خبيرة اقتصادية توضح لـ"سبوتنيك" تداعيات قرارات البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه

أكدت حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية المصرية، أن الإجراءات التي أعلنها البنك المركزي المصري اليوم كانت صادمة جدا، حيث تم التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه، علاوة على رفع سعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، ما قد يكون له آثار سلبية خطيرة إن لم يتم إدارة تلك الإجراءات باحترافية.
Sputnik
وقالت في حديثها لـ"سبوتنيك"، اليوم الأربعاء، إن التعويم الكامل للعملة الوطنية لأي بلد عادة ما يكون للاقتصاديات القوية المصدرة وليس للاقتصاديات المستوردة التي تعتمد على أدوات الدين في التمويل، لأن خضوع العملة هنا للعرض والطلب في ظل عدم توافر القدر الكافي من العملات الأجنبية وبالتحديد الدولار من مصادر إيرادية ستكون تبعاته التي لا تحمد عقباها، نظرا لأن هناك فجوة تمويلية عالية جدا والاستيراد أكثر من التصدير.
وتابعت رمسيس، في اعتقادي أن السوق السوداء ستنشط جدا تحسبا لارتفاعات تاريخية غير مسبوقة في سعر صرف العملة مع الاتجاه إلى الاكتناز، لأن الأمر يضع المواطن في حيرة، هل يذهب لاستبدال ما لديه من عملات في البنوك الرسمية وهل لو فعل ذلك يستطيع أيضا شراء العملات من البنك إذا احتاج إليها، لأن التعويم يعني العرض والطلب، وأعتقد أننا غير مؤهلين لتلك المرونة، لأنك إذا كنت تعتمد على صفقة رأس الحكمة فالمتبقي منها بعد الوديعة الدولارية التي تم خفضها 24 مليار دولار.
البنك المركزي المصري يرفع الفائدة 6 % ويقرر تحديد سعر صرف الجنيه وفقا لآليات السوق
وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى أن الدولة يمكن أن تلجأ إلى طريقة خفض سعر الصرف بالقوة رغم إعلانها عن التعويم الكامل اليوم وترك السوق للعرض والطلب، ففي حالة استمرار انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار ووصوله إلى مراحل الخطر، هنا يمكن أن تتدخل الدولة لخفض سعر الصرف بالقوة وهو ما يطلق عليه مصطلح (حرق العملة)، وهى طريقة لا تمثل مرونة حقيقية للعرض والطلب على الدولار.
وأوضحت رمسيس، أن القرارين اللذين اتخذهما البنك المركزي بالتعويم الكامل للجنيه أمام الدولار الأمريكي، وفي نفس الوقت رفع سعر الفائدة بمعدل 600 نقطة أساس (6 بالمئة) متضادين، ولهما تأثير متضارب على الاستثمار والبورصة والحياة الاقتصادية بوجه عام، حيث أن رفع الفائدة بهذا القدر دفعة واحدة مضر بالبورصة، لأن سيولة البورصة تنخفض برفع سعر الفائدة، لأن الأفراد والمتعاملين المتخوفين من مخاطر التذبذب سوف يفضلون الادخار البنكي، لأنه منعدم المخاطر المتعلقة بتذبذب أسعار الأسهم في البورصة، مما يؤدي إلى تقلص السيولة المتداولة، وبذلك يزيد العرض عن الطلب فتنخفض أسعار الأسهم، لكن رفع الفائدة مفيد للقطاع العائلي المدخر.
وتكمل: كما أن رفع سعر الفائدة على استفادة القطاع العائلي المدخر منه، مفيد أيضا للدولة لأنه يوفر المتحصلات اللازمة لتمويل خطط التنمية باعتبار الدولة المستفيد الأكبر لأنها مقترضه من النظام المصرفي، أما التعويم فهو مضر جدا للجنيه المصري لأنه يخفض من قيمته لصالح العملات، لكنه مفيد للبورصة، لأنه يزيد من القوة الشرائيه للعرب والأجانب بسبب ارتفاع سعر صرف عملاتهم أمام الجنيه المصري مما يزيد من قوتهم الشرائية، كما أنه يعيد تقيم أصول الشركات المساهمة طبقا لسعرها السوقي مقوم بالدولار ويفيد الشركات المصدرة والتي لديها مخزون دولاري.
رئيس بنك مصر لـ"سبوتنيك": قرارات المركزي المصري تقضي على السوق الموازية وتكبح التضخم
ولفتت رمسيس، إلى أن التعويم مضر للشركات المستوردة، لأنه يرفع من تكلفه التشغيل، كما أنه يرفع من تكلفة التمويل إذا كانت الشركات تعتمد على الاقتراض من النظام المصرفي للتمويل، ولكن قد يكون هذا التعويم مٌدرا لاستثمارات أجنبيه جديدة، وإن لم يتم استخدام تلك المتحصلات بشكل جيد، فإن ذلك سيفاقم الوضع وتعود السوق السوداء بقوة وتعود السوق السوداء إلى مستويات غير مسبوقه وهو ما أخشاه، وهنا سيكون المضرور الأكبر هو المواطن المصري البسيط الذي لا يفكر سوى في أن يجد قوت اليوم دون تفكير في قوت الغد.
وكان البنك المركزي المصري قد أعلن، صباح اليوم، عن رفع أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 600 نقطة أساس، والسماح بتحديد سعر صرف الجنيه وفقا لآليات السوق، قائلًا في بيانه: "في إطار حرصه على تحقيق الدور المنوط به بحماية متطلبات التنمية المستدامة، يؤكد البنك المركزي التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط. وتحقيقاً لذلك، يلتزم البنك المركزي بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق".
وأضاف بيان "المركزي المصري" أن توحيد سعر الصرف إجراءً بالغ الأهمية، حيث يسهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي، كما وجّه بفتح حدود استخدامات بطاقات الائتمان بالعملات المحلية الأجنبية.
ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية" المصرية، عن مصدر رفيع المستوى، اليوم الأربعاء، أن الحكومة المصرية بصدد توقيع اتفاق تمويل جديد مع صندوق النقد الدولي خلال الساعات القليلة المقبلة، مضيفةً أن اتفاق التمويل الجديد بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي من شأنه تعزيز برنامج الإصلاح الاقتصادي وزيادة تدفق السيولة الأجنبية للسوق المحلي.
مناقشة