خبراء صينيون لـ "سبوتنيك": الولايات المتحدة تحاول جعل شرق آسيا بؤرة جديدة مشتعلة بجانب أوكرانيا

غادرت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، تايوان (الصين)، مساء الأربعاء الماضي، بعد أن وصلتها، مساء الثلاثاء، ضاربة بتهديدات الصين عرض الحائط، لتصبح بذلك أرفع مسؤول أمريكي يزور الجزيرة منذ سنوات مضت.
Sputnik
القاهرة - سبوتنيك. وجاء رد الصين غاضبا، حيث أعلنت بكين عن وقف التعاون من جانبها مع الولايات المتحدة، كما قامت بشن عمليات تدريبية عسكرية بالذخيرة الحية، متعهدة باستعادة الجزيرة بالقوة إذا لزم الأمر، في حين تعرف تايوان نفسها جزيرة ديمقراطية تتمتع بالحكم الذاتي.
وفي هذا السياق، قالت الباحثة في الشأن الصيني، تمارا برو، لوكالة "سبوتنيك"، إن "الولايات المتحدة الأمريكية حاولت أن تجعل شرق أسيا بؤرة أخرى مشتعلة في العالم، بجانب أوكرانيا"، موضحة أن غايتها الأساسية تتمثل في كبح صعود الصين وإلحاق الضرر باقتصادها.
التلفزيون الصيني: المياه الإقليمية لتايوان "غير موجودة" وتدريباتنا العسكرية أصبحت "منتظمة"
ورأت أن السياسة الصينية تمتاز بالعقلانية والصبر، مما يجعل الصين لا تقدم على أي خطوة غير مدروسة من جميع الجوانب، فضلا عن البحث في تأثير تلك الخطوات على المستقبل البعيد، مستطردة: "استطاعت الصين بحكمتها أن تحبط مخطط الإدارة الأمريكية لأن تسرع الصين كان سيترتب عليه عزلها من الدول الأخرى وفرض عقوبات عليها ومقاطعتها وإضعاف اقتصادها، الأمر الذي يؤدي إلى غرق العالم بأكمله في أزمة اقتصادية مدمرة أكثر من تلك التي يشهدها بسبب الأزمة الأوكرانية".
ووصفت الصين زيارة بيلوسي بأنها "تدخل في شؤون الصين ومساس بسيادتها ووحدة أراضيها"، كما فرضت عقوبات على المسؤولة الأمريكية وعلى عائلتها.
ولفتت الباحثة في الشأن الصيني إلى أن زيارة المسؤولة الأمريكية أثارت غضب الصين، كونها تعتبر تايوان جزءا من أراضيها، وتتعهد دائما بإعاداتها إليها حتى لو اضطرت إلى استخدام القوة العسكرية، موضحة أن الزيارة تشكل انتهاكا لمبدأ الصين الواحدة التي التزمت بها الولايات المتحدة في علاقاتها الدبلوماسية مع الصين عام 1979، كما ترى الصين الزيارة مصدرا لتهديد الأمن والاستقرار في مضيق تايوان وتشجع البلدان الأخرى على التقرب من الجزيرة وتأييد استقلالها.
وبينت أن رد فعل الصين بإجراء مناورات عسكرية حول تايوان باستخدام الذخيرة الحية، وتجاوز خط الوسط الفاصل بين تايوان والصين، وفرض الصين حصارا بحريا وجويا على الجزيرة، دليل على أن الخيار العسكري لاسترداد الجزيرة لا يزال مطروحا وأن المناورات العسكرية هي رسائل لأمريكا وحلفائها ولتايوان نفسها، تستعرض فيها بكين مهاراتها وأسلحتها العسكرية لإظهار قوتها التي لا يستهان بها.
تايوان: لن نرضخ للضغط الصيني أبدا
وحول ردود الفعل الدولية على تلك المناورات، أوضحت تمارا أن العلاقات بين مجموعة دول السبع والصين مضطربة، والمجموعة ترى أن الصين تحاول بسط نفوذها اقتصاديا وتتهمها بعدم الشفافية في ممارستها التجارية وبانتهاكها لحقوق الإنسان، وبالتالي تعمل جاهدة لتقويض صعود الصين، مما يجعل انتقادها لرد فعل الصين أمرا غير مستغربا.
وتعتقد تمارا أن كوريا الشمالية ترتبط بمصالح اقتصادية وأمنية مع الصين، وأن الوقوف بوجه الولايات المتحدة في حد ذاته هو أبرز تعاون يجمع البلدين، متابعة: "الصين تقف إلى جانب كوريا وتستخدم حق النقض (الفيتو) ضد قرارات مجلس الأمن الخاصة بتجديد العقوبات على بيونغ يانغ، كما تعتمد كوريا الشمالية على الصين بسبب اقتصادها المتدهور مما يجعل دعمها أمر طبيعي".
بكين: كلا جانبي مضيق تايوان ينتميان للصين ومن الطبيعي الرد بحزم على زيارة بيلوسي
وزار الرئيس الأمريكي جو بايدن اليابان وكوريا الجنوبية، في مايو/ أيار الماضي، وأطلق مبادرة الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي لمحاصرة الصين اقتصاديا، كما تحاول واشنطن الضغط على كوريا الجنوبية مؤخرا للانضمام للمبادرة وكبح قدرات الصين المتنامية لتطوير صناعة الرقائق الإلكترونية بعدما كانت تطمح الصين في أن تكون الرائدة بهذا المجال بحلول عام 2030.
ومن جانبه أكد الصحفي الصيني إلهام لي، أن الحكومة الصينية اتخذت وستتخذ المزيد من الإجراءات للدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها، وأن التدريبات المشتركة للقوات البحرية والجوية والتدريبات بالذخيرة الحية واختبارات الصواريخ حول الجزيرة أثبت عزم الصين وقدرتها على القيام بذلك.
معلومات عن بعض الطائرات المشاركة في تدريبات الجيش الصيني حول تايوان
وشدد على أن الشعب الصيني والحكومة الصينية لا يعرفان سوى صين واحدة في العالم، كما يدركان جيدا أن تايوان تعد جزءا لا يتجزأ من أراضيها، معتبرًا زيارة بيلوسي استفزازا سياسيا خطيرا للصين، ومحاولة من الولايات المتحدة لمواصلة حيل التلاعب السياسي الجيوسياسي، لم تستفد منه بيلوسي أوالسلطات التايوانية إلا الخسارة في السمعة الدولية والثقة من بين المجتمع المحلي والسياسي.
وأصبح تعهد الولايات المتحدة والصين، كونهما أكبر مصدرين للتلوث في العالم، بالعمل معا عبر اجتماعات منتظمة لحل أزمة التغير المناخي، في خطر، خاصة بعدما أعلنت الخارجية الصينية أن بكين ألغت اجتماعا كان مقررا بين وزيري خارجية الصين واليابان في "بنوم بنه"، عاصمة كمبوديا، بسبب تصريحات دول مجموعة السبع بشأن الوضع حول تايوان.
صحيفة تنشر صور تدريبات الجيش الصيني في الجو والبحر حول تايوان
واستدعى نائب وزير الخارجية الصيني شيه فنغ، السفير الأمريكي لدى الصين نيكولاس بيرنز، وعبّر عن معارضة شديدة واحتجاجات قوية نيابة عن الحكومة الصينية على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى منطقة تايوان الصينية، فضلا عن تعليق التعاون مع الولايات المتحدة في عدد من المجالات، بما في ذلك الحوار بين كبار القادة العسكريين ومحادثات المناخ والتعاون في منع الجريمة عبر الحدود وإعادة المهاجرين غير الشرعيين.
وفي السياق ذاته، اتفقت الكاتبة الصحفية الصينية، سعاد ياي شين هوا، أن زيارة بيلوسي أضرّت بالأساس السياسي للعلاقات الصينية الأمريكية وانتهكت السيادة الوطنية الصينية، كما أرسلت إِشارة خطيرة وخاطئة للعناصر الانفصالية بالجزيرة، ما أدى إلى مواصلة تصعيد التوترات في العلاقات الصينية الأمريكية وكذلك الاستقرار الإقليمي على مضيق تايوان.
وتعتقد شين هوا، أن الولايات المتحدة تعمل دائما على تعزيز حلفائها في الوسط الدولي، متابعة "يمكن الملاحظة خلال السنوات الأخيرة أن الولايات المتحدة ترغب في زيادة نفوذها في شرق آسيا، من أجل مواجهة نفوذ الصين المتزايدة في هذه المنطقة".
وأوضحت الباحثة الصينية أن بكين تؤكد دائما من جانبها ضرورة تعزيز التعاون والمنفعة المتبادلة بينها وبين دول هذه المنطقة، فضلا عن سعيها للمحافظة على الاتصالات والتبادلات التجارية والاقتصادية الجيدة مع مختلف دول الإقليم، عبر مبادرة الحزام والطريق وغيرها من المشاريع والسياسات، ومن أجل تحقيق الفوز المشترك.
ترامب: زيارة بيلوسي إلى تايوان لم تصب إلا في مصلحة الصين
وفي ما يتعلق بالتحركات الأوروبية نحو تايوان، اختتمت سعاد ياي شين هوا، أن بعض الدول الأوروبية بصفتها حلفاء للولايات المتحدة، تسير على النهج الأمريكي وتتبع السياسات الأمريكية، مؤكدة أن الصين لن تسمح بأن تتدخل أي دولة أو مجموعة دولية في شؤونها الداخلية، وبشأن مسألة تايوان، لا يوجد تنازل عند الجانب الصيني إلا في إطار الالتزام بسياسة صين واحدة.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية، أمس الجمعة، أن ثمانية أعضاء من البرلمان الألماني سيزورون الجزيرة بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وجاء الإعلان بعد أيام من زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، وأكدت الوكالة أن الزيارة ليست مرتبطة بزيارة بيلوسي إلى تايوان، فقد تم التخطيط لها في وقت سابق.
مقارنة بين الجيشين الصيني والتايواني في 2022
مناقشة