عندما نقرأ تصريحات ترامب حول غزو العراق، نتوقع حصول أمور كارثية في العراق، يفضل لو أن ترامب يترك الأمور للحكمة والهدوء، بشكل قريب من السلوك الذي اعتمده باراك أوباما عندما سحب القوات وقام بتهدئة الاوضاع في العراق على العكس مما لو كانت القوات الأمريكية موجودة في العراق ولظهرت هناك قوى سنية وشيعية ودول إقليمية رفعت شعار المقاومة للوجود الأمريكي، ولأستمر العراق بدائرة الفوضى والنزاعات، لكن ترامب يمكن انه يريد اعادتنا الى مرحلة تصحيح الخطأ، وهذا يعني أن هنالك نية سيئة، تتمثل في أن ترامب سيبتكر أسلوبا جمهوريا جديدا، والأسلوب الجمهوري عادة ما يكون خطير في معالجة النزاعات، لأنه عادة ما يفترض القيام بإجراءات جديدة تتضمن إرسال المزيد من القوات ونصب قواعد وتحفيزالمجتمع الدولي والإقليمي لإتخاذ قرارات وتدابير تلائم المصالح الأمريكية في المنطقة، وبالتالي أيضا يفتح بذلك أبواب جهنم على العراق. كذلك إذا أنفتح على قوى إقليمية معينة وأغلق الباب أمام قوى أخرى، أيضا ذلك سيعرض المنطقة إلى هزات سياسية جديدة، من شأنها دفعنا إلى مواجهات أخرى أكثر عنفا مع قوى تدعي المقاومة محلية أو إقليمية، وقوى أخرى ستدخل على الخط إرباكا للمشهد بصورة أكثر، طلبا لطرد القوات الأمريكية التي تسميها محتلة، هذا كله لو قام ترامب باتخاذ هذه التدابير، لكنه اعتقد سيتصرف بطرق أكثر ابتكار، كأن سيضغط على الحكومة العراقية او يضغط على الدول الإقليمية أو يحاول تغيير المسار السياسي في العراق أو يحاول ارسال المزيد من القوات.
وإرسال القوات الأمريكية إلى العراق، سوف يراد منه تصحيح المسار وليس تأكيد مسار غزو العراق، فهو لا يرغب في الإبقاء على المسار الذي وضعه جورج دبليو بوش والغلط الذي وقع فيه، ولا على المسار الذي اختطه أوباما لتصحيح الأوضاع ، فترامب سيعمل على ضرب الموضوعين، أي يعمد إلى إعادة التوازن إلى الوجود الأمريكي في المنطقة وإضعاف الوجود الإيراني بشكل او بأخر، والتدافع أكثر مع روسيا في المنطقة، وذلك كله سيسبب مشكلة للعراق خصوصا أكثر من كونها مشكلة للإقليم، باعتبار أن العراق لم يتعافى من مشاكله ويحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد وإلى المزيد من الإجراءات الاقتصادية التي من شأنها أن تنتشل الإقتصاد العراقي من الكبوة التي وقع بها.
قد لايكون ترامب منشغلا بالهم العراقي وان يتحرك باتجاه تغيير العملية السياسية، أنا لا أعتقد أنه سيذهب بهذا الإتجاه، فلديه ملفات كبيرة وعالقة، ويفتح النار على جميع الاتجاهات. ليس كل ما يقوله ترامب سيطبق على الأرض، ودليل ذلك الجدار العازل على الحدود الأمريكية المكسيكية، رد الرئيس المكسيكي عن هذا الموضوع ببرود قائلا إن هذا الموضوع يتعلق بالولايات المتحدة، وإذا اردت أن تبني جدارا عليها دفع تكاليفه، وكذا الحال بالنسبة لنفقات حلف الناتو، لا أعتقد أن دول أوروبا سوف تدفع هذه النفقات، أعتقد أن الدول الوحيدة المستعدة للدفع هي دول الخليج، لأنها تعتبر الولايات المتحدة هي الحامي لها والمحافظ على مستقبلها، ولا أعتقد أن تقوم دول أخرى بدفع النفقات كالعراق وأوروبا والمكسيك، فهو أمر غير واقعي، وترامب يبعث برسائل ويطلق أشارت لكي يتحسس ردات الفعل ويحصل على أكبر قدر ممكن من الأفكار والتصورات قبيل دخوله إلى البيت الأبيض.
إعداد وتقديم: ضياء إبراهيم حسون
