وكان قد أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في وقت سابق، عزم بلاده فرض جمارك بنسبة 25 بالمائة على السيارات المستوردة وقطع الغيار، الأمر الذي يتوقع أن يلحق أضراراً بدول الإتحاد الأوروبي، بألمانياعلى وجه الخصوص.
الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا التصعيد الإجرائي الأمريكي ضد دول الإتحاد؟
إلى ما تستند الولايات المتحدة في هذه الإجراءات ومن سيتضرر منها أكثر الولايات المتحدة ذات نفسها أم دول الإتحاد الأوروبي؟
هل يأتي هذا التصعيد بعد أن إن طالبت فرنسا بتشكيل جيش أوروبي لحماية نفسها من التبيعية للولايات المتحدة فقررت قطع الطريق بهذا الشكل؟
ماهي الحدود التي تحتملها دول الإتحاد الأوربي تجاه هذه الإجراءات ولماذا تعجز عن الرد على الولايات المتحدة وتكتفي بالتصريحات والتهديد؟
حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا التصعيد الأمريكي ضد دول الإتحاد الأوربي يرى الخبير في شؤون الشرق أوسطية والأوروبية أنطوان شاربنتيي أن
"هذا التصعيد يأتي على خلفية أمران مستجدان على الساحة الدولية وفي العلاقات الأوربية والأمريكية، أولاً هو أن الرئيس دونالد ترامب يشعر بأن الإتحاد الأوروبي يحاول أن يخرج من تحت العباءة الأمريكية ،وهذا الشيء ناتج عن الحرب العالمية الإقتصادية التي أعلنها الرئيس ترامب على الأعداء والحلفاء ومنهم الأوربيون، وشهدنا كيف أجبر ترامب الأوربين على الخروج من السوق الإيرانية دون قيد أو شرط لأنه قرر ضرب المواثيق الدولية بعرض الحائط لخدمة إسرائيل بالدرجة الأولى، وإنسحابه من الإتفاق النووي الإيراني، ومعاملة الرئيس ترامب أوبعض تصرفاته تجاه الأوربيين جعلتهم بعض الشيء يتجهون نحو دول يعتبرها ترامب والأمريكيون دولاً عدوة على الأقل على المدى السياسي كروسيا والصين، وهذا التباين الأوروبي يزعج ترامب كثيراً لأنه يشعره بأنه يفقد السيطرة على حلفائه، بل أوروبا الآن ليست حليفة للولايات المتحدة بل هي خاضعة خضوعا طوعياً وإجبارياً للولايات المتحدة ، والعلاقة بين الولايات المتحدة حاليا لايمكن أن تفهم على أنها علاقة حلفاء لأن الحلفاء لايتعاملون على هذا النحو".
أما بخصوص الإختلاف في المواقف تجاه الأحداث الإقليمية والدولية وخاصة في الشرق الأوسط الذي تبحث دول أوروبا لنفسها عن دور في حلها، ومدى إرتباط طرح ماكرون بتشكيل جيش أوربي مستقل في هذا التصعيد يقول شاربنتيي
وبالسؤال عن ما تستند إليه الولايات المتحدة في إعتماد هذه الإجراءات، ومن هو الطرف الأكثر تضرراً منها يقول شاربنتيي
"إن قادة الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي يغامرون على حساب شعوبهم التي سوف تدفع الثمن باهظاً نتيجة هذه الخلافات والتي هي بالأساس خلافات شخصية. اليوم الولايات المتحدة تستند على تداخلها السياسي والإقتصادي والعسكري في أوروبا، وأوروبا لاتستطيع أن تخرج بهذه السهولة من العباءة الأمريكية. نحن نرى أن دول الإتحاد الأوروبي يشساركون في تطويق روسيا من بلدان البلطيق وأوروبا الشرقية بأمر من الولايات المتحدة، ومن هذا المنطلق الولايات المتحدة إن أرادت أن تضرب دول الإتحاد الأوروبي إقتصاديا ومالياً وأمنيا فهي قادرة، ومن ثم تعرض عليها المساعدة، والولايات المتحدة تستند على هذه المحاور لإزعاج أوروبا وإخضاعها من جديد".
أما بالنسبة للحدود التي تحتملها دول الإتحاد الأوربي تجاه هذه الإجراءات وأسباب عجزها عن الرد على الولايات المتحدة ووإكتفاءها بالتصريحات والتهديد يقول شربنتيي
"اليوم، لسوء الحظ، لا تمتلك أوروبا المرونة أو فرص المناورة. أوروبا تعيش حالياً حالة إقتصادية تعيسة بعض الشيء. أوروبا حتى غير قادرة على دفع مستأخراتها لحلف "الناتو"، فما بالك أنها ستنشىء جيشاَ أوروبياً أو تقاوم الولايات المتحدة وتعاندها. أعتقد أن بعض الواقعية من قبل الرئيس ماكرون وبعض القادة الأوربيين ستكون الصواب بذاته، وأنا لا أقول أنه لايجب الخروج من العباءة الأمريكية، لكن عليهم أن يجدوا البديل. أوروبا تعاني من مشاكل، وترامب إستغل هذه المشاكل للهيمنة من جديد على أوروبا ،وشعوب الإتحاد الأوروبي فقدت منذ زمن ثقتها بقادتها السياسيين، وهذا حال فرنسا في هذه الأيام في ظل الإنحراف السياسي والإقتصادي والإجتماعي، وهذه الحالة يمكن أن نعممها على باقي دول الإتحاد.
في الحقيقة المشكلة الأساسية ليست بين فرنسا ودول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإنما المشكلة هي بين أوروبا وفرنسا وترامب شخصياً، وهذا يجعلنا نرى بأن المشكلة تكمن في الكبرياء لبعض القادة الأوروبيين وترامب، وهذه مشكلة سيكون لها تداعيات سلبية جداً، وأنا أشبهها بعض الشيء بالتداعيات السلبية للحرب العالمية الأولى التي إحتفلنا بمئويتها منذ عدة أيام ".
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم