وقال يانكوفيتس إن حجم التداول التجاري الحالي في هذا المجال يبلغ 700 مليون دولار، مشيرا إلى إمكانية رفعه بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف.
وأكد مراقبون أن التعاون بين الرياض وموسكو في مجال المواد الغذائية يتزايد بقوة، لا سيما فيما يتعلق باللحوم والدواجن والزيوت، مؤكدين أن هذا التعاون المستمر والدائم قد يمتد إلى مجالات أخرى.
إمكانيات روسية
قال سليمان العساف، عضو جمعية الاقتصاد السعودية، والمحلل الاقتصادي، إن هناك نشاطًا ملحوظًا وزيادة كبيرة في التعاون والتبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وروسيا في الفترة الأخيرة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي، ما يقرب من مليار و700 مليون دولار، ومن المتوقع تضاعف هذه الأرقام خلال السنوات الـ 5 القادمة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "سبوتنيك"، أن دولة روسيا تملك إمكانيات كبيرة للتصدير، خاصة في المواد الغذائية واللحوم، والمملكة العربية السعودية دولة مستهلكة ومستوردة بشكل كبير لهذه المواد، وتعد من أكبر 20 دولة في العالم استهلاكًا واستيرادًا للحوم والزيوت، حيث تعتمد الخطة السعودية اللحوم والدواجن والزيوت من ضمن المواد الأساسية الثمانية في القائمة الحكومية.
وتابع: "روسيا من أكبر المصدرين في العالم، حيث تصدر أكثر من 40 مليار دولار من المنتجات الغذائية، وتعد من أكبر مصدري الحبوب بـ 130 مليون طن، وتصدر 9 ملايين طن من زيوت عباد الشمس، وأكثر من 11 مليون طن من اللحوم، و4 ملايين طن دواجن".
وأوضح العساف أن "المملكة تستورد هذه المواد بشكل كبير، أقلها استيرادًا هي الدواجن حيث تستورد السعودية 50% من احتياجاتها من الخارج بما يقرب من 700 ألف طن، كما تستورد أكثر من مليون طن من اللحوم".
ويرى عضو جمعية الاقتصاد السعودية أن هناك مجالات كبيرة جدًا للتعاون والتبادل التجاري بين روسيا والمملكة العربية السعودية، لا سيما في ظل نجاح التعاون في مجال أوبك وأوبك بلس منذ عام 2016، مشيرًا إلى وجود آفاق واسعة للتعاون في المواد الغذائية واللحوم والدواجن، والتي قد تمتد لأمور ومنتجات أخرى مفيدة للبلدين.
الأمن الغذائي
بدوره، اعتبر ماجد بن أحمد الصويغ، المستشار المالي والاقتصادي السعودي، أن المملكة العربية السعودية وروسيا دول عظمى ولهما مكانتهما في العالم سياسيا واقتصاديًا، وزيادة الإمدادات الروسية من المواد الغذائية والزراعية أو المواد الخام الخاصة بهذه المنتجات، والتي تقدر قيمتها 700 مليون دولار، كصادرات من روسيا للمملكة، دليل على التعاون الثنائي، وعلى اهتمام السعودية بالأمن الغذائي وضمان الاستدامة فيها دون انقطاع، لتوفير الغذاء والعيش الرغيد لجميع المواطنين والمقيمين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الأحداث الجيوسياسية الأخيرة في المنطقة، أدت إلى إعادة التفكير وتنشيط الخطط الاستراتيجية في موضوع الأمن الغذائي حول العالم، مما دعا دول العالم بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص لاتخاذ التدابير والاحتياطات والإجراءات التي تدعم توفر الغذاء لضمان عدم تكرار أي نقص.
وتابع الصويغ: "التعاون بين البلدين قوي واستراتيجي، في ظل مكانة المملكة الاقتصادية في العالم، عبر تصدير النفط، حيث تبحث الكثير من الدول عن التبادل التجاري والاقتصادي مع السعودية لما فيه من مصلحة للطرفين، والتبادل بين السعودية وروسيا يقع ضمن رؤية المملكة 2030".
تعدد سلاسل الإمداد
في السياق، أكد الدكتور فواز كاسب العنزي، المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، أن روسيا إحدى الدول الكبيرة منذ القدم في الصناعة، لا سيما الطاقة والأسلحة والمواد الغذائية، والتعاون يأتي في ظل محاولات المملكة العربية السعودية زيادة مصادر الحصول على المواد التجارية والغذائية من جميع الدول المنتجة والصناعية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تسعى المملكة إلى تعدد المصادر والقنوات وسلاسل الإمداد لتوفير المواد الغذائية من مختلف دول العالم، من أجل إشباع حاجات المستهلكين، لا سيما في ظل نشاط الحركة السياحية التي تستلزم توفير جميع السلع والمواد الغذئية في الأسواق، لدعم هذا القطاع الذي تعده المملكة من محاورها الاستراتيجية للاعتماد عليه في المستقبل ضمن رؤيتها 2030.
وأوضح أن المملكة تزيد من تعاونها في مجال المواد الغذائية مع روسيا، في ظل التخوف من الاعتماد على الأسواق الأوروبية والأمريكية بشكل كامل، مع وجود احتمالات ضرب أو تأخير هذه السلاسل ما يؤثر على الجانب التجاري وعلى الأسعار، لذلك تركز على تنوع خطوطها من روسيا والصين والهند، وغيرها من الدول.
وأشار العنزي إلى أن زيادة التعاون بين روسيا والسعودية في هذا المجال، ينفي محاولات البعض للوقيعة بين الرياض وموسكو، والحديث عن انحياز سعودي للمعسكر الغربي وأمريكا عبر زيادة إنتاج النفط، حيث يظهر ذلك بأن المملكة حريصة على بناء علاقات عميقة ومميزة ومستمرة مع روسيا.
وقال الممثل التجاري لروسيا في السعودية خلال ندوة عُقدت تحت عنوان ""Business Russia "يمكن زيادة التبادل التجاري بين السعودية وروسيا بكل سهولة، فالسوق السعودي كبير جداً وسيبتلع كل شيء"، موضحا أن قطاع الأغذية هو الاتجاه الواعد لزيادة التبادل التجاري مع المملكة.
وتابع يانكوفيتس: "السعوديون مهتمون جدا بالأغذية الروسية وكل يوم يتصلون بي، ونتفق على عقد اجتماعات يكون الموضوع الرئيسي لمفاوضاتها هو استيراد الطعام والأغذية من روسيا"، موضحاً أن المواد الغذائية ولحوم البقر والضأن ومنتجات الدواجن وزيت عباد الشمس هي الأكثر طلبا.
وبشأن الحبوب، أشار المسؤول الروسي إلى أن كبرى الشركات الزراعية الروسية تعمل مع شركة SADA الحكومية السعودية -المستورد السعودي الوحيد للحبوب- بما في ذلك من روسيا، وفي هذا المجال فإن روسيا تحتل مكانة مهمة في توريد الشعير للمملكة وفق حصة سوقية عالية.