يعد الأندر عالميا... اكتشاف أثري سوري يجسد ميثولوجيا "هرقل" و"المقاتلات الأمازونيات"

وتتضمن اللوحة المكتشفة مشهدين أساسيين، الأول عبارة عن ثلاثة أطر وتمثل دائرة في المنتصف، والمشهد الرئيسي عبارة عن حضور شخصية (أخيل) الميثولوجية مع ملكة الأمازونيات، وفي المقابل يمثل المشهد الآخر هيروقليس مع ملكة الأمازونيات.

قال مدير التنقيب والدراسات الأثرية في المديرية العامة للآثار والمتاحف الدكتور همام سعد لوكالة "سبوتنيك": "اكتشاف اللوحة الفسيفسائية مهم جداً، ليس على مستوى المنطقة، بل العالم والاكتشاف تمَّ عام 2018 حين كانت المنطقة تحت سيطرة المجموعات المسلحة، حيث قاموا بفتح أنفاق في المكان، ولا تزال موجودة آثارها حتى الآن ونشرت على صفحات التواصل الاجتماعي في العام ذاته بهدف بيع اللوحة".

لافتاً أنَّه "عندما حررت المنطقة أعلمت مديرية الآثار والمتاحف من الجهات المختصة في الرستن، عن وجود لوحة، وتمَّ الكشف عن اللوحة في منزل، مبيناً أنه حفرت إحدى غرفه بعمق ثلاثة أمتار، ووجدت اللوحة، واتخذ القرار بإعادة الردم إلى حين البدء الردم لتنفيذ العمل وفق أسس صحيحة للحفاظ على اللوحة بالكامل واتخذ قرار بواجب التريث للاستملاك العقارين".

وأضاف سعد: "في المرحلة التالية تم البدء بأعمال التنقيب، في كافة أنحاء المنزل وصولاً إلى الطبقات الأثرية، والمفاجأة وجود لوحة أخرى، واعتبرها الأهم والأندر في العالم مبيناً أنها تمثل حرب الأمازونيات المذكورة في المصادر الكلاسيكية، سيما في الإلياذة التي خطها هوميروس، حيث يتحدث عن حرب الأمازونيات وكيف وقفت الملكات مع (طروادة)، في حربها ضد ملوك اليونانيين".

مردفا القول: "نجد ضمن التمثيل المشهد الرئيسي لأخيل مع ملكة الأمازونيات، حينما قتلها في الحرب ووقع في حبها، وفي الطرف الآخر هرقليس مع ملكة الأمازونيات، عندما اخذ الزنار السحري منها، وحولها نجد شخصيات تشارك في الحرب، فيما ملك يوناني مع ملك أمازوني بأسمائهم الكاملة، وفي الإطار الخارجي تمثيل لآلهة الرياح لكافة فصول العام وهي باتجاه عقارب الساعة".

وتابع سعد: "في المشهد الآخر لدينا تمثيل لإله البحار (بزيدون) مع زوجته في المنتصف على عربة تجرها خيول، وحولها حوريات المياه بشكل منسجم مبيناً أن التقنية المستخدمة مهمة حيث توجد فصوص خارجية أكبر حجماً، وكلما اتجه إلى الداخل تصبح الفصوص دقيقة، إضافة إلى استخدام تقنية الزجاج في اللوحة مع تفاصيل مهمة تظهر على اللباس والمحاربين والأحصنة"

وبين مدير التنقيب والدراسات الأثرية في المديرية العامة للآثار والمتاحف أن "اللوحة المكتشفة نادرة وليس لها مثيل في العالم بالحجم الحالي لافتاً أن مملكة (أريتوزا) كانت في العصر الروماني وذكرت في النصوص مشيراً إلى استكشافات أثرية سابقة مدينة الرستن، ومنها تابوت مكتشف سابقاً، موجود في المتحف الوطني، ويمثل أسطورة أخيل منوهاً إلى وجود عدة فرضيات لمكان اللوحة، ربما يكون بهواً أو حماماً بسبب وجود أقنية مائية وتنتهي القاعة إلى بوابة مؤكداً أن الأعمال لم تنته بعد وتستمر بعد استملاك المنزل المجاور وهدمه لإلحاق اللوحة "

موضحاً أن "اللوحة تقع ضمن قاعة، وفيها أجزاء ومنشآت أخرى، لا يعرف حدودها، ولا حتى الحدود النهائية للبناء، ولا يمكن البت به، أو تحديد هويته واللوحة واحدة لمشاهد مختلفة، وأمام بناء ضخم جداً وهام، ووفق تأريخ اللوحة تعود للقرن الرابع الميلادي ويبلغ طولها 20 مترا بعرض 6 أمتار".

بدوره قال مدير دائرة آثار حمص المهندس حسام حاميش لـ"سبوتنيك": "بدأت أعمالنا في تل الرستن، المسجل في عداد المباني الأثرية لدى المديرية العامة للآثار والمتاحف نهاية عام 2019، بعد ورود معلومات عن لوحة فسيفساء موجودة تحت بيت سكني، حيث تم التنقيب عنها خلال وجود العصابات الإرهابية في المنطقة، ولم يتمكنوا من تهريبها خارج البلاد موضحاً أنه تم إجراء الاسبار التمهيدية والأولية، عن طريق ورشات فنية مختصة، حيث تم التأكيد على وجود لوحة فسيفساء من الطراز العالي، والتي تتميز بعناصر معمارية فنية وتعود إلى القرن الرابع الميلادي".

وبين حاميش أن "المساحة التي تمتد عليها اللوحة كبيرة، ما اضطر المديرية العامة للآثار والمتاحف لاتخاذ إجراءات قانونية، وأهمها استملاك المباني السكنية الواقعة فوق اللوحة، لإفساح المجال للورشات للعمل بشكل مهني واختصاصي موضحاً أن العمل استغرق حوالي العام، حتى تمت عملية الاستملاك وترحيل الأنقاض وتهيئة الجبهة اللازمة للعمل، حيث ظهرت لوحة بكامل عناصرها، ثم اكتشفت ثلاث لوحات بما يؤكد أن موقع الرستن من المواقع المميزة على مستوى سوريا والعالم مشيراً إلى أن تل الرستن المسجل في عداد المواقع الأثرية عالمياً هو عبارة عن أرض لمكلة أريتوزا ولها شبكة علاقات مع مملكة قطنا ويدل عليها الرقم الموجود في تل المشرفة ويوجد قطع أثرية تدل على ذلك".