العيد على واجهات محال حي الميدان الدمشقي العريق الذي ارتبط اسمه بالأعياد والاحتفالات والحلويات.
Sputnik
لطالما شكّل هذا الحي التجاري الذي يتوسط العاصمة السورية دمشق؛ جزءا لا يتجزأ من فرحة سكانها بقدوم العيد، فبين جنباته عادة ما تكتمل ملامح عيد الأضحى المبارك، بدءا بصدى أناشيد العيد الذي يتردد في الأجواء، وروائح الحلويات الشرقية والغربية التي تنساب بعذوبة ولذة.
هذا العام، وبطريقة ملفتة للنظر، ثمة ابتسامة خجولة اعتلت الوجوه المتعبة للزبائن بعدما قلب سوء الحالة المعيشية فرح السوريين حزنا، فاستبدلوا ابتساماتهم المفعمة بالحياة بأخرى مجبولة بخجل العجز، فالحرب الإرهابية التي عصفت بالبلاد على مدار أكثر من عقد من الزمن، والحصار الاقتصادي الغربي الخانق الذي استكمل آلام تلك الحرب، أطاحا بقدرتهم على الاحتفاء والفرح، فخفتت بهجة العيد بقدر عجزهم عن شراء حلوياته التي لطالما كانت بمثابة (سكر أعيادهم) وإكسير مرارة أيامهم.
سوق الميدان الدمشقي.. مرآة للحرب والحصار وشظف عيش السوريين
بقليل من التخيل، يمكن النظر اليوم إلى سوق الميدان، كمرآة عاكسة لما تمكن الحصار الغربي من حفره في حياة السوريين وأرواحهم، فهذا السوق الذي كان يوما في متناول الغالبية الساحقة منهم، ومكانا رحبا لزخم التبريكات والشكر والأدعية، بات اليوم مطرحا للتأفف والجدال والاستنكار، وصولا إلى الإحساس العميق بالعجز.
في متجره وسط حي الميدان الدمشقي، يتوسط أبو عصام الميداني أطباق الحلويات، يرتبها بعناية فائقة ويهيئها بانتظار الزبون المحظوظ الذي سيتمكن من شرائها.
سوق الميدان الدمشقي.. مرآة للحرب والحصار وشظف عيش السوريين
يبين الميداني في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن أسعار الحلويات مرتفعة هذا العام بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 ألف ليرة سورية، وهذا الارتفاع غير المسبوق ناتج عن ارتفاع أسعار المواد الأولية كالسمون والزيوت والسكر والمكسرات ما يتوجب على تجار الحلويات رفع أسعارهم رغم عدم رغبتهم بذلك، فالفرحة في عيون زبائنهم كانت تكلل أعيادهم بالسعادة.
لا يقتصر الازدحام الشديد في الحي على مشتري الحلويات بقدر ما يسببه المتفرجون الذين جاؤوا ليعيشوا ما استطاعوا عليه من أجواء تحضيرات عيد الأضحى المبارك.
سوق الميدان الدمشقي.. مرآة للحرب والحصار وشظف عيش السوريين
حيث يبين العديد من رواد الحي لـ "سبوتنيك"، أنهم "مجرد متفرجون"، وتدني قدراتهم المعيشية يمنعهم من شراء الحلويات أو الملابس أو الاحتفال بالعيد.
ووصلت أسعار الحلويات لأرقام غير مسبوقة في الأسواق السورية، حيث يقول محمود الحلاق، تاجر حلويات، أن سعر الكيلو قد تجاوز 120 ألف ليرة سورية لبعض الأصناف.
سوق الميدان الدمشقي.. مرآة للحرب والحصار وشظف عيش السوريين
ويتابع الحلاق في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن الأسعار تختلف باختلاف أصناف المواد الأولية، ولكن حتى الأنواع الأرخص ثمناً في السوق تبقى بعيدة عن متناول يد معظم السوريين.
في يوم وقفة عيد الأضحى المبارك لا زال السوريون كما اعتادوا أن يكونوا، ينتشرون في أسواق بلادهم، حاملين بسمات خجولة على وجوههم وحفنات قليلة من النقود يشترون بها من السعادة والبهجة ما استطاعوا إليها سبيلاً.
سوق الميدان الدمشقي.. مرآة للحرب والحصار وشظف عيش السوريين
مناقشة