هل ضغطت الولايات المتحدة لإلغاء قانون تجريم التطبيع في تونس؟

اعتبرت أوساط تونسية أن تأخر البرلمان في المصادقة على مشروع قانون يتعلق بتجريم التطبيع مع إسرائيل، رغم تصنيفه في خانة "الأولويات"، يرجع إلى وجود ضغوطات أمريكية لسحبه من قبة باردو.
Sputnik
وفي منشور للنائب ومقرر لجنة الحقوق والحريات، محمد علي، عبر حسابه بمواقع التواصل،الاثنين، أشار إلى أن رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة تحدث في أكثر من مناسبة عن "تعرضه لضغوطات أمريكية سلطت عليه في علاقة بمشروع القانون من خلال رسالة رسمية من السفارة الأمريكية بتونس عن طريق وزارة الخارجية التونسية تلوح من خلالها بعقوبات اقتصادية وعسكرية أمريكية في صورة إقرار القانون".
وقال النائب إن رئيس البرلمان استعمل هذه الواقعة لتبرير موقفه الرافض لعرض مشروع القانون للنقاش في الجلسة العامة.
بدورها أشارت نائب رئيس البرلمان سيرين مرابط في تصريح لـ"سبوتنيك" إلى وجود ضغوط أجنبية مورست على رئيس البرلمان لسحب هذا المشروع، مؤكدة أن رئيس البرلمان رفض الطلبات الأربعة التي تقدم بها السفير الأمريكي جوي هود لمقابلته، وذلك بسبب مواقف بلاده من الهجمات على غزة.
ويذكر أن رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة قد أعلن، الخميس الفائت، تأجيل الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على هذا المشروع، استنادا إلى اقتراح من رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي اعتبر أن له "آثارا سلبية على أمن تونس الخارجي ومصالحها"، بحسب بودربالة، وهو ما أثار موجة جدل عارمة قادت الرئيس إلى التوجه بخطاب إلى التونسيين نفى فيه تدخله في عمل البرلمان ودعا إلى سحب كلمة تجريم التطبيع مقابل إدراج "جريمة خيانة الشعب الفلسطيني" في القانون التونسي وتصنيفها "خيانة عظمى".
الرئيس التونسي: مصطلح التطبيع مع إسرائيل غير موجود لدي على الإطلاق

تهديد أمريكي لتونس

وفي تصريح خص به "سبوتنيك"، أكد مقرر لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان محمد علي، وجود ضغوطات جدية مورست على رئيس البرلمان وحتى على رئيس الجمهورية لسحب مشروع قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل.
وأضاف: "بلغنا في مكتب البرلمان وفي لجنة الحقوق والحريات أن الولايات المتحدة الأمريكية ضغطت من خلال وزارة خارجيتها على تونس لسحب هذا المشروع".
وأكد أن الخارجية الأمريكية وجهت رسالة إلى الخارجية التونسية تضمنت تهديدا لتونس بتسليط عقوبات اقتصادية وعسكرية عليها في صورة التنصيص على هذا القانون.
وقال مقرر اللجنة: "لقد أبلغ رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة مكتب المجلس بفحوى هذه الرسالة في إطار رغبته في تأجيل الجلسة العامة المخصصة للنظر في هذا المشروع، وهو ما يوحي أن رئيس البرلمان حاول إيجاد مبرر لتأجيل الجلسة تحت هذا الضغط".
وشدد علي على أن البرلمان التونسي ونوابه يرفضون الخضوع لأي ضغط أجنبي، لأنهم يعتبرون أن تجريم التطبيع هي مسألة أخلاقية ومبدئية قبل كل شيء ولا تخضع لأي حسابات سياسية أو انتخابية، وهي أقل ما يمكن للبرلمان تقديمه للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية تحت غطاء أمريكي.
تونس... لجنة برلمانية توافق على مشروع قانون يجرم التطبيع

الغرب يحمي مصالحه

من جانبه، أكد القيادي في حزب البعث صهيب المزريقي لـ "سبوتنيك"، أن تونس تتعرض لضغوطات كبيرة خاصة من الدول التي أوجدت إسرائيل في الوطن العربي، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
وتابع: "من الطبيعي أن تسعى هذه الدول إلى حماية إسرائيل وأن تضمن له الاستمرارية، خاصة وهي التي تستخدمه كآلة حربية وسياسية لضمان مصالحها في الشرق الأوسط، والدليل على ذلك هو أن جل الدول الغربية اصطفت وراء إسرائيل وقدمت لها الدعم المالي والعسكري وحتى الحضوري".
وقال المزريقي إن هذه الأسباب تدفع بالولايات المتحدة إلى الضغط على تونس رئيسا وبرلمانا من أجل سحب هذا المشروع والحد من المواقف التونسية الداعمة للشعب الفلسطيني.
ولفت الأمين العام لحزب "مسار 25 يوليو" محمود بن مبروك إلى أن "جهات أجنبية ورجل أعمال محسوب على قطر سعت إلى وضع رئيس الجمهورية قيس سعيد بين المطرقة والسندان وإظهاره في صورة الرئيس الذي يقول ما لا يفعل".
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن هذه المساعي فشلت بعد الخطاب الذي أعلن خلاله رئيس الجمهورية تمسكه بالوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني ورفضه "الخضوع لأي ابتزاز أجنبي أو داخلي".
وأوضح بن مبروك أن هذه الجهات محسوبة على الجانب الغربي، وهي "تسعى إلى خلق أزمة سياسية في تونس إما من خلال إسقاط هذا القانون برمته أو تمريره بالنسخة التي تتعارض مع رؤية رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية".
رغم اعتراض الرئيس... نواب تونسيون يؤكدون تمسكهم بمشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل

أي مآل لقانون تجريم التطبيع

وحول مآل مشروع قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل، أكد رئيس الكتلة الوطنية المستقلة عماد أولاد جبريل، في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن الجلسة العامة المخصصة للنظر في هذا المشروع ما زالت مفتوحة منذ تاريخ 02 تشرين الثاني/ نوفمبر ولم يتم تعليقها.
وأشار إلى أن الجلسة لم تستأنف إلى اليوم، وهو ما يمنع عقد أي جلسة عامة أخرى بحسب النظام الداخلي للبرلمان.
وأضاف: "أمام البرلمان خياران، إما استكمال التصويت على مشروع القانون سواء بالرفض أو بالإيجاب، أو التصويت على إرجاع المشروع إلى لجنة الحقوق والحريات لتعديله"، مؤكدا أن "الجلسة العامة هي الهيكل الوحيد المخول له اتخاذ إحدى القرارين".
وأوضح أولاد جبريل أن هناك اتفاقا بين النواب على إعادة مشروع القانون إلى لجنة الحقوق والحريات قصد تعديله بما يتماشى مع توضيحات رئيس الجمهورية وبشكل يتم فيه تجاوز الاشكاليات القانونية.
وأضاف: "لقد طلب الرئيس الاستئناس بالفصل 60 من المجلة الجزائية الذي يعرف مفهوم الخيانة ويدقق عقوباتها، وهناك جانب كبير من النواب يتفقون على التخلي عن كلمة التطبيع لأن تونس لا تربطها أساسا علاقات بإسرائيل ولأن التطبيع يكون بين دولتين، في حين أن تونس لا تعترف بإسرائيل كدولة لأنها فاقد للشرعية".
ولفت النائب إلى أنه سيتم إعادة مشروع القانون إلى الجلسة العامة قصد التصويت عليه بعد إجراء التعديلات السالف ذكرها، مشددا على أنه لا توجد أي نية لسحبه من البرلمان والعدول عنه.
مناقشة