راديو

العراق يمر بأكبر أزمة في تاريخه مع مخاطر توقف نهري دجلة والفرات عن العطاء

العراق، أو بلاد الرافدين مهد الحضارات الإنسانية الأولى، التي نشأت على ضفاف نهري دجلة والفرات، أصبحت مهددة في أمنها المائي والغذائي والبيئي لأن أعظم أنهار التاريخ دجلة والفرات قد يتوقفان عن العطاء.
Sputnik
يواجه العراق مصيرا كارثيا بسبب شح المياه، التي تراجعت كمياتها إلى مستوى ينذر باحتمال فقدان مياه الشرب، بسبب انخفاض المخزون المائي الإستراتيجي إلى 7.5 مليارات متر مكعب للمرة الأولى بتاريخ البلاد، وفق ما أفادت به وزارة الموارد المائية.
ترجع أسباب هذه الأزمة غير المسبوقة في تاريخ العراق، ليس فقط بسبب التغيرات المناخية التي يشهدها العراق، لكن أيضا تعود الأسباب إلى سياسات الدول المتشاطئة مع العراق وهي تركيا وإيران.
حيث قامت تركيا بإنشاء سدا أتاتورك وأليسون على نهري دجلة والفرات، ما خفض الحصة المائية العراقية بنسبة 70 في المئة.
كما أن إيران عمدت إلى تغيير مسار أكثر من 42 نهرا كبيرا ومجرى مائي ووديان موسمية وحرفها، وإعادتها إلى داخل الحدود الإيرانية أبرزها نهري الكارون وسيروان، ما تسبب في نقص كميات المياه الواردة للعراق.
ووفقاً لتوقعات مؤشر الإجهاد المائي، فإن العراق سيكون أرضاً بلا أنهار بحلول العام 2040، ولن يصل النهران العظيمان دجلة والفرات إلى المصب النهائي في الخليج.
وعلى الرغم من توصل العراق وتركيا، في آذار/مارس الماضي، لاتفاق يقضي بزيادة إطلاقات المياه من الجانب التركي للعراق، إلا أن الاتفاق المؤقت بشهر واحد فقط قابل للتمديد لا يعتبر حلا جذريا للأزمة، كما أنه لا يصلح بديلا عن التوصل لاتفاق يضمن حصة العراق من المياه بشكل عادل.
أما بالنسبة لأزمة المياه مع إيران فقد شهدت خلال الشهر الماضي، الكثير من اللقاءات على رأسها زيارة الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد على رأس وفد حكومي إلى العاصمة الإيرانية طهران، حيث دعا إيران إلى مراعاة حصة بلاده من المياه خاصة أن معظم الروافد على نهري دجلة وشط العرب مصدرها إيران.

وقال ثائر مخيف الكتاب الجبوري النائب في البرلمان العراقي، إن هناك ما يسمى بالسنوات الجافة وهناك السنوات الرطبة لكن هناك استهداف من الجارتين للعراق، فالسدود تقام لثلاث أغراض وهي لتدوير الطاقة الكهربائية، ومرة لتخزين المياه والأخرى هي السدود التي تسمى بالإروائية والتي مورست من الجارتين على مصادر المياه وهي سدود خطيرة.

وأضاف الجبوري أن هناك قوانين بين الدول المتشاطئة ولكل دولة حقوق ولا يمكن لدولة المنبع أن يكون لها فضل أبدا على دول المصب، بل هي حقوق تصان بالمواثيق والاتفاقيات بين الدول ولا يمكن الجدل فهناك استهداف جاء بعد احتلال العراق.
وأشار النائب العراقي الى أن نسبة المياه التي تأتي للعراق من تركيا تصل إلى 75 % لكنهم أقاموا بعض السدود، وآخر هذه السدود سد الجزرة الخطير، وأصفه بالخطير لأنه يقطع المياه من نهر دجلة، وقد أصبح الوضع بالفعل خطير لأنه بدأ يؤثر على مياه الشرب نفسها حيث أصبحت لا تصل إلى بعض المحافظات.
نتيجة لأزمة المياه تحذر وزارتا الزراعة والبيئة في العراق، من أن البلاد تفقد سنوياً 100 ألف دونم (الدونم 1000م مربع)، جراء التصحر، كما أن أزمة المياه تسببت بانخفاض الأراضي الزراعية إلى 50% وفق تصريحات رسمية قبل أسابيع.
ووفقا لوزارة الزراعة، فإن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح والشعير خلال عام 2022 تراجعت من 11 مليوناً و600 ألف دونم إلى أقل من 7 ملايين دونم، وهي أقل نسبة زراعة للمحصولين منذ سنوات طويلة.

ورغم كل هذه الأرقام السلبية، إلا أن وزارة الموارد المائية العراقية رفضت ما وصفتها بـ "النظرة السوداوية" حول المستقبل المائي في العراق، وفق ما قاله المتحدث باسم الوزارة خالد شمال، مؤكدًا أن المخزون الاستراتيجي ارتفع بنسبة 35% من بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، مقارنة بنفس الفترة من العام الذي سبقه.

وقال رمضان حمزة خبير الاستراتيجيات والسياسات المائية إن هناك بوادر انفراجة لأنه يوجد إرادة سياسية في البلاد بعد أن تأزمت الأمور وأصبح الأمر خطير جدا وبدأت الصحراء تدخل على المدن العراقية، وسبب نقص الماء تلوث كبير كما أن العواصف الرملية أثرت على الناس بشكل كبير. العراق حاليا مهدد بأمنه المائي وأصبح على أجندة العطش كما يسحب من مخزونه الاستراتيجي المائي مما جعل الغطاء النباتي يقل بشكل واضح.
وأضاف حمزة أن عدم وجود قانون ملزم للحصص المائية بسبب النزاع السياسي أدى إلى تجاوز كبير في المساحات الزراعية بسبب عمليات البناء الخرساني على الأراضي الزراعية حيث أثر الفساد المالي والإداري على ملف المياه والزراعة في البلاد.
يوجد أيضا حاليا صراع بين السلطة والمزارعين حول المحاصيل التي يجب زراعتها بعيدا عن زراعة المواد التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مثل الأرز وهو من المحاصيل التي اعتاد عليها المزارعين في العراق.
مناقشة