مخيم اليرموك الفلسطيني يمسح سواد الحرب

معاناة مستمرة يعيشها أهالي مخيم اليرموك جنوبي العاصمة السورية، بعد أن طال الدمار أجزاء واسعة من أحيائه نتيجة العمليات الحربية التي شهدها خلال سنوات سيطرة المجموعات المسلحة عليه.
Sputnik
يحاول اليوم الأهالي العائدون إلى المخيم خلق الحياة من جديد في الأحياء التي كانت تعتبر رمزاً وشاهداً على حق عودة اللاجئين الفلسطينين إلى بلادهم، في ظل تضرر ودمار كبير طال البنى التحتية والبيوت.
فوزي أحمد أحد سكان مخيم اليرموك العائدين بعد إتمام عمليات ترميم منزله الذي طالته نيران الحرب، يقول لـ "سبوتنيك": "يعاني المخيم من ضعف كبير في الخدمات، باستثناء المياه التي عادت مؤخراً إلى الأحياء، إلا أن الكهرباء والاتصالات والمواصلات لا تزال شبه معدومة، حيث تصل الكهرباء إلى بيوت المخيم المسكون إلا أنها غير مفيد نتيجة ضعفها ولا يمكن الاستفادة منها".
يخرج فوزي كل يوم من بيته داخل المخيم ويسير على طول شارع اليرموك للوصول إلى حي الزاهرة القريب، للحصول على احتياجاته اليومية في ظل انعدام وسائل النقل داخل اليرموك، حيث يضطر لحمل احتياجاته والعودة بها سيراً على الأقدام خاصة وأن الطرق لا تزال مليئة بالحفر الناتجة عن سقوط القذائف والصواريخ خلال المعارك.
يلقي فوزي نظرة متفائلة على أول مركز خدمة مجتمعية يفتتح في مخيم اليرموك بعدما وضعت الحرب أوزارها، فيقول لـ "سبوتنيك": "المخيم يحتاج إلى تظافر الجهود من كافة الجهات للتسهيل على العائدين شيئا من معاناتهم اليومية، وتشجيع المزيد من أهالي المخيم على العودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم، ونأمل اليوم بافتتاح مركز نور اليوم أن يكون بداية لدخول المؤسسان والمنظمات للعمل ضمن اليرموك، وتسليط الضوء على الصعوبات التي تواجه ساكنيه، ليجري العمل على تأمين الحد الادنى من الخدمات التي تمكن العائلات من العيش داخل اليرموك".
مخيم اليرموك الفلسطيني يمسح سواد الحرب
جمعية "نور للإغاثة والتنمية" إحدى الجمعيات العاملة في سوريا، افتتحت الأربعاء، بحضور وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين ومحافظ دمشق محمد طارق كريشاتي، أول مركزاها داخل اليرموك لدعم المرأة، والذي يستهدف تمكين السيدات والفتيات اللواتي يقطن المخيم، وسيقدم خدمات التمكين بالأعمال المهنية التي تساعد نساء المنطقة في عملية الترميم والعودة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.
جمعية نور بالإضافة إلى افتتاح مركز دعم المرأة، تطلق أيضاً مشاريع أخرى بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، تستهدف القطاع الطبي والتعليمي وعمليات الأتمتة للسجلات والأوراق الثبوتية التي تعمل عليها محافظة دمشق بالتعاون مع دائرة خدمات اليرموك.
بدوره، أكد رئيس مجلس الإدارة في الجمعية محمد جلبوط أن الجمعية ومع هذا الافتتاح اليوم تعلن بدء عملها في مخيم اليرموك الذي لن يتوقف حتى عودة جميع الأهالي وعودة المخيم إلى سابق عهده يعج بالحياة.
مخيم اليرموك الفلسطيني يمسح سواد الحرب
يؤكد جلبوط أن جمعية منذ تأسيسها لم تخرج من مخيم اليرموك وعملت ونظمت العديد من الحملات أبرزها حملة من أجل اليرموك، إضافة إلى العديد من الخدمات في الماء والكهرباء والصحة التي تم تقديمها خلال سنوات الحرب، واليوم تعود "نور" للمارسة نشاطها في المخيم بعد تحريره على يد الجيش السوري بالتعاون مع القوات الروسية.
"لن نترك اليرموك" هو الشعار الذي ترفعه جمعية نور في إطار توجهها خلال المرحلة المقبلة للوقوف ودعم قاطني اليرموك، ويضيف: "نسعى للتنسيق مع كافة الجهات وجميع المؤسسات لحشد الجهود لتقديم الدعم لليرموك، كما نحن على تواصل مع المؤسسات والجمعيات الروسية الصديقة ونأمل أن يكون هناك تعاون قريب مع مركز المصالحة الروسي وغيره من المؤسسات الفاعلة التي لن تدخر جهدا على كافة المستويات وبكل المناطق السورية التي طالتها الحرب، في تقديم الدعم ورفع آثار الحرب".
بدوره، أكد محافظ دمشق محمد طارق كريشاتي خلال الافتتاح في كلمة للصحفيين أن المحافظة ستقدم كل الدعم الممكن لقاطني المخيم لناحية تأمين الخدمات الأساسية وتشجيع العودة، خاصة عملية تثبيت الوثائق لتسهيل إخراج الأوراق الرسيمة والثبوتية، التي تساهم في تشجيع عودة الاهالي إلى بيوتهم وممتلكاتهم، مشيراً إلى أنه خلال أيام قليلة سيبدأ العمل على تأهيل أحد مخابز المخيم بالتعاون مع إحدى المنظمات الدولية، وفيما يتعلق بملف النقل شدد المحافظ أنه خلال اسبوع سيتم تأمين وسائل نقل لتخديم الأحياء المسكونة داخل المخيم، أما فيما يتعلق بالكهرباء أكد المحافظ أنه سيجري إعداد دراسة من أجل إعادة البنى التحتية تدريجياً.
مخيم اليرموك الفلسطيني يمسح سواد الحرب
يذكر أن مخيم مخيم اليرموك أنشأ عام 1953، وكان يعيش فيه أكثر من 200 ألف لاجئ ينحدر معظمهم من مدن الجليل وحيفا وصفد وطبريا والناصرة وعكا وغيرها.
ونهاية عام 2012 سيطر مسلحون سوريون وفلسطينيون تحت مسمى "الجيش الحر" على المخيم، وذلك بعد معارك عنيفة مع قوى الحماية التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المولجة الدفاع عنه، وفور سيطرة مسلحي "الحر" على المخيم، ظهر اسم جديد لقسم كبير منهم تحت مسمى "جبهة النصرة" التي ما لبثت أن أعلن معظم مسلحيها عن كيانهم الجديد في عام 2105 تحت اسم تنظيم "داعش" (النصرة وداعش تنظيمان إرهابيان محظوران في روسيا والعديد من الدول).
وفي أبريل/ نيسان 2018، نجح الجيش السوري وجيش التحرير الفلسطيني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتطهير المخيم من كافة التنظيمات الإرهابية التي كانت تتوزع السيطرة عليه.
مناقشة