ويلجأ العراق ومنذ بداية الأزمة النفطية العالمية، إلى الاقتراض من الدول المانحة والبنوك الدولية، لسد العجز الحاصل في ميزان مدفوعاته، واقعا في مأزق وحدة المصادر، التي يعتمد فيها على النفط لناتجه العام، تاركا بقية القطاعات، بلا أي تطوير أو اهتمام.
يقول الخبير الافتصادي، باسم أنطوان، لوكالة "سبوتنيك" عن هذا الموضوع "من المعروف أن العراق يعتمد على الاقتصاد الريعي النفطي، وخلال السنوات الماضية ومنذ سقوط النظام لم يستطع أن يحول اقتصاده إلى إنتاج سياحي أو صناعي أو زراعي، واحتل القطاع التجاري النشاط الأول في البلاد، ومع بدء الأزمة النفطية عانى العراق بشكل كبير من هذه المشكلة، حيث أن موازنته تعتمد بنسبة 95% على النفط. وعلى أثر ذلك، لجأ العراق إلى إصلاحات كبيرة تتناول تخفيض النفقات وإيجاد إيرادات للخزينة وتفعيل دور القطاع الخاص ليأخذ دوره، ولكن هذه الإصلاحات سارت بشكل متعثر، فعلى أرض الواقع لم تسير هذه الإصلاحات كما كانت مكتوبة على الورق، لعدم وجود جهاز إداري يمتلك الخبرة والكفاءة لتنفيذ هذا المشروع. ولذلك وكحلول وقتية يلجأ العراق الآن إلى الاقتراض لتمويل الموازنة وسد العجز وتسديد رواتب الموظفين وغيرها، وهي إسعافات أولية، والحل بتغير الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي وتخفيف نسب البطالة ومعدلات الفقر، يضاف إلى تلك المشكلات مشكلة داعش والنازحين وشراء الأسلحة، لذلك يحاول المجتمع الدولي مد يد العون إلى العراق، وهناك بدأت بعض الاستثمارات تجري ولكن بشكل بطيء، نأمل بعد الانتصار على داعش أن تبدأ الاستثمارات بشكل أكبر ويجري تحويل الاقتصاد العراقي بشكل أكبر".
من جانبه علق أستاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية، الدكتور كريم الفتلاوي، لوكالة "سبوتنيك" على ذلك، بالقول "إن غياب رؤيا اقتصادية بعد حدوث التغيير في النظام من قبل هذه الحكومة الحالية والحكومات السابقة أدى إلى ظهور هذه المشاكل المتمثلة بانخفاض أسعار النفط بالإضافة إلى المصاريف المتعلقة بالحرب، والطبيعة الريعية للاقتصاد العراقي هي من جعلت منه يملك عدد موظفين بحدود الخمسة ملايين موظف. فالاعتماد على النفط كمورد أساسي للميزانية العراقية وعدم تفعيل نظام الضرائب، كل هذه المشاكل دفعت العراق إلى اتباع أسلوب الاقتراض، الذي يملك جانبا اقتصاديا وآخر سياسيا، كما هناك مشكلة السحب من احتياطي البنك المركزي لتغطية النفقات المتزايدة".
وأضاف الفتلاوي "موضوع الاقتراض الذي يسير عليه العراق الآن فهو باعتقادي شيء لابد منه لحل المشكلة الحالية، ولكنه حل ترقيعي، لأن الاقتراض دائما ما يربط وبغض النظر عن الفوائد بالجانب السياسي، لذا عملية الاقتراض عملية غير سهلة ولها جوانب أخرى غير اقتصادية".