بعد تصريحات باشاغا.. محللون يكشفون هل سقطت حكومة الدبيبة وفقدت الدعم الدولي؟

مازال الانقسام السياسي يسيطر على الوضع في ليبيا، فرئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايته يتمسك بموقفه في البقاء في السلطة حتى إقامة الانتخابات الرئاسية. على الجانب الآخر يستميت فتحي باشاغا المعترف به من قبل البرلمان الليبي حتى يُحكم سيطرته على الحكومة الليبية خاصة في العاصمة طرابلس.
Sputnik
النزاع بين باشاغا والدبيبة امتد إلى قطاعات الدولة فشَلَّ المؤسسة الوطنية للنفط في بعض الأحيان، وتطور إلى اشتباكات بين جماعات مسلحة في العاصمة، ليخيم بظلام دامس وانقطاع في الكهرباء جعل رئيس البرلمان يطلب من النائب العام التحقيق في أسبابه، كما وصل إلى "جيب" المواطن الذي أصبح يجد صعوبة كبيرة جدا في الحصول على راتبه.
رغم كل ذلك، خرج باشاغا قبل أيام قائلا، إن "القوى التي كانت تعارض دخول حكومته للعاصمة الليبية غيرت موقفها". مؤكدا بأنه "سوف يدخل العاصمة قريبا".
تصريحات رئيس الحكومة المنتخب من قبل البرلمان "كانت غامضة"، إذ لم يكشف باشاغا عن اسم القوى التي كانت تعارض دخول حكومته إلى العاصمة، ولا عن أسباب تراجعها عن رأيها؟!.
كما طرحت تلك التصريحات تساؤلات عدة يتلخص أهمها في "هل سقطت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بالفعل؟".

السلمية ونجاح حكومة باشاغا في السيطرة على البلاد

وفي هذا الجانب، يقول المحلل السياسي السنوسي إسماعيل، في حال نجاح حكومة فتحي باشاغا من دخول العاصمة سلميا فإنها ستنال بالتأكيد فرصة كبيرة لكي تعمل على استعادة المقار الحكومية المشغولة من قِبل حكومة الدبيبة المنتهية ولايته، والتي ترفض حتى الآن إتمام عملية التسليم والاستلام برغم عدم وجود أي أثر لعملها خارج مدينة طرابلس.
وتابع السنوسي في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، لابد من الإشارة بوضوح إلى الفارق بين الحكومتين من حيث وجود مشروع سياسي من عدمه، لأن حكومة باشاغا تحمل مشروعا سياسيا واضحا وهو خريطة الطريق الليبية التي تم التوافق عليها بين مجلسي النواب والدولة بمسارين الأول هو المسار الدستوري، والذي يسير بشكل جيد ويكاد يصل منتهاه بالتوافق على شروط الترشح للرئاسة في الوثيقة الدستورية، التي تم التوافق على غالبية بنودها بين المجلسين.
ويرى أن المسار الثاني هو المسار التنفيذي الذي يتمثل في الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا ويتطلب دخول هذه الحكومة إلى العاصمة توافق الأطراف الأساسية الموجودة في العاصمة، وما حولها، وهذا ما يعمل عليه باشاغا لكي يتمكن من دخول العاصمة سلميا والعمل فيها بشكل اعتيادي.

افتعال الأزمات لإسقاط حكومة الدبيبة

ومن جهته صرح المحلل السياسي، الدكتور فوزي الحداد، أن الصراع السياسي القائم الآن بين الحكومتين وأنصار الحكومتين بدأ في أخذ أشكال أكثر تعقيدا، تمثلت في افتعال الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها المواطن الليبي، منها أزمة الكهرباء والسيولة والمرتبات ونقص البنزين وغيرها.
باشاغا: سأتولى مهامي في العاصمة طرابلس في الأيام المقبلة
ويؤكد الحداد أن كل هذه الأزمات مفتعلة ليشعر المواطن الليبي بفشل حكومة الدبيبة في قيادة المرحلة، ولابد أن تسلمها لحكومة أخرى، لأن النجاحات التي تشدق بها الدبيبة وحكومته في الفترة الماضية تحاول الآن عدة جهات أن تشكك فيها على أقل تقدير، وأهم سبيل للتشكيك هو التعويل على اختلاق هذه الأزمات وإلصاق الفشل بحكومة الدبيبة التي ما زالت مسيطرة على الجانب المالي والرسمي في الدولة.
لمن سيكون ولاء التشكيلات المُسلحة في طرابلس؟
أوضح الحداد أن باشاغا يحاول أن يعيد ولاء التشكيلات المسلحة له، أو ينزع ولاءها من الدبيبة بشكل أو بآخر بالتسابق مع اختلاق هذه الأزمات.
واعتبر الحداد أن أهم هذه الأزمات إغلاق النفط، والضغط السياسي على محافظ المصرف المركزي من خلال مجلس النواب الذي صدر في حقه خطاب استبعاد من قبل رئيس البرلمان وتكليف محافظ آخر بدلا عنه، وبيان دعوة عقيلة صالح رئيس البرلمان للنائب العام بضرورة التحقيق في الأزمات المتتالية التي يعاني منها المواطن الليبي كلها ضغوط سياسية لافتكاك الحكومة من عبد الحميد الدبيبة وتمكين فتحي باشاغا بدلا عنه.
ورغم ذلك يرى الحداد أن هناك تأييدا كبيرا من المجموعات المسلحة المؤثرة في العاصمة طرابلس لحكومة الدبيبة، والكل يعلم أن سبب ولاء هذه المجموعات للدبيبة هو البذخ المالي على هذه المجموعات، والحماية الرسمية التي يقدمها الدبيبة لهذه المجموعات في العاصمة طرابلس.
باشاغا والقوى الدولية
واختتم الحداد قوله، إن كل هذه الأمور محلية، ولكن هناك عوامل دولية يسعى إليها باشاغا ومن معه من قيادة الجيش ومجلس النواب للتأثير على الفاعلين الدوليين أهمها أمريكا وبريطانيا تتمثل في حرص باشاغا بالحديث في وسائل إعلام أجنبية أكثر من المحلية، كل هذه الضغوطات تهدف إلى تأمين دخول سلس لحكومة باشاغا للعاصمة طرابلس، ولكن النجاح لايزال غير مضمون تماما في ظل المعطيات المتوفرة حاليا في المشهد الأمني والسياسي أو حتى التحضير الدولي لهذا التغيير.
باشاغا يعلن عن إطلاق "⁧‫خارطة الطريق نحو التعافي" في ليبيا

الدعم البريطاني هل يسرع دخول باشاغا العاصمة؟

وأضاف المحلل السياسي إدريس عبد السلام في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أنه قد تكون تصريحات باشاغا بدخول العاصمة تأتي نتيجة تعويله على التغيير في المواقف الدولية تحديدا بعد زيارته لبريطانيا ودعوة البرلمان البريطاني له أمام لجنة شؤون الخارجية، لربما سيكون هناك دعم بريطاني لفتحي باشاغا، ولكن تظل الأمور مبهمة ونحن ننتظر مجريات الأمور السياسية.

التشكيلات المسلحة والضغوط الدولية

واستبعد إدريس أن تكون هناك ضغوط دولية على التشكيلات المُسلحة، وإن كانت هناك ضغوط على التشكيلات المسلحة لماذا لم تكن منذ سنوات وهم يعرفون جيدا أن هذه التشكيلات المُسلحة هي التي تأخر استقرار البلاد حتى هذه اللحظة.
وأكد بأن هناك مصالح متبادلة ربما ستكون وراء الموافقة على دخول باشاغا للعاصمة طرابلس بشكل سلمي، ولكن هذه الاتفاقيات لا تحل المُشكلة لأن الحكومة ستكون تحت رحمة هذه التشكيلات المُسلحة، ولابد من وجود حل حقيقي يحل الأزمة ويسمح بوجود مؤسسة أمنية حقيقية وجيش حقيقي في العاصمة يتعامل مع الحكومة أو تحت أمرة الحكومة.
مناقشة