ما دلالات رفض سوريا طرح عودتها للجامعة العربية خلال قمة الجزائر؟

في خطوة وصفها المراقبون بـ"المهمة" في طريق توحيد الصف العربي، وعدم طرح قضايا جدالية، أعلنت سوريا عن رغبتها في عدم طرح مسألة إعادتها لمقعدها في الجامعة العربية خلال قمة الجزائر المرتقبة.
Sputnik
وأكد وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، لنظيره الجزائري، رمطان لعمامرة، خلال اتصال هاتفي، عدم رغبة بلاده في طرح موضوع استئناف عضوية دمشق في الجامعة العربية، خلال القمة العربية المقبلة.
وقال مراقبون إن هناك عدة أسباب وراء الموقف السوري، أهمها إعلان غيابها عن القمة المقبلة، وعدم رغبتها في زيادة الانقسام بين الدول العربية، لا سيما في ظل عدم وجود إجماع حول عودتها لمقعدها في الجامعة.

توافق سوري جزائري

قال الدكتور أسامة دنورة، الخبير السياسي والاستراتيجي السوري، إن تصريحات وزير الخارجية الجزائري الأخيرة تشير إلى وجود توافق سوري - جزائري حول تأجيل طرح موضوع عودة سوريا لشغل مقعدها الشاغر في جامعة الدول العربية إلى ما بعد القمة القادمة في الجزائر العاصمة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يبدو أن سوريا تنظر إلى عدم نضوج ظروف عودتها إلى الجامعة كسبب كافٍ لكي لا يتم طرح الموضوع في هذه القمة، فالقيمة المضافة التي قد تحققها السياسة الخارجية عبر عودتها إلى الجامعة مرهونة بوجود نوايا مسبقة للسير بتنقية الأجواء العربية من قِبل بعض الأطراف العربية الفاعلة.
الجعفري يتحدث عن التواصل بين سوريا والسعودية ويكشف الدولة التي تعرقل عودة بلاده إلى الجامعة العربية
وتابع: "بدون وجود هذه النية يمكن أن يسهم الاستعجال بعودة سوريا في تعقيد الوضع العربي، ونشوب خلافات وربما محاور جديدة، الأمر الذي لا ترغب به سوريا؛ فالمحافظة على الحد الأدنى من دور الجامعة العربية يقتضي وجود أرضية مشتركة لكي يتم البناء عليها، لا أن يتم استيراد الخلافات العربية الثنائية لتنعكس داخل اجتماع القمة".
ويرى دنورة أن الشأن البروتوكولي (من وجهة النظر السورية وفي إطار التوافق مع الجزائر على ما يبدو) ليس مقدمًا على نزع الألغام الحقيقية في العلاقات العربية البينية، وأي مصالحة أو مصافحة شكلية لا تعكس تحسنًا حقيقيًا لا تمثل هدفًا بحد ذاتها، ما دامت غير مقترنة بتقدم فعلي في علاقات سوريا مع بعض الأطراف العربية.
ويعتقد المحلل السوري أن هذا الموقف يتضمن في الوقت نفسه، رسالة مرفقة مفادها أن إمكانية استخدام ملف العودة للجامعة كعامل ضغط على سوريا أمر غير صائب، ونتيجة لهذا الموقف السوري يكون قد تم تفريغ عامل الضغط السياسي هذا من أي قوة ومضمون.

موضع خلاف

بدوره اعتبر غسان يوسف، المحلل السياسي السوري، أن حديث المقداد عن عدم رغبة بلاده في فتح ملف عودتها للجامعة العربية خلال قمة الجزائر المقرر عقدها في شهر نوفمبر المقبل، يأتي برغبة من سوريا لحسم عدم حضورها للقمة بنفسها، بعد لقاءات مع وزير خارجية الجزائر والتشاور مع بعض وزراء الخارجية العرب بشكل غير معلن.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك":

فضلت دمشق ألا تكون موضعًا للجدل بين الدول العربية، خاصة وأنها غير مجتمعة على موقف عودة سوريا لمقعدها، في ظل الإملاءات التي تتلقاها بعض هذه الدول التي لا تملك القرار بمفردها.

وتابع: "ترى دمشق أهمية أن انعقاد القمة بدونها أفضل في حال قررت الدول العربية عودة سوريا لمقعدها، من دون أن تكون حاضرة وسببًا للانقسام ربما يكون أفضل، وقد يؤدي في النهاية إلى إجماع الدول العربية حول هذا الأمر، وفي حال لم يحدث هذا الإجماع يكون قد اتخذ بدون وجود سوريا في القمة".
وأوضح أن سوريا لا تستعجل هذا الأمر، خاصة أنها لم تكن السبب في تجميد عضويتها، وتعتبره غير قانوني، لأن أي قرار يحتاج لإجماع عربي، وهذا القرار اتخذ بدون إجماع، مشيرًا إلى أن جامعة الدول العربية سواء اجتمعت بحضور سوريا أو بعدم حضورها فإن قراراتها لن تؤثر في السياسة الإقليمية والدولية وحتى العربية، لضعف هذه القرارات وبسبب الانقسام بين الدول العربية على كافة المستويات.
مسؤول بجامعة الدول العربية: نبذل جهودا كبيرا لتسهيل عودة سوريا للجامعة
ويرى أن حضور سوريا قمة الجزائر وهي الدولة المؤسسة للجامعة العربية، والتي كانت الأكثر فاعلية قد يضعف أي قرار تتخذه الجامعة، باعتبار أنه لا يحظى يالإجماع العربي، وهناك دول عربية في المواجهة تحتاج لقرارات عاجلة مثل الحديث عن القضية الفلسطينية.
وقال بيان صادر عن الخارجية الجزائرية، أمس الأحد، إن "من جملة المسائل التي تمت مناقشتها بهذه المناسبة، موضوع علاقة الجمهورية العربية السورية بجامعة الدول العربية، حيث أكد رئيس الدبلوماسية السورية أن بلاده تفضل عدم طرح موضوع استئناف شغل مقعدها بجامعة الدول العربية خلال قمة الجزائر وذلك حرصا منها على المساهمة في توحيد الكلمة والصف العربي في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي".
وقال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في 25 تموز/يوليو، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع لعمامرة: "فقد تناول اللقاء بين الأسد ووزير الخارجية الجزائري القضايا العربية الراهنة والفعاليات القادمة ذات العلاقة بالتضامن العربي"، في إشارة منه لمشاركة بلاده في مؤتمر القمة للجامعة العربية المزمع عقده في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده وزيري الخارجية السوري والجزائري عقب لقائهما الأسد، أكد وزير الخارجية الجزائري "أن غياب سوريا عن مقعدها في الجامعة العربية يضر بالعمل العربي المشترك".
وأوضح لعمامرة أن "سوريا حاضرة في محيطها العربي وتحتل مكاناً متميزاً في قلوب الجزائريين، هذه المرحلة من تنسيق العمل المشترك بيننا في غاية الأهمية والإيجابية".
مناقشة