إلينا سوبونينا
حصل وأن شاركت شخصياً في تلك الرحلة، ولذلك فأنا أذكر جيداً، حينها لم يكن هناك مثل هذه التوقعات. نعم والمصريون استقبلوا بوتين بهدوء، وليس كما هو الحال الآن، حيث تبدو شعبية الرئيس الروسي في مصر عالية جداً.
الرئيس الروسي الأول بوريس يلتسين لم يكن في القاهرة أبداً، وهذا أمر غير طبيعي. وحتى في الزمن السوفييتي، قائد من المستوى العالي كان في مصر مرة واحدة فقط، عندما وصل في مايو/ أيار 1964، إلى القاهرة من ميناء يالطا السوفييتي في القرم، على سفينة النقل "أرمينيا" رئيس مجلس وزراء الاتحاد السوفييتي نيكيتا خروشوف.
الآن في التاسع من فبراير/ شباط الجاري، في وقت الزيارة الثانية للرئيس بوتين إلى مصر، وفي العديد من المحادثات، سيذكر حتماً افتتاح سد أسوان الاحتفالي الذي جرى حينها عام 1964، والذي بناه الخبراء السوفييتيون. وإن كان، في عام 2005، ذكروا ذلك انطلاقاً من الإحساس بالاحترام والتقدير بشكل رئيسي، فهذه المرة سيدور الحديث عن الضرورة الملحة لتطوير السد.
وكما يجري الحديث، اليوم، في غرفة التجارة والصناعة الروسية، "حان وقت رفع قدرة محطة أسوان الكهرومائية، وهذا بإمكان المهندسين الروس".
"في مصر هناك 94 مؤسسة ضخمة، بناها الخبراء السوفييت. 20 منها بالإمكان تطويرها" قال، اليوم، لكاتبة هذه السطور مستشار نائب رئيس المجلس الفيدرالي، نائب رئيس جمعية الدبلوماسيين الروس أندري باكلانوف. وحسب تعبيره "هناك نوايا من الجانبين للتطوير، بما في ذلك التعاون العسكري التقني، ولكن الزيارة الحالية للرئيس تعني العودة للعمل المشترك الواسع لروسيا ومصر في جميع المجالات".
"إنها صفحة جديدة في علاقاتنا" هذا ما يراه أندري باكلانوف. وحسب معطياته، سيتم بحث مسائل كالتعاون بين المؤسسات التعليمية، وتبادل الطلاب، وتنشيط عمل جمعية الصداقة. ومع ذلك فالموضوع الرئيسي سيكون السياسة.
يتجانس ذلك مع طرح مدير المركز العلمي "الحوار الروسي العربي" البروفيسور أناتولي يغورين. "مواقف روسيا ومصر في العديد من مسائل المنطقة تتوافق. فمثلاً حول سورية، والحرب ضد الإرهاب. علاوة على ذلك في القاهرة يوجد مقر جامعة الدول العربية. روسيا تريد تفاعلاً وثيقاً مع هذه المنظمة". قال هذا، أمس، للكاتبة. البروفيسور أشار إلى أن التفاهم الشخصي بين الرئيسين فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي "جيد جداً". "هذه زيارة في وقتها. الله نفسه قدر لنا أن نطور علاقاتنا، أخذا بعين الاعتبار وزن ودور مصر في منطقة الشرق الأوسط"، حسبما أكد أناتولي يغورين.
فلاديمير بوتين يصل إلى مصر في ذروة شعبيته الشخصية. هذه زيارته الثانية للقاهرة. وكلاهما سيدون في تاريخ التعاون بين روسيا والشرق الأوسط. في عام 2005، حصل ذلك ببساطة لغياب روسيا الطويل عن المنطقة، واعتبر وصول الرئيس الروسي كحدث هام.
الآن كل شيء مهم أكثر. فهذا استعراض لاستقلالية السياسة الخارجية لمصر وروسيا. وهذه إشارة للغرب، بأن روسيا لا تحافظ على شركائها في الشرق، بل وتجد معهم الكثير من القواسم المشتركة. وهي كذلك براغماتية، موجهة نحو التعاون الاقتصادي، على الرغم من الاضطرابات السياسية في السنوات الأخيرة في الشرق الاوسط، وفي دول الاتحاد السوفييتي السابق. وإننا إذ نفتح الصفحة الجديدة في العلاقات الروسية المصرية، علينا الفهم أن الكتاب لم يكتب بعد.