"عواقب ستغير العالم جذريا"...ماذا لو ذاب جليد القطب الجنوبي

يعتقد العلماء أن ذوبان كل الجليد في القارة القطبية الجنوبية لم يعد احتمالا بعيدا، بل أصبح أمرا مؤكدا.
Sputnik
تغطي الطبقة الجليدية في القارة القطبية الجنوبية مساحة تبلغ نحو 14 مليون ميل مربع (36.3 مليون كيلومتر مربع)، أي ما يعادل مساحة الولايات المتحدة والمكسيك.
عندما يؤخذ عمق الجليد في الاعتبار، فإن الحجم الإجمالي في القارة القطبية الجنوبية يبلغ نحو 7.2 مليون ميل مكعب (30 مليون كيلومتر مكعب).
يتوقع بعض العلماء أن يذوب بحلول عام 2060. ولإيقافه، يجب اتخاذ إجراءات جذرية للحد من الانبعاثات العالمية، وإذا لم يكن من الممكن خفض انبعاثات الكربون، فإن الذوبان على نطاق واسع سيكون كارثيا.
العواقب التي تنتظر البشرية عقب ذوبان جليد القارة القطبية الجنوبية:
1- تغير الجاذبية بشكل جذري
في حين أنه من الواضح أن ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر، فإن العملية أكثر تعقيدا من مجرد إضافة هذا الحجم من المياه الذائبة حديثا إلى المحيطات.
حيث من المرجح أن يتسبب ذلك بتحول الجاذبية، ليؤدي هذا التغيير إلى توسع بعض مناطق الأرض وارتفاعها، وهذا من شأنه أن يخفف من تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر.
وفي عام 1875، قال الباحث جيمس كرول إن ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية سيؤدي إلى ارتفاع غير متساوٍ في مستوى سطح البحر. يعرفه العلماء الآن باسم "تأثير الجاذبية"، ووجد كرول أن مستويات سطح البحر بالقرب من القارة القطبية الجنوبية سترتفع بمعدل أقل بكثير من المتوسط ​​العالمي. وفي الوقت نفسه، سيشهد النصف الشمالي من الكرة الأرضية ارتفاعا في مستوى سطح البحر بما يصل إلى الثلث فوق المتوسط.
2- تغير محور الأرض بشكل خطير
لا يدور محور الأرض بسلاسة، كما أنه يتأرجح قليلا بسبب توزيع الكتلة في جميع أنحاء العالم، فبين عامي 1899 و2018، تحول محور الأرض بنحو 34 قدمًا (10.4 متر) بسبب عوامل بيئية وعوامل من صنع الإنسان المختلفة.
إن ذوبان الجليد يمكن أن يسهم في حركة محور الأرض، إلا أن هناك عوامل أخرى، مثل حركة وشاح الأرض، تلعب دورا أيضا. ومع ذلك، ليس من الضروري أن يذوب كل الجليد الموجود في القارة القطبية الجنوبية حتى تحدث عواقب وخيمة.
3- طول اليوم
يشير الباحثون إلى أن هذا الذوبان سيؤثر على طول اليوم، ولقد شهد دوران الأرض، كما تم قياسه بواسطة الأقمار الصناعية والطرق الفلكية، تغيرات متواضعة ولكنها ملحوظة بسبب ذوبان الأنهار الجليدية وتدفق المياه الذائبة إلى المحيطات.
إن عملية ذوبان الجليد هذه مستمرة منذ عقود بشكل جدي، وقد زاد طول اليوم بالفعل بمقدار جزء من الألف من الثانية.
4- اختفاء الكثير من المدن الكبرى في العالم
وفقا لـ National Geographic، فإن المدن الساحلية مثل نيويورك ونيو أورليانز وبوينس آيرس والقاهرة ولندن والبندقية وشانغهاي وبنغلاديش سوف تغمرها المياه بالكامل، كما ستتأثر مساحات كبيرة أخرى من الأراضي بشدة.
وستكون هذه كارثة كبيرة على الناس والنظم البيئية التي تعتمد على هذه المناطق.
5- تأثر الحياة الحيوانية
تعتبر القارة القطبية الجنوبية موطنا لأنواع من الحيوانات المختلفة، حيث توجد الطيور البحرية وطيور البطريق والفقمات والحيتان والحيوانات البحرية الأخرى طوال العام في تلك المنطقة. ومع ذلك، فإن تغير المناخ يشكل تهديدا كبيرا للعديد من هذه الأنواع.
فعلى سبيل المثال، انخفض عدد طيور البطريق الإمبراطور وأديلي بالفعل بسبب ذوبان الجليد، ومن المتوقع أن ينخفض ​​عددها بشكل أكبر إذا ساءت الأمور.
6- تفاقم مشاكل المياه العذبة في العالم
أحد أكبر المخاوف بالنسبة لسكان العالم هو فقدان إمكانية الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، ومع ارتفاع مستوى سطح البحر، يمكن للمياه المالحة أن تتسرب إلى احتياطيات المياه الجوفية في الداخل. وهذا الانتشار سيؤدي بسرعة إلى تلويث مصادر مياه الشرب.
ومع استمرار ارتفاع مستويات سطح البحر، سيكافح المزيد من الناس من أجل الحصول على مياه الشرب النظيفة والآمنة.
7- إطلاق الميكروبات المجمدة منذ فترة طويلة إلى العالم
لن يؤدي ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية إلى إضافة كمية كبيرة من الماء إلى الكوكب فحسب، كما أنها ستكشف عن الكائنات الحية التي تم تجميدها تحت الجليد لملايين السنين. في عام 2011، درس الباحثون التشيليون الميكروبات التي تعيش في جليد القطب الجنوبي وتعلموا بعض الأشياء المدهشة، فوجدوا أن هذه الميكروبات كانت قادرة على تحمل درجات الحرارة شديدة البرودة.
وتمكنت الميكروبات من البقاء على قيد الحياة في بيئات ذات تركيزات عالية من الملح، وحموضة وقلوية شديدة، ودرجات حرارة تصل إلى 200 درجة فهرنهايت (93.3 درجة مئوية). وقد وجد أن أحد هذه الميكروبات يتحمل الإشعاع بقوة 5000 مرة أكثر من أي كائن حي آخر على وجه الأرض. كل هذا على الرغم من العثور عليه على عمق 50 قدمًا (15 مترًا) تحت سطح الجليد، مما يشير إلى أن هذه الكائنات قوية جدًا وربما مميتة.
8- القارة القطبية تصبح خضراء
عادة ما يتم تصوير القارة القطبية الجنوبية على أنها صحراء جليدية مسطحة، لكن في الآونة الأخيرة، لم يكن الأمر كذلك. فقد كشف علماء الأنهار الجليدية مؤخرًا عن وجود ميزات مختلفة تحت الجليد باستخدام تقنية رسم الخرائط المتقدمة. وتشمل هذه الميزات أكثر من 400 بحيرة، بما في ذلك أكبر بحيرة في العالم، بحيرة فوستوك. بالإضافة لشبكة عميقة من الأنهار والوديان التي تفوق جراند كانيون من حيث الحجم والتعقيد.
وفقا للنتائج الجديدة، فإن القارة القطبية الجنوبية القاحلة التي كان يعتقد سابقا هي في الواقع خضراء جزئيا على الأقل.
9- تيارات المحيط تغير مسارها
الدورة الحرارية الملحية هي نظام عالمي لتيارات أعماق المحيطات، وهو موجود من خلال الاختلافات في درجات الحرارة وملوحة المياه. وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، فإن الرياح هي التي تحرك تيارات المحيط السطحية، لكن القطبين ووجود الجليد يلعبان دوراً رئيسياً في خلق تيارات المياه العميقة.
تلعب القارة القطبية الجنوبية على وجه التحديد دورا حيويا في تنظيم درجة الحرارة والملوحة في المحيطات الجنوبية. وذوبان الجليد البحري من شأنه أن يغير تلك المحيطات جذريا إلى الأبد. إذا اختفت الطبقة الجليدية في القطب الجنوبي، فقد يكون لذلك عواقب سلبية. ونظرًا لأن القارة القطبية الجنوبية تلعب دورًا رئيسيًا في التحكم في تداول الملح عبر المنطقة، فقد تكيفت الأنواع الحيوانية في نصف الكرة الجنوبي مع هذا النظام البيئي.
10- عصر جليدي جديد
قد يؤدي ذوبان الجليد إلى إحداث تغييرات قد تؤدي في النهاية إلى عصر جليدي آخر. حدث ذلك منذ ملايين السنين عندما انفصلت الجبال الجليدية عن الغطاء الجليدي في القطب الجنوبي وانجرفت إلى المحيطات المجاورة قبل ذوبانها.
وأدى تدفق المياه العذبة من الجبال الجليدية الذائبة إلى تعطيل التوازن العالمي للملح والمياه العذبة. وأدى ذلك إلى تأثير الدومينو للتغيرات البيئية.
يمتص المحيط ثاني أكسيد الكربون، مما يساعد على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وهو بدوره يقلل من ظاهرة الاحتباس الحراري. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي هذه العملية أيضًا إلى التبريد. درس الباحثون نواة الرواسب من قاع المحيط على بعد 500 ميل (804.7 كيلومتر) قبالة ساحل الجنوب الأفريقي. وشمل هذا اللب سجلاً لآخر 1.6 مليون سنة.
وكشف تحليلهم أنه خلال كل عصر جليدي، كانت هناك علامات على ذوبان الجليد في القطب الجنوبي مما أسهم بشكل كبير في التبريد.
مناقشة