أعلنت الأمم المتحدة مؤخراً عن تعيين رؤساء لمجموعات العمل الأربع، التي تضمنها اقتراح المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة في إدراك كامل لدى كافة الأطراف باستحالة الحل العسكري للأزمة.
والبداية الجديدة لحل الأزمة تستند إلى بيان جنيف، ومشاركة المعارضة للنظام في وضع أسس هيئة حكم انتقالي وتحدد إجراءات الحوار الوطني وعملية صياغة الدستور وقضايا العدالة الانتقالية، وتشكيل مجموعات عمل معنية بالسلامة والحماية، والقضايا السياسية والقانونية، والشؤون العسكرية والأمنية ومكافحة الإرهاب، إلى جانب مجموعة مواصلة الخدمات العامة وإعادة الإعمار والتنمية.
تطالب موسكو بتوحيد الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، خاصة تنظيم ما يعرف بـ"الدولة الإسلامية"، من خلال تشكيل تحالف إقليمي دولي للقضاء على الإرهاب يشارك فيه النظام السوري ودول في المنطقة بينها السعودية وإيران، ويبدو أن جهود الدبلوماسية الروسية قد نجحت في تعزيز المساعي الدولية لإيجاد حل سياسي ينهي الصراع في ضوء التحولات، التي تطرأ على مواقف الدول الغربية، وإدراكها بضرورة الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأن القضاء على الجماعات الإرهابية طريق وحيد للتوصل إلى حل حقيقي للأزمة.
وفي هذا الإطار، فإن الدول الداعمة لعناصر "اللا دولة" والجماعات المتطرفة، مطالبة بوقف هذا الدعم والعمل بجدية للقضاء على هذه العناصر، وأن تدرك بأن السوريين وحدهم أصحاب القرار في تقرير مصير دولتهم، وأن محاولات التدخل الخارجي لتغيير النظام سيزيد الوضع تعقيداً.
ولكن، في خضم هذا التحول الغربي من الأزمة، يظل موقف حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، في ظل تصلب موقفهم والتمسك بآلياتهم القديمة ورؤيتهم المتعلقة بالخلاف مع النظام السوري، يمثل العقبة الرئيسية أمام البداية الجديدة، بينما تبقى واشنطن — إذا توفرت لديها الإرادة الحقيقية للحل السياسي وابتعدت عن المناورات السياسية — قادرة على إكساب الموقف السعودي المرونة اللازمة بما يتفق والتوجهات الجديدة للمجتمع الدولي لإنهاء معاناة الشعب السوري، على غرار ما حدث مع الموقف من الاتفاق النووي الإيراني.
أصبحت محاربة عناصر ما يعرف بـ"الدولة الإسلامية" أولوية لدى المجتمع الدولي، وباتت الدول الإقليمية مطالبة بالانخراط في الحوار السياسي والتخلي عن دعم العمليات العسكرية كسبيل وحيد لحل مشاكل المنطقة والتخلص من أزماتها، وألا تتورط في مزيد من نزيف دماء شعوب المنطقة، وتدرك أهمية التعاون المشترك في إدارة شؤون المجتمع الدولي، بعيداً عن فرض رؤية وحيدة في عالم متعدد الأقطاب يحقق المصالح المشتركة لكافة الأطراف إقليمياً ودولياً، في بداية جديدة تنطلق من الجمهورية العربية السورية.