بداية ضيفي الكريم لكل زيارة من هذا النوع رسائل معلنة ورسائل غير معلنة، نبدأ بالرسائل المعلنة وهي تحريك عملية السلام المتعثرة منذ حوالي عشرين عاما، هل تستطيع مصر بالفعل أن تضع حدا لهذه الأزمة، وما هي الأدوات التي تمتلكها مصر في هذا الإطار في هذا التوقيت تحديدا؟
مصر لا يزال لديها أوراق في ما يخص القضية الفلسطينية، لكن التوجه المصري في تلك الآونة يتوافق مع الهوى الإسرائيلي الراغب في إعادة التفاوض الثنائي مع الفلسطينيين من أجل الانفراد بهم واستمراء سياسة كسب الوقت التي ألفتها إسرائيل طيلة السنوات الفائتة وترتب عليها أن الفلسطينيين لم يحصلوا على شيء حتى الآن، ومن هنا رفضت إسرائيل المبادرة الفرنسية التي تتحدث عن مؤتمر دولي حول السلام في الشرق الأوسط وتريد لتفاوض ثنائي فقط أن يستأنف ومصر تتحدث في هذا الاتجاه، وعرفنا ذلك من حديث الرئيس السيسي قبل فترة عندما تحدث عن مفاوضات مباشرة بين الطرفين وطرح ذلك خلال محادثات تمت أثناء زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن إلى القاهرة. هذا ما يمكن لمصر أن تلعبه في الفترة الحالية.
إذاً ترى سيدي أن ترحيب إسرائيل بالمبادرة المصرية ورفضها للمبادرة الفرنسية هو نوع من أنواع المراوغة التي تنتهجها إسرائيل دوما؟
قطعا لأن إسرائيل لا تريد شهودا دوليين عليها ولا تريد مؤتمرا دوليا وهي ذهبت منذ البداية إلى مؤتمر مدريد مجبرة ولا ترى أن هناك ضغوطا عليها تجبرها على هذا الذهاب ومن ثم لابد من تحريك شكلي للموقف تحققه مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مستفيدة من حالة الانقسام بين فتح وحماس، وهي تعودت على هذا النوع من التفاوض الذي يأتي في ركابه التلكؤ وكسب الوقت وإعطاء الوعود ثم التنصل منها وتكون قد كسبت مزيدا من الوقت لبناء المزيد من المستوطنات وجني المزيد من المكاسب وحققت أهداف وجودها في المنطقة.
هذا يأخذني إلى سؤال حول حالة الانقسام الفلسطيني وبما أن مصر تبنت دور الراعي لهذه المفاوضات المباشرة بين فلسطين وإسرائيل، هل ستنجح مصر بالفعل في رأب هذا الصدع بين حركتي فتح وحماس؟:
مصر راغبة في هذا من البداية وتلعب دورا في هذا الاتجاه وتملك أوراقا على طرفي الانقسام، ولكن هناك أطرافا دخلت على الخط وبدأت تؤثر في الجانب الفلسطيني مثل قطر وتركيا وأحيانا كان الجانب الإيراني ومثل هذه التدخلات تؤثر على القرار المصري، ولكن مصر جادة في إنهاء هذا الانقسام الفلسطيني الفلسطيني.
إذاً هل تستطيع مصر تلبية الطلب الإسرائيلي بلعب دور الوسيط في عملية إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حماس؟
قطعا مصر يمكنها من خلال علاقتها مع حماس أن تلعب هذا الدور ولو استجابت حماس لهذا الطلب من مصر ربما تطلب من مصر مقابلا كفتح المعابر وأمورا أخرى عالقة بين مصر وبين السلطة التي تحكم غزة الآن.
كان أيضا من ضمن الملفات التي تم بحثها بين الجانبين في هذه الزيارة الإرهاب و"داعش" في سيناء، في رأيك من ينتظر مساعدة من في هذا الملف؟
اعتقد أن مصر كانت في حاجة لموافقة إسرائيلية على وجود الجيش المصري في مناطق متقدمة في سيناء، على عكس ما تنص عليه اتفاقية كامب ديفيد من أجل التصدي للجماعات التكفيرية والإرهابية والتي استغلت عدم وجود قوات كافية من القوات الأمنية في سيناء، ولو قدر أن تقوم هذه التنظيمات في سيناء ستشكل خطرا على إسرائيل نفسها.
تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل قبل أيام معدودة وهو ملف آخر تم التطرق إليه. إلى أي مدى هذا الأمر مقلق للدبلوماسية المصرية؟
مصر اعتادت منذ زمن على علاقات متنامية بين تركيا وإسرائيل قبل وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا أو بعد وصوله، ومصر اعتادت أن تكون هذه العلاقة هي علاقة استراتيجية وتعاملت مع هذا منذ عقود، وكل ما يشغل مصر هو تأثير تلك العلاقة على الأوضاع في غزة وما إذا كانت تركيا تستغل علاقتها المتنامية بحركات في غزة لا سيما حماس وهو ما يؤثر على الوضع الأمني في سيناء.
تزامن الزيارة بعد عودة نتنياهو من جولته الأفريقية وتصريحه بأن هدفه فتح أفريقيا على إسرائيل، في رأيك هل خلت الزيارة من الحديث عن هذا الملف بعد أن تحدث البعض عما يسمى غياب مصر عن أفريقيا وحضور إسرائيل؟
أنا اعتقد أن هذا الملف هو بيت القصيد وهو المسكوت عنه فيما أعلن رغم أنه قد يكون هو الهدف الأساسي من الزيارة أو محور الحديث الذي دار بين سامح شكري ونتنياهو. أتصور أن تصريحات نتنياهو أقلقت مصر وذهب سامح شكري بحثا عن تطمينات، في وقت مصر تخوض مفاوضات شاقة مع إثيوبيا من أجل تأمين حصتها التاريخية المعروفة من مياه النيل والتي لا غنى عنها.
أجرى الحوار: يوسف عابدين
