رغم إعلان العسكر ترك السياسة... لماذا تأخر الحل في السودان؟

لم يهدأ الشارع السوداني منذ القرارات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وقلب بها الأوضاع السياسية في البلاد، ورغم إعلان البرهان الانسحاب من المشهد واعتراف حميدتي بالفشل خلال الأشهر الماضية، إلا أن المحتجين يرفضون كل سبل الحل والوساطات، وينادون بحكومة مدنية خالصة، يأتي ذلك مع اقتراب حوار المائدة المستديرة الذي سيدار من الداخل.
Sputnik
هل باتت الحلول السياسية في السودان بعيدة المنال، وما سر التدخل والتصريحات الغربية والأمريكية بشأن الحكومة المدنية وربط ذلك بالمساعدات المقدمة للخرطوم؟.
بداية يقول المحلل السياسي السوداني، الدكتور ربيع عبد العاطي، هذه الفترة الانتقالية لا بد أن تحكم بتوافق بعد أن خرجت المؤسسة العسكرية من المعادلة.
الديمقراطية الغربية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أرى أن مؤتمر المائدة المستديرة المقرر عقده خلال أيام سيحسم أمر الحكم فيما تبقى من عمر الإنتقال، وتلك المشاورات ستكون سودانية خالصة ويجب أن نعلم أن الغرب الذي يتحدث ليل نهار عن الديمقراطية، لا يرضى بمن ستأتي به الديمقراطية إذا كان لا يتفق مع أجندته.
وأشار عبد العاطي إلى أن، الحوار السوداني-السوداني الذي لا يقصي جهة هو الحل سواء رضي الغرب أم رفض، وهذا ما ستشهده الأيام القادمة وقبل منتصف أغسطس/آب الجاري، فالحل إن لم يكن محليا لن يؤدي إلى أي استقرار في البلاد على المدى القصير أو الطويل.
من جانبه، يرى المحلل السياسي السوداني، خضر عطا المنان، أن أي حلول سياسية لا تستند على ديمقراطية حقيقية وحكومة مدنية تستند إلى مجلس تشريعي ثوري يرضي هؤلاء الشباب الذين يتحركون بصورة يومية في الشوارع، لا يمكن أن يكتب لها النجاح.
السودان... لجان "المقاومة" تكشف مواعيد التصعيد الثورى والإضراب فى أغسطس
حلول فاشلة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، كل الحلول التي لا تلبي مطالب الشارع الذي لم يهدأ منذ سنوات لن يكتب لها النجاح، نظرا لهيمنة العسكر على الأوضاع في السودان، إضافة إلى أن مسألة إرضاء الشارع هى مسألة مهمة ولا يحصل عليها الناس بسهولة، حيث أن عملية رضا الشارع ليست سهلة لأن الشارع أيضا منقسم على نفسه، خصوصا أن فلول النظام السابق يسعون للعودة للسيطرة على البلاد مجددا وإن لم يكن بشكل مباشر، وهم الآن يستغلون وجود العسكر، والكثير يعلم أن من يحكمون الآن هم اللجنة الأمنية التي شكلها الرئيس المخلوع عمر البشير.
وأشار المنان إلى أن من مصلحة الغرب أن يكون هناك استقرار سياسي وأمني في السودان، لأن الاستقرار سوف يخدم مصالحه بشكل عام، علاوة على ذلك يرصد الغرب عموما التحركات وحالة الغضب في الشارع السوداني ومئات الشباب الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تلك الثورة، والحصول على رضا هؤلاء الشباب صعب جدا ولن يقبلوا حتى بالشراكة ولو بنسبة قليلة مع العسكر بعد ما حدث من انقلاب العسكر في 25 أكتوبر/تشرين أول الماضي.
البرهان يعفي أعضاء المكون المدني بمجلس السيادة السوداني من مناصبهم
عودة حمدوك
وأكد المحلل السياسي، أن الكثير من الأصوات الآن على الصعيدين السياسي والمجتمعي وغيرها، جميعهم ينادي بعودة الدكتور عبد الله حمدوك، باعتباره المخرج من هذا المأزق، نظرا لأنه على دراية بكل ما يحدث في البلاد على خلفية شغله رئاسة حكومتين بعد الثورة خلال الفترة الانتقالية الأولى والثانية، وحقق الكثير من الانتصارات خاصة على الصعيد الدولي، لكن الغريب في الأمر أن ما حققه حمدوك في الداخل لم يكن بالقدر المطلوب، حيث أن الوزراء الذين اختارهم، شغلوا أنفسهم بالمحاصصات الحزبية والترضيات.
وأعلنت تنسيقيات لجان "مقاومة ولاية الخرطوم" السودانية، الخميس الماضي، مواعيد التصعيد الثورى والإضراب في شهر أغسطس/آب الجاري.
وذكرت صحيفة "الانتباهة"، أن تنسيقيات لجان "مقاومة ولاية الخرطوم" السودانية قد نشرت الجدول التصعيدي لشهر أغسطس حتى نهايته.
وأوضحت أن المليونيات المركزية في العاصمة، ستجرى في أيام 11 و18 و31 من الشهر الجاري، والمليونيات اللامركزية في أيام 7 و22 و25 من الشهر ذاته.
وبعثت تنسيقيات لجان "مقاومة ولاية الخرطوم" السودانية برسالة إلى جميع العاملين في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، والعاملين داخل القطاع المهيكل خارجه، تقضي بأن "الوضع الاقتصادي في ترد واضح والسلطة الإنقلابية تحكم قبضتها على جميع مفاصل الدولة في تجلي واضح لسياسة الإفقار والجبايات التي تنتهجها الدولة".
ودعت لجان المقاومة إلى الإصطفاف مجددا فيما أسمته بـ"إضراب 24 أغسطس"، معربة عن أملها أن "تكون جداولها ومقاومتها السلمية قادرة على أن تبلغ غاياتها بإسقاط النظام وقيام دولة مدنية ديمقراطية في القريب العاجل".
البرهان يعلن عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في المفاوضات الحالية وحل مجلس السيادة عقب تشكيل الحكومة
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان قد أعلن، مؤخرا، حل المجلس وذلك في حالة تشكيل حكومة تنفيذية.
وانطلقت في مايو/أيار الماضي بالخرطوم جلسات الحوار المباشر بين الأطراف السودانية برعاية الآلية الثلاثية، التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد" من أجل حل الأزمة السياسية في البلاد. وقد قاطعت قوى المعارضة الرئيسية في السودان، الحزب الشيوعي وقوى الحرية والتغيير (القوى الوطنية)، وحزب الأمة، أعمال الجلسة الافتتاحية للحوار.
ويعاني السودان من أزمة سياسية منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، إجراءات طارئة بحل حكومة عبد الله حمدوك الانتقالية، وإعلان حالة الطوارئ، وتجميد بعض المواد في الوثيقة الدستورية، ووقف أنشطة لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة لانقلاب البشير في العام 1989.
وتستمر منذ ذلك الحين الاحتجاجات ضد هذا الإجراء والتي سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى.
مناقشة