تقول الأم المفجوعة لـ"سبوتنيك":
دخل الإرهاب إلى حينا وأخرجونا من منازلنا، لم نرحل إلا عندما بدأ الضرب والتعذيب.
وتكمل أم عبد الله، دخلت مجموعة من المسلحين إلى منزلي وقاموا باعتقال زوجي دون معرفة السبب الرئيسي للاعتقال، فقط قالوا لنا "زوجك مطلوب يا حرمة" فهو موظف في البلدية ويقوم بنقل المعلومات للنظام، بعد يومين من أخذ أبو عبد الله رحمه الله، استدعونا إلى ساحة الحي وقاموا بقتله رمياً بالرصاص أما أعيننا، وأتى بعض الأشخاص وساعدونا على النزوح، خرجنا بدون أن نحمل أية أغراض معنا، وهنا أعطانا بعض أصحاب الخير هذا المنزل المهدم وعدد قليل من البطانيات فقط.
تشرح أم عبد الله ما كانوا يعانون منه من الإرهاب، فتقول "لا أعلم أي نوع من القلب يملكون فلا رحمة ولا شفقة لهم وكل همهم كان القتل والدمار، فالرجل أو المرأة لا تساوي عندهم طلقة خارجة من فوهة بندقيتهم، إضافة إلى احتكارهم للطعام دخلوا إلى المنازل وسرقوا ونهبوا، وحرموا الأطفال من دخول المدارس بحجة أن التعليم لا فائدة منه وأن المناهج التي تدرس هي مناهج تابعة للحكومة السورية وهذا منافي لهم".
تقول أم عبدالله:
حرم الإرهاب أولادي من حنان الأب وابني عبد الله الذي لم يتجاوز 13 عاماً يعمل خياطاً في حي السليمانية من أجل الحصول على بعض الليرات نرد بها الجوع، أحاول كأم أن أعوضهم ولو بالكلمات الطيبة ورسم الضحكات على وجوهم فهم أطفال لا ذنب لهم سواء أنهم خلقوا في زمن موحش.
وعلى الشرفة المطلة على الدمار تقف أم عبد الله مع أطفالها وتتحدث قائلة:
كل البيوت في الحي باتت اليوم تضم عائلتين أو أكثر لعائلات أصدقاء أو أقارب نازحة، لا يوجد حل، فلا يوجد مكان ينامون فيه، نتشارك كل شيء، ونتمنى أن تحل الأزمة وأن تتوقف الحرب فالكثير من الصعوبات تعترضنا فلا ماء ولا كهرباء والبرد القارس لا يرحم أجسادنا.
أوضاع مأساوية وحرمان من أبسط المتطلبات، فالكل يعاني هنا، قد هربوا من الموت الذي يتتبعهم في الحي التي يلجؤون إليها ويبحثون فيها عن مأوى، ومن حظي منهم بمأوى كان منزلا مهدما صغيرا لا يحجب حراً ولا يقي برداً.