بعد توقيعه... هل يعد اتفاق ترسيم الحدود اعترافا لبنانيا رسميا بإسرائيل؟

بعد توقيعها بشكل رسمي، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، أمس الخميس، أن اتفاقية ترسيم الحدود بين بيروت وتل أبيب، تعني إنجازًا دبلوماسيًا واقتصاديًا، واعترافًا لبنانيًا بدولة إسرائيل.
Sputnik
وقال لابيد، في تصريحات له، إنه "إنجاز سياسي لأنه ليس في كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل، من خلال اتفاق خطي، وأمام المجتمع الدولي أجمع"، مؤكداً أن "إسرائيل ستحصل على 17% من أرباح حقل قانا-صيدا، وهذا سيدخل للاقتصاد الإسرائيلي أموالا ستصرف على الرفاهية والصحة والتعليم والأمن".
وقال مراقبون لبنانيون إن التصريحات الإسرائيلية تأتي للدعاية الانتخابية والتغطية على الخسائر التي منيت بها إسرائيل خلال قبولها بشروط لبنان في عملية الترسيم، معتبرين أن التوقيع لا يعني مطلقًا التطبيع أو الاعتراف بإسرائيل.
نصر الله ينفي أن يكون ترسيم الحدود تطبيعا مع إسرائيل
دعاية انتخابية
قال داوود رمال، المحلل السياسي اللبناني، إن اعتبار لابيد توقيع اتفاق ترسيم الحدود اعترافًا لبنانيًا بدولة إسرائيل، يأتي من منطلق له علاقة بالتنافس الانتخابي، في ظل قرب موعد انتخابات الكنيست، وكل المتنافسين يستخدمون الأسلحة المتاحة لإظهار الترسيم وكأنه إنجاز إسرائيلي.
وأوضح في تصريحات لـ "سبوتنيك" أن مثل هذه الاتفاقيات لا تندرج تحت بند الاعتراف بالدولة، مثلها مثل توقيع اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل عام 1949م، وتفاهم نيسان عام 1996، وغيره من التفاهمات التي لا يمكن اعتبارها تطبيعًا لبنانيًا.
ويرى رمال أن التفاهم البحري الجديد بين لبنان وتل أبيب، تحت مسمى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، هو عبارة عن "تحييد هذه المنطقة عن أي صراع أو مواجهة عسكرية، وتأمين أمن منصات وآبار الغاز والنفط في أعلى جانبي الحدود البحرية التي تم الاتفاق من حولها".
وتابع: "لبنان لم يوقع على أي ورقة وقعت عليها إسرائيل، بل وقع على إحداثيات المنطقة البحرية على ورقة خاصة تحمل توقيع الجانب الأمريكي والأمم المتحدة، أما توقيع الجانب الإسرائيلي كان على ورقة منفردة بدون أي توقيع لبناني، ما يؤكد أن ما حدث ليس اعترافًا بإسرائيل، بل مجرد تفاهم برعاية أممية وضمانة أمريكية لتسهيل عملية الاستثمار في الثروة الغازية والنفطية".
وأشار رمال إلى أن مسألة الاعتراف بأي دولة لا يمكنها أن تبنى على أساس اتفاقية لها طابع تجاري أو اقتصادي أو استثماري أو أمني، إنما يبنى على تعديل الدستور اللبناني الذي يعتبر إسرائيل دولة معادية ولا يعترف بها، وإنما يعترف بفلسطين المحتلة ضمن بنود لا تزال قائمة، ولم تعدل بعد، للقول بأن هناك تغييرًا في موقف لبنان تجاه القضية الفلسطينية.
غانتس يأمل بأن يشكل الاتفاق مع لبنان "فرصة" لمزيد من التطورات الإيجابية في المنطقة
مأزق إسرائيلي
بدوره، اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية وآلية التفاوض التي جرت في الشهور الأخيرة حول هذا الموضوع، وآليات التوقيع وتسليم الأوراق والضامن، كلها عناصر تؤكد بأن هذا لا يعني اعترافًا بإسرائيل، أو تطبيعًا أو محاولة لإقامة أي علاقات.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، من المعلوم أن اتفاقيات مثل هذه لا يمكن أن تندرج تحت هذا البند، وإلا اعتبر اتفاق الهدنة وتفاهمات نيسان وتموز، وترسيم الحدود البرية التي جرت وسجل لبنان اعتراضات لما يسمى بالخط الأزرق، اعترافًا لبنانيًا بإسرائيل.
وعن الأسباب التي دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد إلى طرح هذه القضية، قال إن إسرائيل في مأزق وتعاني من أزمة خسارتها لمعركة الترسيم، واضطرارها بقبول الشروط اللبنانية كاملة، تحت التهديد بالسلاح والدخول في حرب.
مسؤول يوضح لـ"سبوتنيك" كيف يستفيد لبنان من اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل
وأوضح أن لابيد، وقبل إجراء انتخابات الكنيست الإسرائيلي الشهر المقبل، يريد أن يصنع انتصارًا وهميًا يمكن من خلاله ترميم حالته ووضعه الاجتماعي والسياسي، أمام الرأي العام الإسرائيلي، لذلك جاءت هذه التصريحات.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد قد وقّعا رسميا، أمس الخميس، وثائق تفيد بموافقة البلدين على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بينهما، في خطوة لاقت ترحيبا وإشادة محليا ودوليا.
ويدور الاتفاق في الأساس حول منح لبنان حقل "قانا"، على أن تدفع شركة "توتال" الفرنسية صاحبة امتياز التنقيب جزءا من العائدات لإسرائيل وفق اتفاق بينهما، مقابل منح إسرائيل حقل "كاريش" كاملا.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، إن الاتفاق مع لبنان سيسهم في أمن بلاده، معربا عن أمله في أن يكون الاتفاق فرصة لمزيد من التطورات الإيجابية في المنطقة.
وأعرب غانتس على ما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن شكره للوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين، وتقديره لمساعدة الإدارة الأمريكية في الوصول إلى الاتفاق الذي قال إنه "يعزز الاستقرار ويسهم في أمن إسرائيل".
مناقشة