واتسمت قرارات الرئيس بوتين، منذ توليه مهام منصبه رئيساً لروسيا الاتحادية في مارس/آذار من العام 2000، بالحزم والجرأة والشجاعة، ولم يكن متردداً في اتخاذ ما يحقق مصالح بلاده، في إطار من الشرعية الدولية واحترام سيادة الدول الأخرى، وانطلاقاً من مبدأ الشراكة مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية.
كما حملت هذه القرارات طابع المفاجئة والسرعة، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية، لتكشف حجم التراخي الغربي وتقاعس التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا والعراق، والذي لم يحقق أي نتائج ملموسة على الأرض بعد عام من بدء العمليات العسكرية.
وفي هذا الإطار، تقول أستاذ العلاقات السياسية بجامعة القاهرة الدكتورة نور الشيخ، في حديث لـ "سبوتنيك" السبت، أن قرار الرئيس بوتين المتعلق بالأزمة السورية، يعكس جرأة وشجاعة في اتخاذ القرار، وإن هذه هي سمات القيادة الفعالة والحقيقية، في الوقت الذي يفتقد فيه كثير من القادة إلى جرأة إتخاذ القرار.
وأشارت إلى أن بوتين يملك القدرة على اتخاذ القرار الصائب في التوقيت المناسب، مضيفة، "عهدنا من الرئيس بوتين، خلال الأزمات الدولية والإقليمية، إتخاذ القرار الحاسم والواضح والجريء وإن هذه القرارات دائماً ما تكلل بالنجاح"، مشيرةً إلى الدعم الذي تقدمه روسيا إلى أوسيتيا الجنوبية، والموقف من الأزمة الأوكرانية، وقرار استعادة سيادة روسيا على شبه جزيرة القرم.
وأوضحت أن استمرارية وثبات السياسة الخارجية الروسية، التي لا تشهد معايير مزدوجة، أو تقلبات في المواقف، على عكس تلك التي نراها في السياسة الأمريكية، مؤكدة أن هذا دليل رؤية واضحة لدى الرئيس بوتين لأولويات سياسته، وما يجب علي روسيا القيام به في حفظ الأمن والسلم، دولياً وإقليمياً، والسعي بقدر الإمكان لتحقيق هذه الرؤية.
وأضافت استاذ العلوم السياسية، "إن شخصية الرئيس بوتين كانت واضحة منذ توليه مهام منصبه عام 2000، وعكست سياسته رؤية سليمة للمصالح الروسية داخلياً وخارجياً، في ظل ما يملكه من حس سياسي يساهم في نجاح سياسته، ورؤيته والسير في الإتجاه الذي يحقق مصالح البلاد".
وأكدت الدكتورة نور الشيخ، أن روسيا، في عهد بوتين، "تغيرت بشكل كبير"، معتبرةً أنه لم تأت إلى موسكو قيادة روسية بهذا الوعي وهذه الحكمة، منذ القيصر بطرس الأكبر، مؤسس روسيا الحديثة، وإنه "في التاريخ الروسي أسماء قليلة جداً تعلق بالأذهان"، وأن الرئيس بوتين من هذه الأسماء، حيث شهدت في عهده تحولاً كبيراً في طريق استعادة مكانتها بما يخدم الشعب الروسي وعلى أساس من الشراكة مع أطراف المجتمع الدولي.
ولفتت إلى أن لدى بوتين منظور متكامل لنظرية الأمن العالمي، بإعتبار أن الأمن الشامل للمجتمع الدولي، كلٌ لا يتجزأ، بمعنى أنه لا يمكن تحقيق الأمن الإقليمي والدولي في حال استمرار الوضع الراهن في سوريا والعراق، واحترام لحقوق الإنسان وسيادة الدول، على عكس الدول الغربية التي تتغنى بحقوق الإنسان، بينما سلوكها في الواقع مختلف، ولعل الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية تؤكد ذلك.
