ظاهرة تستحق التوقف عندها، ليس من زاوية ما قد يشكله ترامب من خطر في حال فوزه بكرسي الرئاسة، ولا من زاوية تهافت الخطاب السياسي والإعلامي لترامب، بل في اتجاهات الرأي العام لجمهور الحزب "الجمهوري" الأميركي، حيث بدا واضحاً من نتائج الانتخابات التمهيدية أن مزاج الجمهور المؤيد للحزب "الجمهوري" يميل أكثر فأكثر نحو التطرف يمنياً، فالمرشحون الذين يعتبرون ليبراليين نوعاً ما، بالمقاييس الأميركية، خرجوا من السباق التمهيدي باكراً، وانحصرت المعركة في الجولات الأخيرة بين ثلاثة مرشحين يتنافسون على مخاطبة الجمهور اليميني المتطرف، ربما أقلهم تطرفاً دونالد ترامب.
برامج متطرفة وجدت بيئة مواتية لها بين أنصار الحزب "الجمهوري"، لكنها في الوقت عينه أثارت حالة من الرعب لدى قيادة الحزب، ولدى الأوساط السياسية الأميركية عموماً، التي ترى أن برنامج ترامب لا يقل يمنية وسوءاً عن برنامجي كروز وروبيرو، ودائرة المخاوف اتسعت لتشمل دول الاتحاد الأوروبي، وعكس ذلك رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، في تصريح قال فيه:
لا أوروبا ولا الولايات المتحدة مستعدتان لرئيس مثله، لا يملك في نظري أي خبرة دولية.. ترامب ينتمي إلى فئة من الناس نعرفهم هنا في أوروبا أيضاً، يجدون كبش محرقة لكل أمرٍ لكن لا يجدون إطلاقاً حلاً عملياً.. إن قوة الوسائل السياسية أو العسكرية التي ستكون بين يديه ستؤمن له خيارات حقيقية لقرارات بالغة الخطورة.
سيكون هناك مرشح جمهوري مستقل ذو رصيد مميز، ومعه فريق قوي ويتمتع بفرص حقيقية للفوز بالرئاسة ضد كلينتون وترامب.
قائمة كبيرة من الشخصيات مرشحة للعب هذا الدور، من بينها المرشح السابق ميت رومني، والسناتور نورم كوتون، والسناتور ديان فاينستاين، والجنرالات جايمس ماتيس ومايك مولن وديفيد بترايوس..الخ. وباعتراف ترامب هذا يعني حظوظاً أكبر للمرشح عن الحزب "الديمقراطي" بالفوز، ولا يغيب ذلك عن إدراك من يدفعون لدخول مرشح ثالث إلى حلبة السباق بصفة مستقل، فالمهم بالنسبة لهم إنهاء مغامرة ترامب، وهم قادرون عليها.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)