دمشق — سبوتنيك — نور ملحم
ابن الشهيد طارق الأسعد وصف لـ" سبوتنيك " أباه: خالد الأسعد رمز من رموز مملكة تدمر سعى دائما خلال مسيرته المهنية إلى إثبات أن تدمر حضارة عربية وسورية خالصة بامتياز، وليس للرومان أي يد في وجود تدمر بل على العكس سعى الرومان لطمس حضارة تدمر وتغييب معالمها.
رجل نادر…
وتابع، "كان والدي في جميع مجالسه يؤكد على أن تدمر جزء لا يتجزأ من حياته ومن خلال مشاركته مع عدد كبير من البعثات التي كانت تقصد المدينة للتنقيب عندما كان يجد قطعة متناهية الصغر يوجد عليها رسوم أو نقش يمضي معظم وقته لتحليل هذه القطعة ولفك شيفرتها".
وأكمل، "يعد أبو الوليد من الأشخاص النادرين جدا والذي أتقن تكلم اللغة التدمرية القديمة، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية، الإسبانية، الروسية، الألمانية والإيطالية، حيث لم يحتج أبو الوليد في زيارات البعثات الدولية أو السياحية لأي مترجم يرافقه في الشرح عن المدينة".
روى ابن الشهيد، ما حصل مع أبيه بعد دخول عناصر "داعش"، حيث قال: "عند دخول مسلحي تنظيم "داعش" لمدينة تدمر خرج معظم أهالي المدينة خوفا على حياتهم من ممارسات عناصر التنظيم وطلبوا من والدي عدة مرات الخروج من المدينة ولكنه رفض رفضا تاما، وقال لي: لا يوجد أي سبب يدفعني للخروج من المدينة، ولمن سأتركها؟"
وتابع، "توجه الشهيد الأسعد إلى منطقة الطيبة المجاورة لمدينة تدمر نتيجة اشتداد الاشتباكات بين عناصر الجيش العربي السوري ومسلحي "داعش" في محيط المدينة وبقي عند أحد أقاربه ليتفاجأ بقدوم عناصر التنظيم واعتقاله دون وجود أي تهمة محقة".
وأضاف، تم اعتقاله من قبل عناصر تنظيم " داعش" إلى أحد مقراتهم في مدينة تدمر، وأخضعوه للتحقيق طالبين منه أن يدلهم أين هي الكنوز والمجوهرات والقطع الأثرية الموجودة في المدينة، حيث ساوموه على حياته مقابل أن يدلهم".
سننفذ الوصية…
وختم ابن عالم الآثار الشهيد بالقول: "عناصر داعش لا يعرفون أن المدينة لا تحوي أية أموال أو ذهب أو كنوز… كنوزها موجودة من خلال أعمدتها ومعابدها ومدافنها، بقي الشهيد الأسعد معتقلاً قرابة الشهر، مارسوا معه أبشع أساليب التعذيب والإهانة بحق رجل يبلغ من العمر 82 عاما، وطلبوا منه مبايعة التنظيم وأغروه بالمال وحاولوا معه بعدة طرق، ولكنه بقي على موقفه ورفض أن يعطيهم أية معلومات من شأنها أن تمس بحضارة مملكة تدمر، لذلك قاموا بفصل رأسه عن جسده الذي صلبوه ونكلوا به بعد أن ألفقوا إليه العديد من التهم أولها عدم التوبة والتعامل مع الأصنام، ونحن أبناؤه قررنا أن نعود ونقوم بدفنه كما أراد بمدفن تدمري…حيث علمنا أن أحد الأصدقاء قام بدفن الرأس بجهة… والجسد بجهة أخرى…
زنوبيا تتحدث…
من جهة ثانية تتحدث زنوبيا الأسعد ابنة الشهيد البار لـ "سبوتنيك": أبي أحب تدمر كثيراً حتى أنه أسماني زنوبيا على اسم ملكة تدمر، ودرسنا التاريخ أنا والعديد من أخوتي، من شدة التأثر بتاريخ تدمر…
تكمل زنوبيا، كان والدي يجلس كل يوم عند شروق الشمس في شرفة المنزل المطلة على القلعة والمدينة الأثرية، فهي كانت مصدر قوته وسعادته التي لا تضاهي مال العالم… كما أن زيارته كانت متواصلة للمدينة الأثرية حتى لو في مساء…
،تضيف ابنة الشهيد قائلة: رفض والدي الخروج لإيمانه الكبير بأن تدمر لن تهزم أبداً، رغم أن "داعش" حاول بجميع وسائل الضغط عليه التي تمارسها من أجل أن يضع يده بيدهم ولكن بقي على موقفه ورفض أفكارهم وأعمالهم، لذلك اقتادوه إلى مكان مجهول، لم يكن لدينا أية أخبار عنه إلى أن اقتاده التنظيم إلى الساحة العامة من أجل إعدامه.
الكنز الحقيقي..
وتشير زنوبيا إلى أن الكنز الحقيقي هو ما كان يملكه والدي وهي مكتبة ضخمة في بيته وتتضمن أكثر من 40 كتابا ألّفه وترجمه إلى أكثر من 4 لغات، تتحدث عن تاريخ حضارة مملكة تدمر وعن المكتشفات الأثرية التي وجدت فيها موثقة بالصور والأرقام والتواريخ، بالإضافة إلى أكثر من 1000 كتاب تاريخي".