يبدو أن احتدام المواجهات الميدانية بين الجيش العربي السوري وحلفائه من جهة، وبين المجموعات الإرهابية المسلحة من جهة أخرى، بشكل غير مسبوق يضع الأوضاع في سورية على أخطر مفترق طرق نحو المسار السياسي، تأتي هذه التطورات في ظل انهيارات واسعة في صفوف المجموعات الإرهابية في مناطق مختلفة من الجغرافيا السورية، والجيش السوري يحقق تقدماً واسعاً في أهم وأخطر مناطق كانت المجموعات الإرهابية المسلحة تسيطر عليها منذ عدة سنوات خلت، سبق ذلك تطورات أزمت الأوضاع بين الدول الضامنة بدءا من عملية الطائرات المسيرة التي هاجمت قاعدتي طرطوس وحميميم تلاها الاعتداءات الإسرائيلية واستدعاء تركيا لسفراء روسيا وإيران، ومطالبتها روسيا بوقف تقدم الجيش السوري نحو إدلب.
ما هي الاستراتيجية العسكرية الجديدة التي يتبعها الجيش السوري وحلفاؤه حتى استطاع تحقيق هذه الإنجازات الميدانية؟
هل جاءت الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على ريف دمشق لإنقاذ ما تبقى من المجموعات الإرهابية المسلحة وما تبقى من أذرعها؟
إلى أي حد تؤثر هذه الاعتداءات على الحالة الميدانية السورية أو تؤخر التقدم وتغير وقائع الميدان؟
صورة الميدان التوسعية التي يحققها الجيش السوري في الشمال بعد الوصول إلى مطار أبو الضهور؟
مخاطر هذه التطورات الميدانية على مناطق خفض التصعيد ما قد يؤدي إلى انفجارها وخروجها عن السيطرة فتعود سورية إلى ما قبل المربع الأول؟
الخبير العسكري الاستراتيجي الدكتور حسن حسن يقول:
"عندما يكون هناك رفعاً للسقوف وتدخل مباشر أمريكي أو إسرائيلي أو تدخل مباشر من قبل أحد الأطراف الدائرة في الفلك الصهيوأمريكي فهذا يعني أن الواقع الميداني للمجاميع الإرهابية المسلحة في وضع لايسر خاطرالمشغل ، لذلك أنا لا أستطيع أن أنظر على سبيل المثال لا الحصر إلى العدوان الأسرائيلي والعربدة الإسرائيلية الأخيرة إلا على أنها محاولة من أجل لملمة الأوضاع ، ولا أقول لإيقاف الإنهيار الشامل ، وإنما الحد من تسارع الإنهيارات ، هناك إنهيار يفوق قدرة المشغل على التعامل مع تداعياته. الكيان الصهيوني حاول أن يفرض قواعد إشتباك جديدة ومعطيات جديدة لكن الواقع يقول بأن الجيش يستطيع العودة إلى المواقع التي كان ينتشر فيها قبل عام 2011 وهذا يترافق مع إنجازات ميدانية غر مسبوقة بإتجاه ريف إدلب، إذاً هناك إنهيار يفوق قدرة المشغل الإقليمي والدولي عن التعامل مع هذه التداعيات".
وأشار الخبير العسكري الإستراتيجي حسن إلى أن:
" الجيش العربي السوري لاينتظر أي إذن من أي كان سواء تركيا أو الولايات المتحدة أو اسرائيل ولاأي أحد غيرهم للتوجه إلى أي نقطة كي يتعامل فيها مع المجاميع الإرهابية المسلحة، لكن في الوقت ذاته هناك واقعية ميدانية تحكم الأداء الميداني تحت ظل الميدانية أو الواقعية السياسية. معطيات الواقع تشير إلى أن هناك تأزم وإستعصاء إستراتيجي في مشروع التفتيت الذي يستهدف المنطقة ، حاولوا تصدير الأزمة إلى إيران وأخفقوا ، وحاولوا أن يعطوا المسلحين نوعا من الدفع الجديد من خلال التصعيد في حرستا بإتجاه إدارة المركبات فبهمة الجيش عاد الوضع إلى ماكان عليه لابل أفضل مما كان عليه قبل ، حاولوا أن يبقوا مثلث ريف إدلب ريف حماه ريف حلب الجنوبي مفتوحا بإتجاه البادية السورية. فكان تحرك الجيش نحو تلك المناطق وتطهير حوالي مئة بلدة ، وعندما يتحرك الجيش نحو مطار أبو الضهور هذا يعني التحكم بشريان تحرك أساسي سواء كان للدولة السورية أو إذا بقى تحت سيطرة المجاميع الإرهابية المسلحة، إذاً الوضع الميداني يتبدل و ليست المشكلة في هذا التبدل لدى اولئك وإنما المشكلة تكمن في السرعة التي يتبد ل بها الوضع الميداني، ليس بإمكانهم إتخاذ الإجراءات التي تمكنهم من التعامل مع هذه التداعيات لذا سمعنا الصوت التركي إرتفع فاستدعت الخارجية التركية السفير الروسي والسفير الايراني ".
ورأي الخبير حسن أن:
"أردوغان تحول في الفترة السابقة إلى ضرورة أمريكية وضرورة روسية ،ومن هنا إذا إستطاعت أمريكا إعادت أردوغان إلى الإصطفاف الأطلسي كرأس للأطلسي فهذا يعني إمكانية خلط الأوراق في داخل سورية، وإذا إستطاعت روسيا أن تأخذ أردوغان إلى حيث تتضمن المصالح التركية فهذا يعني أنه دق المسمار الأخير في نعش المشروع التفتيتي، وأردوغان الذي كان ضرورة منذ شهر أصبح كما يقال كالدجاجة التي ضربت على رأسها فبات لايعلم على الإطلاق أين سيقف ، فيضع رجل تارة عند في المعسكر الأمريكي وأخرى في المعسكر الأخر، ولايمكن أن تكون هناك أي ثقة بأروغان إنطلاقا من الماضي غير المشجع له بدءً من سفينة مرمرة وصولاً إلى منتدى دافوس، ومايخشى أن يكون كل مايقوم به أردوغان قد تم بالتنسيق تحت الطاولة بينه وبين الإدارة الأمريكية وهذا يعني إمكانية الإنقلاب في أي لحظة ، ولكن حسب إعتقادي ووفق وجهة النظر العسكرية الإستراتيجية لا أستطبع أن أفهم استهداف قاعدة حميميم الروسية العسكرية أو نقطة الدعم في طرطوس بناء على طلب المجاميع الإرهابية المسلحة..!! من أين أتت الطائرات المسّيرة؟
من أين انطلقت؟
ومن يقف ورائها؟
هم يريدون إرسال رسالة بقدرتهم على خلط الأوراق بعد كل الإنجازات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه
هم يريدون أن يقولوا بأنهم قادرون على خلط الأوراق وخاصة في مناطق خفض التصعيد.
:وحذر الخبير حسن من أنه
" نحن هنا نصبح أمام لوحة واضحة ، أمام أحد سناريوهين إما الإصطدام المباشر بين الجيش السوري ومن يقف معه ومن يدعمه ومن يقف مع القوات الأمريكية في الرقة من جهة ، ومع القوات التركية بإتجاه إدلب من جهة أخرى وإما العمل على تدوير الزوايا، وهنا تظهر أهمية القدرة على الحسم الميداني للجيش العربي السوري ومن معه ، والمهارة والمهنية والكفاءة العالية للدبلوماسية الروسية بقدر مايتم الإنسجام والتكامل بين هاتين الرافعتين بقدر ماتكون النتائج إيجابية يعني أن أي إنجاز ميداني للجيش السوري ومن معه يمكن للدبلوماسية الروسية أن تستثمر به وأن تنتقل من خطوة إلى خطوة أخرى ، وفي الوقت ذاته أي علاقات جديدة واي تفاهمات تستطيع الدبلوماسية الروسية وأي إختراقات تحدثها الدبلوماسية الروسية في جدار العناد والصلف والعربدة التركية أو غير التركية هو بكل تأكيد سينعكس إيجاباً على أداء الجيش العربي السوري وحلفائه وسيوفر الكثير من التكاليف سواء أكانت بشرية أو مادية.
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق..
إعداد وتقديم نواف إبراهيم
