"المنطقة الحرة" بين الجزائر وموريتانيا... أهداف ثنائية وإقليمية... ما علاقتها بالمغرب؟

قال خبيران اقتصاديان إن إنشاء منطقة تجارة حرة للتبادل التجاري بين الجزائر وموريتانيا، يهدف لتعزيز مستوى التبادل مع العديد من الدول، ولا يقتصر على البلدين.
Sputnik
وأعلنت الجزائر وموريتانيا إقامة منطقة حرة للتبادل التجاري بينهما مع بداية العام الجديد 2024 بهدف دفع التعاون الاقتصادي، الذي لم يصل إلى المستوى المأمول، وفق الخبراء.
وتعمل الجزائر مع موريتانيا ضمن ما يعرف بـ "تجارة المقايضة"، كما هو الحال بالنسبة لمالي والنيجر.
يُذكر أن الجزائر افتتحت سابقا، في عام 2018، أول معبر حدودي مع موريتانيا، كما شرعت في إنشاء الطريق البري الذي يبلغ طوله 775 كيلومترا ويربط بين ولاية تندوف الجزائرية ومدينة الزويرات الموريتانية، كما أعلن وزير الداخلية الجزائري في وقت سابق عن قرب افتتاح معبرين حدوديين في عام 2024، اكتملت أعمال البناء فيهما بنسبة تتجاوز 90%، من شأنهما زيادة حجم التبادل بين البلدين.
بعد سنوات الجمود… هل تستفيد موريتانيا من التوترات بين المغرب والجزائر
وتعتبر الجزائر أن موريتانيا هي بوابة عبور نحو العديد من الدول الأفريقية، التي تطمح الجزائر للوصول إلى العديد منها مؤخرا.
من ناحيته، يقول الخبير الاقتصادي الجزائري، أحمد الحيدوسي، إن البلدين يعولان على رفع مستوى التبادل التجاري، وهو ما تهدف له المنطقة الحرة بينهما.
ويضيف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن مستوى العلاقات السياسية لم ينعكس بشكل كبير على العلاقات الاقتصادية، الأمر الذي يمثل أولوية بعد فتح المعبر الحدودي بين البلدين، إذ انتقل حجم التبادل من أقل 2 مليون دولار في وقت سابق إلى نحو 200 مليون دولار بعد فتح المعبر.
وأشار إلى أن حجم التبادل في تنامي وتصاعد مستمر، بالإضافة إلى دعم القدرات التبادلية بين البلدين، خاصة في المناطق الحدودية للبلدين.
توقيع مذكرة تفاهم بين الجزائر وموريتانيا في مجال الطاقة
وفق الخبير الاقتصادي، فإن المنطقة الحرة تعزز الترابط الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
وأشار إلى أن الطريق الذي تعمل على تهيئته الجزائر إلى موريتانيا بطول نحو 800 كيلو متر، لا يقتصر فقط على السوق الموريتانية، بل يهدف إلى الانفتاح على غرب أفريقيا.
وأوضح أن المنتجات التي يمكن تبادلها تتمثل في الأدوات الكهربائية والمنزلية، والتي تصدر إلى السوق السنغالية وبعض الدول الأخرى، بالإضافة إلى مواد البناء، الأسمنت والحديد، والخزف ومواد أخرى، بالإضافة للمواد الغذائية.

معوقات تطوير التبادل

فيما يقول الخبير الموريتاني، محمد فاضل، إن المنطقة الحرة بين البلدين، تحمل أهمية كبيرة، لكن التحديات والمعوقات كبيرة أيضا بالمقابل.
ويوضح في حديثه مع "سبوتنيك"، أن التبادل التجاري يتطلب انسيابية سهلة وسريعة فيما يتعلق بحركة النقود، الأمر الذي يحتاج لمعالجة جادة من أجل تطوير هذا التبادل.
الجزائر وموريتانيا توقعان عدة اتفاقيات تعاون في مجال المحروقات والغاز
ويرى أن هناك حاجة لإرادة جادة تسمح بتعزيز الثقة على مستوى الشركات والحكومات، في الوقت الراهن، وذلك في إطار رفع معدل التبادل بين البلدين.
وفق الخبير الموريتاني، فإن موريتانيا تحتاج بشكل أكبر لدعم قطاع التصنيع المحلي، في الوقت الذي تحتاج فيه الجزائر إلى الانفتاح، وهي نقاط تلاقي يمكن أن تعزز التعاون مستقبلا بين البلدين.

هل تتراجع الحصة المغربية

وتعد المغرب من أهم المصدرين للسوق الموريتانية، لكنها أوقفت تصدير بعض أنواع الخضروات لموريتانيا لتأمين حاجيات السوق الوطنية، تفاعلا مع موجة الغلاء.
في المقابل، سعت الجزائر للدخول للسوق الموريتاني بشكل أكبر خلال الفترة الأخيرة، وهو ما أوضحه قول محمد الزمراني، رئيس الجمعية المغربية لمصدري مختلف المنتجات إلى أفريقيا والخارج، بأن "إيقاف المغرب تصدير بعض المنتجات الفلاحية نحو موريتانيا فتح المجال أمام دخول منافسين كثر إلى هذه السوق المهمة، لاسيما الجزائر وجنوب إفريقيا ومصر"، محذرا من "السيناريوهات السلبية التي يمكن أن تحدث جراء ذلك، بما أن موريتانيا ستظل مواصلة رحلة البحث عن حلول لضمان الأمن الغذائي لمواطنيها"، وفق "هسبريس".
وسجل التبادل التجاري بين الرباط ونواكشوط حسب تقرير أخير صادر عن قسم الشؤون الاقتصادية بالسفارة المغربية لدى موريتانيا ، ارتفاعا بنسبة 58% وناهزت المبادلات 300 مليون دولار.
أنبوب غاز جديد بين موريتانيا والجزائر… ما أهدافه الاقتصادية والسياسية؟
وفق التقرير فإن "80% من بنية الصادرات المغربية نحو موريتانيا تتكون من ثلاث فئات، هي المواد الغذائية والزراعية، والمواد المصنعة وآلات ومعدات النقل، كما تمثل صادرات الخضر والفواكه نحو 20% من حجم تلك الصادرات".
فيما يقول الخبير الجزائري، الدكتور أحمد طرطار، في حديث مع "سبوتنيك"، إن العديد من المنتجات الموريتانية يمكن إدخالها إلى الجزائر، خاصة في ظل انخراط الأخيرة في منظمة الوحدة الأفريقية، والتي تهدف لتبادل أكبر بين دول المنطقة، وهو المسعى الذي تتحرك باتجاهه الجزائر.
ويشير إلى أن مثل هذه المناطق تزيد من حركة التجارة بين الدول الأفريقية، كما جرى مع ليبيا من فتح المعبر، في ظل مسعى لتعزيز التبادل مع مالي والنيجر أيضا، عبر عمليات المقايضة.
وأشار إلى أن تأهيل ميناء الحمدانية في منطقة شرشال بولاية تيبازة غرب الجزائر، لاستقطاب السفن الأفريقية في سياق التبادل مع الموانىء الأخرى، يدفع نحو تعزيز التعاون ورفع مستوى التعاون بين الجزائر والعديد من الدول.
وفي سبتمبر/ أيلول 2023، افتتحت الحكومة الجزائرية فرعا لبنك الاتحاد الجزائري في العاصمة الموريتانية نواكشوط بوصفه أول بنك تفتحه الجزائر في الخارج، مع تبادل للزيارات بين البلدين خلال الفترة الأخيرة عزز مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية.
مناقشة